أخبار عاجلة

بعد سبات عميق أحزاب سياسية جزائرية تطلق مبادرة مشتركة للتضامن مع غزة

دعت عدة أحزاب سياسية جزائرية إلى فتح الفضاءات العمومية أمام المواطنين في مختلف ولايات الوطن للتعبير عن تضامنهم الجماعي مع الشعب الفلسطيني، ورفضهم لسياسات التجويع والتهجير والاحتلال.

وتكتسي هذه الدعوة أهمية خاصة هذه المرة بانضمام حزب جبهة التحرير الوطني، أكبر أحزاب الموالاة في البلاد، إلى قائمة الموقعين على البيان السياسي المشترك الصادر عن اجتماع عقد بمقر حركة مجتمع السلم، يوم الاثنين 28 تموز/ يوليو خصص للتشاور حول سبل دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته.

وجاء في البيان أن الأحزاب المجتمعة تدعو لفتح الفضاءات العمومية لتنظيم الوقفات والتجمعات ومختلف الفعاليات التي يشارك فيها كل أطياف المجتمع في كل الولايات للتعبير عن الموقف الجماعي الجزائري الرافض للتجويع والتهجير والاحتلال والقيام بدوره في التضامن والنصرة، وتحويل الفعاليات الثقافية والفنية إلى فرصة للتضامن مع الشعب الفلسطيني في محنته الراهنة.

كما عبّرت الأحزاب عن إدانتها الشديدة للجريمة المستمرة في غزة، وخصوصًا استخدام التجويع كسلاح ضد المدنيين، واعتبرت ذلك انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، مطالبة بتصنيف هذه الممارسات كجرائم حرب وإبادة جماعية تستوجب المتابعة الدولية.

وجددت تضامنها الكامل مع نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، داعية كل القوى الحية في العالم إلى التصدي للمشروع الصهيوني الاستعماري.

وانتقد البيان بشدة صمت المجتمع الدولي وعجز المؤسسات الأممية عن وقف المجازر اليومية، واعتبر أن هذا الصمت يمثل خيانة أخلاقية وإنسانية مدانة من طرف شعوب العالم، مشددًا على ضرورة تحريك المساءلة في كل المنابر والمحاكم الدولية، وتحميل المسؤولية للدول الداعمة للاحتلال.

وثمّن الموقعون الموقف الرسمي للدولة الجزائرية، ودعوا إلى تعزيز الجهود الدبلوماسية والإنسانية، والاستمرار في إرسال القوافل الإنسانية والطبية، واستقبال الأسرى والمصابين في المستشفيات الجزائرية، والعمل عبر المنظمات الإقليمية والدولية للضغط من أجل وقف العدوان وفك الحصار.

كما شدد البيان على ضرورة تحرك عربي وإسلامي عاجل لوقف المجازر، مندّدًا بمواقف بعض الأنظمة، خاصة دول الطوق، التي تواطأت بالصمت أو التطبيع، وأشاد في المقابل بحراك الشعوب الحرة وقواها المجتمعية والنقابية التي تواصل تنظيم فعاليات الدعم والإغاثة والضغط الشعبي لكسر الحصار.

ودعت الأحزاب إلى تحويل الفعاليات الثقافية والفنية إلى منابر تضامنية مع الشعب الفلسطيني، وأعلنت عن استمرار لجنة الاتصال والمتابعة الدائمة المشكلة من ممثلي الأحزاب الموقعة، لمواصلة التنسيق في هذا السياق.

واختتم البيان بالتأكيد على أن الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ليس ظرفيًا، بل هو واجب وطني وإنساني وأخلاقي، وأن الجزائر ستبقى كما كانت دائمًا حصنًا للمستضعفين وقلعةً للمقاومة، وأن الشعب الجزائري بكل مكوناته سيظل وفيًا للقضية الفلسطينية حتى التحرير.

وقد وقّع على البيان كل من: جبهة التحرير الوطني، حركة مجتمع السلم، حزب الفجر الجديد، حركة النهضة، تجمع أمل الجزائر، حزب الكرامة، جبهة الحكم الراشد، حركة البناء الوطني، حزب العمال، صوت الشعب، جبهة الجزائر الجديدة، جبهة العدالة والتنمية، حزب الحرية والعدالة، واتحاد القوى الديمقراطية والاجتماعية.

تنسيق مع ممثلي الفصائل الفلسطينية

وسبق هذا الاجتماع آخر، تم عقده مع ممثلي فصائل المقاومة الفلسطينية في الجزائر، يوم الأربعاء الماضي، تطرق إلى آخر المستجدات الميدانية والسياسية والإنسانية المرتبطة بمعركة “الطوفان”، وتطورات الأوضاع في الضفة الغربية والقدس والمناطق المحتلة عام 48.

وخلال اللقاء، عبّر ممثلو الفصائل عن تقديرهم الكبير للموقف الجزائري الرسمي والشعبي والحزبي الثابت إلى جانب الشعب الفلسطيني، مؤكدين تطلعهم لاستعادة زخم التفاعل الحزبي مع القضية الفلسطينية وتعزيزه في جميع المستويات.

كما جرى التشاور بشأن آفاق دعم وتطوير هذه المواقف، لا سيما في ظل استمرار الدور الدبلوماسي والسياسي الجزائري على الساحة الدولية نصرة للحق الفلسطيني، مع الإقرار بأن هذا الدور، رغم أهميته الاستراتيجية، لا يكفي بمفرده للجم الاحتلال، في ظل اختلال موازين القوى داخل النظام الدولي.

