أخبار عاجلة

"ناصر الجنّ" ينضم إلى قافلة الجنرالات السجناء المغضوب عليهم

أودِع الجنرال عبد القادر حداد، المعروف بلقب "ناصر الجن"، السجن  بعد أسابيع فقط من إقالته من منصبه كمدير عام للأمن الداخلي، أحد أبرز المناصب الحساسة داخل الأجهزة الأمنية الجزائرية، في خطوة تعكس حجم الاضطراب الذي يعيشه هذا الجهاز منذ سنوات، ووسط سلسلة من المتابعات القضائية التي طالت عددا من كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين بالجارة الشرقية.

الجنرال عبد القادر حداد المعروف بـ"ناصر الجن"، الذي ارتبط اسمه بفترة العشرية السوداء بالجزائر، تولى كذلك ملفات التصفيات والمطاردات الأمنية ضد الجماعات المسلحة في التسعينيات، جعلته ملاحقا بتهم ثقيلة تتعلق بالتعذيب والإعدامات خارج القانون، وحولته إلى رمز للقبضة الحديدية التي طُبعت بها تلك المرحلة، ليتم إحالته على التقاعد برتبة عقيد، قبل أن يغادر الجزائر في عهد قايد صالح نحو إسبانيا، على غرار وزير الدفاع السابق خالد نزار، لكنه عاد لاحقا بعد الوفاة المفاجئة لقائد الأركان نهاية 2019، مستفيدا من مرحلة إعادة ترتيب النفوذ بين أجنحة النظام الجزائري.

وفي سنة 2021، تم تعيينه مديرا للمركز الرئيسي للتحقيقات العسكرية في بن عكنون، قبل أن يُرقى على رأس المديرية العامة للأمن الداخلي، وهو المنصب الذي أتاح له العودة إلى قلب صناعة القرار الأمني، وأعاد معه "الأسلوب الصدامي" في التعاطي مع الملفات، لكن هذه العودة القوية ما لبثت أن اصطدمت بحسابات جديدة داخل أجنحة السلطة بقصر المرادية، وانتهت بإقالته يوم 22 ماي الماضي، قبل اعتقاله وسجنه وتوجيه تهم ثقيله له.

ويأتي سجن عبد القادر حداد في سياق سلسلة طويلة من الإطاحات التي شملت جنرالات نافذين، لم يكن آخرهم "ناصر الجن"، حيث سبقته محاكمات لجنرالات كبار مثل وسيني بوعزة، المدير السابق للأمن الداخلي، ومحمد بوزيت المعروف بـ"يوسف"، الرئيس الأسبق لمديرية التوثيق والأمن الخارجي، إلى جانب بن ميلود عثمان، الملقب بـ"كمال كانيش"، والعقيد نبيل بوبكر الملقب بـ"بوب"، الذي اشتغل بدوره في جهاز الأمن العسكري، حيث صدرت في حق بعض هؤلاء أحكام بالسجن بلغت عشرين سنة، ما يعكس حدة الصراع داخل الدولة ومركزية الأجهزة الأمنية في هذا المسلسل المفتوح من التصفيات.

ويعكس واقع الجهاز الاستخباراتي الجزائري اليوم، حالة التقلب والفوضى المؤسساتية، فقد شهدت المديرية المركزية لأمن الجيش (DCSA) وحدها ستة تغييرات على مستوى القيادة بين 2019 و2023، في حين تعاقب ستة مدراء على مديرية التوثيق والأمن الخارجي (DDSE) منذ صعود الثنائي تبون - شنقريحة إلى سدة الحكم، حيث أن هذه الوتيرة السريعة من التغييرات، والتوقيفات التي تنتهي غالبا باعتقالات والسجن، أنتجت حالة من انعدام الثقة داخل الأجهزة، وجعلت جنرالات الجزائر يشتغلون تحت ظلال الشك والتوجس، ما سيؤدي لامخالة تفكك بنية القرار الأمني بالجارة الشرقية .

ومنذ إزاحة الفريق محمد مدين، المعروف بالجنرال"توفيق"، عن رأس المخابرات الجزائرية في 2015، دخلت المؤسسة الاستخباراتية الجزائرية في سلسلة من التفكيك لم تنجح إلى اليوم في إعادة هيكلتها بالرغم من محاولات تبون وشنقريحة لإعادة فرض عقيدة "جديدة" على الجهاز، إلا أن تعدد شبكات الولاء، ووجود جنرالات ذوي خلفيات متباينة بينهم رجال "العشرية السوداء"، جعل هذا الجهاز ساحة دائمة لصراع قد يشمل مؤسسات أمنية وعسكرية أخرى.

النيابة العامة الجزائرية وجّهت لـ"ناصر الجن" تهمًا ثقيلة، أبرزها إخفاء أسلحة حربية وذخائر في أماكن غير مرخصة، وإتلاف وثائق عسكرية حساسة، والتخابر مع جهات أجنبية وتسريب معلومات سرية من شأنها الإضرار بالأمن القومي، وهي تهم تضعه في خانة أخطر الجنرالات الملاحقين منذ بداية حملة التطهير التي شهدتها المؤسسة العسكرية الجزائرية.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات