ما زالت الجهات التشريعية والتنفيذية في الدولة عاجزة عن إيجاد حل لمشكلة وجود حكومتين تعملان في ذات الوقت في البلاد، رغم التحذيرات بالانقسام والتصعيد التي تزامنت مع طرح رئيس حكومة باشاغا للميزانية الخاصة بحكومته.
ورغم طرح كل من رئيس حكومة الوحدة الوطنية ورئيس حكومة الاستقرار المعين من البرلمان مجموعة من المبادرات، إلا أنها وصفت بالغير واقعية لعدم تضمنها إرضاءات للطرف المستبعد دائماً، في حين يستمر باشاغا بالدعوة لحوار شامل .
ففي آخر تصريحات رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، فتحي باشاغا، دعا إلى إجراء حوار شامل في إطار المصالحة الوطنية، يستهدف كل القوى السياسية والمجتمعية والعسكرية الراغبة في تأسيس حياة مدنية راسخة.
وقال باشاغا إن الحكومة المكلفة تطلق تلك المبادرة لتوسيع رقعة التواصل والمشاركة مع الجميع، ورغبة في أن ينعكس ذلك على توحيد الجهود، والاستعداد لمرحلة البناء والإعمار، في ظل اعتبار اقتتال الأخوة خطاً أحمر لا يمكن المساس به، حسب كلمته في مؤتمر صحافي عقب عقد الاجتماع الثاني للحكومة بمدينة درنة .
وتابع باشاغا أن المبادرة للتوافق على بعض القيم والمبادئ الوطنية، موضحاً أن الحكومة تمد يدها للتواصل مع كل التيارات والأحزاب والتكتلات السياسية ومنظمات المجتمع المدني، كما ترغب في توسيع قاعدة الحوار مع المشايخ والأعيان والحكماء في كل المدن، خصوصاً من كان لهم دور مميز في المصالحات وفض المنازعات التي جرت خلال الفترة الماضية.
وقال إن الحكومة الليبية تقر بأن الثوار والكثير من القوى العسكرية كان لهم الفضل والكلمة الفصل في مقاومة الاستبداد والحرب على الإرهاب وترى أن هذه الجهود لا بد أن تستمر وتنصب في جهود استعادة الدولة وإعادة بنائها، ومن هنا تحرص الحكومة على فتح نقاشات وحوارات مع قادة التشكيلات العسكرية لردم هوة الخلاف مع البعض، وتبديد المخاوف وتوضيح برنامجها للبعض الآخر.
كما دعا مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي والمؤسسات العسكرية والأمنية للعمل مع الحكومة المكلفة من أجل إعادة المهجرين والنازحين إلى مناطقهم.
وقال باشاغا إن عدم اللجوء إلى العنف ومنع أي مواجهات بكل أشكالها، واحترام الشرعية الليبية وما نتج عن الأجسام التشريعية من قوانين وإجراءات، والعفو والمصالحة وطمر الماضي مع الالتزام بعدم ارتكاب أي تجاوزات في المستقبل .
وكشف باشاغا عن أهداف مبادرته، والتي يأتي في صدارتها الحفاظ على السيادة الليبية، ومنع التدخل الأجنبي بجميع أشكاله ومن كل الأطراف، وتحقيق تطلعات الشعب الليبي في إجراء الانتخابات .
وتشمل أهداف المبادرة أيضاً بناء المؤسسات الأمنية والمدنية والبناء الصحيح حسب المعايير الدولية، والتعاون التام من قبل الجميع في محاصرة الفساد وإيقاف هدر المال العام لانتعاش الاقتصاد الوطني وتحسين الخدمات للمواطنين، وفق كلمة باشاغا.
جاء ذلك بعد أيام من إعلان وزير التخطيط والمالية في الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب أسامة سعد حماد، عن تسليم مقترح الميزانية العامة للعام المالي 2022، تمهيداً لإحالته لمجلس النواب لمناقشته وإقراره.
وقال الوزير في بيان له إنه تم عرض ومناقشة وتسليم مقترح الميزانية العامة للعام المالي 2022 خلال اجتماع برئاسة رئيس الحكومة فتحي باشاغا، ورئيس اللجنة المالية المكلف بقرار من مجلس الوزراء، خالد الأسطى، وعضوي اللجنة، محمد فرحات، وحمدالمنيسي .
وكشف الوزير أن الميزانية المقترحة تبلغ قيمتها الإجمالية 94 ملياراً و830 مليوناً و515 ألفاً و200 دينار ليبي، وتتوزع على أربعة أبواب.
كل هذه التصريحات جاءت في ذات الوقت الذي يستمر فيه إيقاف التصدير والإنتاج جزئياً من الحقول والموانئ النفطية، حيث قال وزير النفط والغاز، محمد عون، إن إنتاج ليبيا من النفط الخام يقدر بحوالي 650 ألف برميل يومياً بينما يقدر إنتاج الغاز بحوالي ملياري قدم مكعب يومياً.
وأضاف “عون” في تصريحات خاصة لوكالة سبوتنيك الروسية أن إنتاج الخام لم يستأنف بعد، وأن الحقول والموانئ المغلقة هي حقول شركة الزويتينة للنفط وأكاكوس والسرير وبعض حقول شركة مليتة للنفط والغاز وحقول شركة سرت لإنتاج وتصنيع النفط والغاز.
وبشأن اجتماع “أوبك+” الذي عقد منذ أيام ومسألة زيادة إمدادات الغاز إلى أوروبا لتغطية العجز العالمي بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، أكد “عون” ألا أحد طلب زيادة إنتاج ليبيا، وأن البلاد لن تكون قادرة على الزيادة قبل 5 سنوات خاصة أن الإمكانات لا تسمح بذلك حالياً.
وقال وزير النفط والغاز إن وقف النفط لم يتم من طرف قطاع طرق وإن اللجنة التي شكلتها الوزارة ما زالت تتواصل مع كل الأطراف، وأشار إلى أنه لا يوافق على حجب الإيرادات من طرف المؤسسة الوطنية للنفط ولا يعتقد أن المؤسسة سيكون في مقدورها حجب الإيرادات. كما جاءت تصريحات باشاغا واجتماع مجلس الوزراء تزامناً مع تعليق مجلس النواب جلسته االثلاثاء، التي عقدها بمدينة طبرق وذلك بعدما قرر التصويت على عقد جلسة خلال الفترة المقبلة في سرت، على ما أفاد الناطق باسم المجلس عبدالله بليحق في تصريح صحافي.
وقال بليحق إن مجلس النواب استمع خلال جلسته الرسمية لإحاطة عن أعمال لجنة تعديل مسوَّدة الدستور في اجتماعات القاهرة، دون أن يوضح طبيعة المناقشات ورؤية الأعضاء لاجتماعات المسار الدستوري التي تجرى برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، التي ستستأنف في 15 مايو الجاري.
تعليقات الزوار
لا تعليقات