وأكد المجتمعون ضرورة توسيع مساحات العمل الحزبي والشعبي في مختلف المجالات لدعم القضية، من بينها المساندة الإغاثية والمالية المنظمة، وتعزيز أشكال الدعم الشعبي الميداني الذي يكرّس صمود الشعب الفلسطيني، مع ضرورة استمرار التعبير عن التضامن ورفض الجرائم ضد الإنسانية وعدم القبول بعزل غزة عن محيطها العربي والإسلامي.

وشدد الطرفان على أهمية تفعيل أدوات المواجهة الممكنة، لا سيما في مجالات المقاطعة، التحرك القانوني، الإعلام والفضاء الرقمي، المبادرات النوعية والفعاليات النخبوية، بما يوازي حجم الجرائم المرتكبة على الأرض ويُجهض مخططات الاحتلال الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية، لا سيما في الضفة الغربية والقدس.

وضم وفد الفصائل الفلسطينية كلاً من حركة حماس، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية. أما الوفد الجزائري فضم ممثلين عن أحزاب: جبهة التحرير الوطني، تجمع أمل الجزائر، حركة مجتمع السلم، صوت الشعب، حركة البناء الوطني، حزب العمال، الحكم الراشد، جيل جديد، جبهة الجزائر الجديدة، الوسيط السياسي، جبهة العدالة والتنمية، حزب الكرامة، طلائع الحريات، حركة النهضة، الاتحاد الوطني من أجل التنمية، وتكتل الحصن المتين.

جدل حول منع المسيرات

وتأتي هذه الدعوة لفتح الفضاءات العمومية أمام المواطنين للتعبير عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني، في سياق جدل متصاعد أعقب منع مسيرات في العاصمة الجمعة الماضية، وتوقيف عدد من الناشطين الذين شاركوا في مظاهرات خرجت مباشرة عقب صلاة الجمعة بعدد من أحياء الجزائر العاصمة. وقد استجاب المتظاهرون حينها لنداءات أطلقتها المقاومة الفلسطينية تدعو إلى جمعة غضب عربي دعماً لغزة ورفضاً لسياسة الحصار والإبادة.

وشهدت مناطق مثل الجزائر الوسطى تجمعات متفرقة رُفعت خلالها شعارات منددة بالعدوان ومؤكدة على وحدة الموقف الشعبي مع القضية الفلسطينية، في ظل حضور أمني مكثف وتدخل قوات الشرطة لتفريق المحتجين. وقد أفاد ناشطون بتوقيف عدد من المشاركين تم إطلاق سراحهم بعد ساعات، فيما اعتبرت أطراف سياسية أن “هذا المنع لم يعد مقبولا”، داعية إلى رفع الحظر عن التظاهر السلمي والتعبير الشعبي.

ورغم المواقف الرسمية في الجزائر المنخرطة بقوة في دعم القضية الفلسطينية على مستوى مجلس الأمن وخطابات المسؤولين، توجه دعوات متزايدة للسماح بتنظيم مسيرات كبرى دعما للقضية الفلسطينية في العاصمة حيث الصدى يكون كبيرا. وتفرض السلطات إجراءات مشددة منذ فترة الحراك الشعبي، قبل الحصول على اي رخصة لتنظيم مظاهرة في العاصمة.

وفي مقال له، ردّ الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، على مخاوف البعض من حدوث الانفلات الأمني في حال تنظيم مسيرات من أجل فلسطين، واصفاً هذه المخاوف بـ”الشبهة المردودة”.

وذكر مقري أن الجزائريين خرجوا في مسيرات عديدة غير مرخصة خلال الحراك الشعبي لمدة عامين في العاصمة وفي أغلب ولايات البلاد دون أن تسجل أي حالات انفلات أمني، حتى عندما تحول الحراك إلى ساحة صراع بين أجنحة داخل السلطة، مشيراً إلى أن المشاركين، من مواطنين وزعماء سياسيين، تحلّوا بالمسؤولية وضبط النفس.

واستعرض السياسي الإسلامي تجارب سابقة للمسيرات السلمية التي شارك فيها الجزائريون من أجل قضايا مثل غزو العراق، ومناصرة فلسطين، ومناهضة التزوير، والتنديد باستغلال الغاز الصخري، والمطالبة بالانتقال الديمقراطي، ورفض الانتخابات الرئاسية لعام 2014، لافتاً إلى مشاركة شخصيات سياسية بارزة في تلك التحركات، دون أن يؤدي ذلك إلى اضطرابات أو انزلاقات.

وأوضح أنه حتى في حالات المواجهة بين المتظاهرين والأجهزة الأمنية، لم يحصل أي انفلات، وأن تلك الوقفات الاحتجاجية، بما في ذلك التي نُظمت أمام السفارة الأمريكية، تركت أثراً إيجابياً على المستويين الشعبي والسياسي، وأوصلت رسائل واضحة إلى المعنيين، إضافة إلى ما وفرته من راحة ضمير ورمزية للنشطاء المشاركين.

وأكد مقري أن هذه المواقف جرت في سياقات أمنية شديدة التعقيد، خلال سنوات الإرهاب، وفي ظل صراعات داخل السلطة، وتحرشات أجنبية تفوق في خطورتها ما يشهده الوضع حالياً.

وتساءل: “كيف يُعقل أن تكون تلك المسيرات مقبولة ومشرفة في السابق، بينما تُعامل اليوم كخطر أمني جسيم، يُجرَّم فيها الداعون والمشاركون، وتُفتح بشأنها ملفات أمنية، وتُمارَس ضغوط إعلامية وسياسية ضدها؟”.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات