تبدو تغطية الإعلام الغربي «الفاضحة» و «المتحررة» للحرب الروسية-الأوكرانية أهم ملمح فيها.
فقد كشف الصحافيون الغربيون عن عنصرية واضحة في توصيفهم للحرب ومقارنتهم «حضارة» أوكرانيا و«تخلف» الآخر في النزاعات الأخرى في العالم. وكالعادة فحروب أوروبا المحلية هي عالمية الطابع، واللاجئون فيها مختلفون كما بدا في القصص التي نقلها طلاب وطالبات أجانب عن تعامل الأمن الأوكراني وحرس الحدود البولنديين مع «الملونين» الأفارقة باعتبارهم غير مرغوبين ومنح اللاجئين الأوكرانيين الأولوية في ركوب القطارات وعبور الحدود، والترحيب بهم من قبل أوروبا التي قالت صحيفة «واشنطن بوست») 28/2/2022) إنها فجأة باتت مرحبة باللاجئين بعدما حول الساسة واليمين المتطرف أزمة اللجوء إلى قضية تحكم في الانتخابات الوطنية والعامة في كل أوروبا. ولم تفلت التعليقات العنصرية معظم مراسلي الشبكات الكبرى ومحاولة مقارنة الحرب في أوكرانيا، بحروب الآخرين في الشرق الأوسط، وأفغانستان، فمن يهربون منها غير مرغوبين مقارنة مع لاجئي أوكرانيا الذين تفضلت عليهم حكومات أوروبا ومنحتهم تأشيرات عمل وإقامة لمدة ثلاثة أعوام.
إرهاب عن إرهاب
ولعل الجانب الأكثر سخرية في تغطية الإعلام الغربي وفصله الصحافي جوناثان كوك في مقال بموقع «ميدل إيست أي» (4/3/2022) وقال فيه إن الصحافيين صفقوا لتسليح الميليشيات وصناعة المدنيين قنابل المولوتوف وهي أعمال كانوا يعدونها إرهابية عندما تتعلق بحروب أخرى. وقال «من المدهش كيف قام الصحافيون الغربيون بمن فيهم بي بي سي الحذرة بتغطية متملقة ومخجلة لصناعة نسوة قنابل المولوتوف في شوارع العاصمة كييف» وأصبحت صناعة القنابل البدائية فعلا «مغريا» على الأقل عندما يتعامل معك الإعلام بأنك «أبيض، أوروبي ومتحضر» وهو أمر سيدهش الآخرين في حركات المقاومة المعروفة وبخاصة في الشرق الأوسط التي وجدت نفسها موصومة بالإرهاب لو عملت نفس الشيء. ويرى كوك أن عدم قدرة الصحافيين الغربيين حبس مشاعرهم الجياشة الداعمة للمدنيين الأوكرانيين سيثير جنون الفلسطينيين المحشورين في قفص بنته إسرائيل حولهم في غزة ولعقود. ويصنع سكان غزة قنابل المولوتوف ولكنهم لا يستطيعون الاقتراب من الجيش الإسرائيلي ولهذا يرسلون بالوناتهم الحارقة في الجو لكي تحرق الحقول الإسرائيلية المحيطة بغزة، ولم يحتفل أحد من صحافيي بي بي سي بفعل «المقاومة» الذي نفذوه. بل تم لوم حكومة حماس في غزة التي صنفت بريطانيا جناحها السياسي كحركة إرهابية العام الماضي. ويعاني سكان غزة من حصار مستمر منذ 15 عاما، وعندما يتظاهر الأطفال والنساء ويرمون الحجارة على الجنود قرب الحدود يتلقون الرصاص. وعادة ما يظهر الإعلام الغربي قلقا بين فترة وأخرى على القتلى والجرحى برصاص القناصة، لكنه لم يظهر نفس القلق الذي أظهره مع الأوكرانيين. وغزة لا جيش لها مقارنة مع أوكرانيا التي يسلحها الغرب. بل وحجبت صحيفة «الغارديان» رسام الكاريكاتير ستيف بيل عندما حاول تصوير الممرضة رزان النجار التي قتلت وهي تساعد الجرحى قرب الحدود في غزة. بل واعتبرت الصحيفة أن الرسم الذي يظهر رئيسة الوزراء في حينه تيريزا مي وهي تستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهم يضحون برزان يوحي بمعاداة السامية. ومن المفترض أن يتردد الإعلام في تشجيع السكان العاديين لمواجهة الجيوش النظامية تجنبا للضحايا، وتم خرق هذه القاعدة في الحرب الأوكرانية الحالية. وهو ما يشي بازدواجية المعايير في أعلى حالاتها. ومن المستحيل الزعم بأن الصحافيين جاهلون، فهم في معظمهم من المخضرمين الذين غطوا نزاعات الشرق الأوسط من شوارع بيروت ونابلس وبغداد وحلب وطرابلس. ويعلق كوك أن بريطانيا والدول الأوروبية الأخرى قررت تغذية النزاع في أوكرانيا بإرسال الأسلحة التي ستؤدي لمزيد من القتلى. وكان من المتوقع أن تقوم الصحافة بفحص تداعيات هذه الأخلاقية والنفاق ولم يحدث. وفي الحقيقة لا تعمل الصحافة فقط كجماعات ضغط لتسليح أوكرانيا بل وتشجع المواطنين للمشاركة في القتال. وكان هذا واضحا بعدما أبعد 10 داونينغ ستريت نفسه عن تصريحات وزيرة الخارجية ليز تراس التي دعت المتطوعين الإنضمام لما اطلق عليه «الفيلق الدولي» الأوكراني. وهو موقف يتناقض مع ما مارسته الحكومة مع الذين تركوا بريطانيا وشاركوا في نزاعات بالشرق الأوسط، وكان نصيبهم تجريدهم من جنسيتهم وتركوا في مخيمات الهول وروج في سوريا. كل هذا لم يمنع بي بي سي من السفر إلى إيسكس ومقابلة «ووزا» الذي يبيع الملابس العسكرية للمتطوعين المتوجهين إلى أوكرانيا، وهو فعل لم ينظر إليه إرهابيا مقارنة مع ما يلقاه المتضامنون مع فلسطين ودعاة المقاطعة للبضائع الإسرائيلية التي صنفت في أوروبا وأمريكا كجماعة إرهابية.
بوق الحكومات
ومن الواضح ان الإعلام البريطاني والغربي بشكل عام يعكس مواقف الحكومة المعارضة لما يجري في غزة، حتى في الأمور المتعلقة بإدخال الإسمنت لبناء الجيب الذي دمرته حروب السنوات الماضية، ويتم التعامل مع المزاعم الإسرائيلية بدون تحقق بأنه سيستخدم للأغراض العسكرية. وفي مسائل الشرق الأوسط يفقد الإعلام موضوعيته، ويتم تكبير المزاعم الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية. وفشل الإعلام الغربي في الشرق الأوسط متعدد الجوانب: مثل زعم إسرائيل دعوتها الفلسطينيين الذين طردتهم عام 1948 بالعودة وأن قوات صدام حسين أخرجت الأجنة من الحاضنات في الكويت، وأن الزعيم العراقي تعاون مع القاعدة وأن جنود معمر القذافي تناولوا الفياغرا لاغتصاب نساء بنغازي وأن الروس دفعوا مكافآت مقابل قتل الجنود الأمريكيين في أفغانستان. وحظيت التقارير الخادعة والمفبركة باهتمام عناوين الأخبار كأداة دعاية ليتم سحبها بعد ذلك بهدوء. ونفس الأمر يحدث في الحرب الروسية- الأوكرانية، فالرواية الرسمية من كييف تحظى بتغطية واسعة ويتم أخذ ما تقوله بدون مساءلة، حتى يعلن الأوكرانيون أنهم قتلوا أكثر من 9 آلاف جندي روسي في أسبوع واحد أو عندما ينشرون فيديو دعائي عن سحق الغزاة الروس ووعد الحكومة بمنح كل واحد منهم ميدالية بطولة. ولم صدقنا إعلام روسيا، فإن الشريط هو عن 82 جنديا أوكرانيا استسلموا. وفي مثال آخر قام طيار أوكراني وصف بشبح كييف بإسقاط طائرات ومروحيات روسية.
لا نريد تغيبر النظام
وتحفل منصات التواصل الاجتماعي بالتضليل الإعلامي وهو ما تصفه إدارة جو بايدن بتقديم المعلومات للروس من أجل دفعهم لتغيير النظام، طبعا حسب مجلة «بوليتكو» (3/3/2022) فهذا ليس دعوة لتغيير النظام، بل ومحاولة لتأجيج الغضب الروسي على زعيمهم «المجنون» و«المعزول» و«المنفصم عن الواقع» والذي لن يرضى بأوكرانيا وحدها بل ودول البلطيق، وهي أمور كما تقول صحيفة «نيويورك تايمز» (4/3/2022) إن كبار المسؤولين في البيت الأبيض، الذين يصممون استراتيجية لمواجهة روسيا، يتعاملون معها كمخاوف جديدة ويناقشونها بهدوء: من أن سلسلة العقوبات الموجهة ضد موسكو، والتي اكتسبت سرعة أكبر مما كانوا يتصورون، تحاصر الرئيس فلاديمير بوتين وقد يدفعه ذلك إلى الهجوم، وربما توسيع الصراع إلى ما بعد أوكرانيا. ووصفت الصحيفة في تقرير آخر إنجازات الجيش الأوكراني ضد الجيش الروسي وأنه يتعلم بسرعة ويتكيف مع الوضع الميداني. واستطاع إبطاء تقدم الجيش الروسي نحو كييف. وهي وإن اعترفت أن مقاومة الأوكرانيين لن تطول أمام قوة روسية ضاربة إلا أنها لم تفسر تقدم الروس وسيطرتهم على خيرسون في جنوب البلاد واستمرار القصف المكثف على كييف وخاركيف ثاني أكبر مدن البلاد بل واستمرار العملية العسكرية كلها. ولا يجد القارئ في كل التغطيات الإعلامية بحثا موضوعيا عما يجري في الميدان. وكما يرى سايمون جينكنز في صحيفة «الغارديان» (4/3/2022) فالحرب في مراحلها الأولى يطلب فيها من المنطق التنحي جانبا ويتم التركيز على الشجاعة، وتصبح أي دعوة للتنازل أو الدبلوماسية خيانة.
لن يتوقف حتى نوقفه
ومن هنا انعكس الموقف الأمريكي والناتو في معظم تغطيات الصحف الغربية، فنحن أمام حرب قد تتحول إلى عالمية لو لجأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الأسلحة النووية. ورأت مجلة «إيكونوميست» (5/3/2022) أن هناك حاجة لوقف بوتين عند حده، وأن مقاومة الشعب الأوكراني للقوات الروسية الغازية تعتبر إلهاما للعالم ولكنها ليست مقبولة لبوتين الذي يريد الانتصار في الحرب مهما كلف الأمر حتى لو استخدم السلاح النووي. وقالت إن أسبوعا من الحرب ليس كافيا لوقفها، لأن الرئيس الروسي لن يسحب قواته بسهولة. و«منذ البداية كان واضحا أن هذه حرب تصعيد- وهي كلمة مخففة لواقع قد يكون قذرا وكارثيا. وفي معناها القاسي فالتصعيد يعني أنه مهما فعل العالم، يهدد بوتين بمزيد من العنف والدمار حتى لو عنى هذا اللجوء إلى السلاح النووي. ولهذا فهو يؤكد على العالم بضرورة التراجع وهو يشحذ سكينه للمذبحة. ولن ينسحب العالم لأن ترك أوكرانيا لقدرها سيكون خطأ ولأنه أيضا لن يوقف بوتين هناك». ولكن الغرب يريد دعم أوكرانيا والمتطوعين ولا يريد إرسال قواته إلى هناك، وبحسب بايدن فقد كان بوتين مخطئا في تقديره أن الغرب سيسكت على غزوه أوكرانيا «وكنا مستعدين» كما جاء في خطاب حالة الاتحاد يوم الثلاثاء، ولجأت إدارة بايدن والاتحاد الأوروبي إلى العقوبات الاقتصادية والمالية والتي استهدفت البنوك وحرمان روسيا من استخدام سويفت، ولكنها استثنت قطاع الغاز والنفط التي ارتفعت أسعارهما لمستويات لم تشهدها منذ عقد. ولم يعلن الروس عن خططهم في الحرب ولم ينشروا انتصاراتهم مثلما فعلت أوكرانيا ورئيسها الذي يصدر تصريحات كل يوم، والسبب كما ترى «نيويورك تايمز» ان الروس لم يطلقوا على عمليتهم «حربا» بل عملية خاصة قال الرئيس الروسي إنها تجري حسب المخطط لها، ومشكلة العمليات الخاصة أنها قد تتحول إلى تورط في المستنقع كما حدث مع الأمريكيين في فيتنام.
بلد كبير
ومشكلة روسيا أن أوكرانيا بلد تعداد سكانه أكثر من 40 مليون نسمة، وهناك نسبة عالية منهم ترفض هيمنة روسيا، وخاصة بعد احتلال القرم ودونباس في شرق البلاد. وتطويع قوة غازية لبلد سيكون صعبا، وهو أمر يقود للتساؤل حول طريقة نهاية الحرب. ونشرت في الأيام الماضية عدة تقارير استعادت حروب بوتين الماضية وأنه شحذ أساليبه في الشيشان عام 1999 وجورجيا عام 2008 وسوريا عام 2015 وربما لجأ لنفس الأساليب التدميرية، ولاحظ المعلقون الأمريكيون أن موسكو على خلاف تلك الحروب لم تستخدم قوتها العسكرية والسيطرة أولا والتخلص من قيادة أوكرانيا التي تحولت إلى بطلة تقاتل الشرير بوتين. ودعا ديفيد إغناطيوس في «واشنطن بوست» الرئيس الروسي لوقف إطلاق النار بدلا من التصعيد والهدنة بعدما فشلت في اتخاذ المبادرة بالساعات الأولى ومنحت الأوكرانيين الفرصة لإبطاء العملية. والسؤال إن كان بوتين سيضرب أوكرانيا بنفس البربرية التي ضرب فيها غروزني، جورجيا وسوريا؟ ام أن قادته سيرفضون بسبب الصلات السلافية بين البلدين. ويعول من يقرأ مآلات المعركة الحالية على آثار العقوبات ومواقف الروس الرافضة للحرب واستمرار مقاومة الأوكرانيين كعامل قد ينهي المواجهة بالفشل، النصر أو الدبلوماسية. وقرأ توماس فريدمان في «نيويورك تايمز» (1/3/2022) نهاية الحرب في ثلاثة سيناريوهات: الكارثة الكاملة، التسوية القذرة والخلاص. ففي الأول استخدام القوة المفرطة وتدمير المدن وقتل المدنيين حتى يحقق الرئيس الروسي ما يريد. وفي الثاني عدم تحقيق بوتين أهدافه ويتوصل لتسوية تتنازل فيها أوكرانيا عن المناطق الشرقية لروسيا وتتعهد بعدم الإنضمام للناتو. أما الأخير وغير المحتمل فهو انتفاضة الشعب الروسي ضد بوتين والتخلص منه. ورأت صحيفة «وول ستريت جورنال»(2/3/2022) أن هناك عدة متغيرات قد تحسم الحرب الحالية، منها الجيش الغازي الذي وإن لا يشبه الجيش الأحمر الذي غزا أفغانستان عام 1979 إلا أن فشله بالفوز يعني ثمنا سياسيا على بوتين. وهناك الرد المحلي أو مقاومة الجيش الأوكراني، الذي طالما صمد فسيكون من الصعب على موسكو تشكيل حكومة دمية. ولا ننس الرد المحلي الروسي وثمن العقوبات وكذا محادثات السلام التي تعتمد نتائجها على ما تم تحقيقه على الأرض والرد الغربي وكيفية تعامله مع الغزو كحدث غير العالم وأنتج عقدا جديدا. فالمعلقون كما في مقال بمجلة «ذي أتلانتك» (1/3/2022) يرون أننا أمام لحظة محورية في أوروبا التي توحدت لمواجهة ديكتاتورية بوتين وغير حسابات ألمانيا التي باتت محاربة وأشعلت التظاهرات في كل أنحاء العالم. وهو كلام قيل في حرب الخليج الأولى وبعد هجمات 9/11 مع أن النظام الدولي الذي نظمته أمريكا وحلفاؤها في مرحلة ما بعد الحرب الباردة يتداعى نظرا للانعزالية الأمريكية التي بدأت في عهد باراك أوباما وتمظهرت أكثر في ظل دونالد ترامب وبدت واضحة في سحب بايدن غير المنظم لقواته من أفغانستان. وليس غريبا أن تتردد دول حليفة لواشنطن في الشرق الأوسط اتخاذ مواقف واضحة من الحرب، فإسرائيل ودول في منطقة الخليج خائفة من إغضاب الدب الروسي، وتجد تركيا نفسها أمام امتحان صعب في علاقاتها مع موسكو، ويبدو أنها حسمت موقفها كعضو في الناتو وأغلقت مضيق البسفور والدردنيل أمام البوارج الروسية. أما الدول التي تحاول اللعب على الحبلين مثل الإمارات فقد تضطر تحت الضغط لتغيير موقفها وستتخلى السعودية عن مقاومتها المطالب الأمريكية بزيادة أسعار النفط لو اعترف بايدن بولي العهد، وهو ما ألمحت به المقابلة الطويلة مع محمد بن سلمان في مجلة «ذي اتلانتك» وهذه الدول لا تملك الخيار مهما كانت علاقتها مع روسيا كما قال ديفيد غاردنر في صحيفة «فايننشال تايمز»(2/3/2022).
بروباغندا
وستظل الحرب في أوكرانيا مناسبة للباحثين لدراسة طريقة الإعلام الغربي الذي تبنى العملية الدعائية لحكوماته باسم الكشف عن الدعاية الروسية. واللافت أن بريطانيا التي تعتبر في مقدمة الداعين لعقاب بوتين لم تتسامح مع قناة روسية مؤيدة لبوتين «روسيا اليوم» وانتظرت 20 عاما كي تتحرك ضد المال الروسي «القذر» في حربها ضد القيصر الروسي الذي صور بهتلر وستالين وغير ذلك من الإستعادات التاريخية. وكمثال عن الحماس الإعلامي ما كتبه المعلق في «ميل أون صاندي» دان هودجز الداعي لفرض منطقة حظر جوي فوق أوكرانيا والذي رفضته حكومة جونسون (المتقمص دور تشرتشل) لأنه يضع أوروبا في مواجهة مباشرة مع روسيا، ولكنه لم يرعو وكتب أن الرفض هو «فعل ترضية لا يختلف عن ترضيتنا لهتلر عام 1938» وليس غريبا أن يعرض فيلم «ميونيخ: على حافة الحرب» في الشهر الماضي. وكمثال عن النفاق ما تردد في الإعلام عن جرائم الحرب واعتبار بوتين وزمرته مجرمي حرب وأن التقاعس عن محاكمتهم جريمة، لكن لم يتهم أحد كوندوليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية عن غزو العراق رغم قولها «عندما تغزو بلدا ذا سيادة فهذه جريمة حرب» فما الفرق بين العراق وفعل بوتين في أوكرانيا، فهما جريمتا حرب. وما دمنا في العراق فقد صفق الصحافيون لضربات «الصدمة والترويع» على أهل بغداد، ولم يتحرك أحد للتعاطف مع القصف الروسي الذي لا يرحم لحلب ولكنه تعاطف مع القصف الروسي على خاركيف. بالمحصلة لا يمكن التفريق بين معاناة الناس في الحروب فهم وقودها وهم الذين يدفعون ثمنها الباهظ ويشردون في فيافي الأرض، لكن الإعلام الغربي في تصنيفاته يعطي درجات لجوء «خمسة نجوم» للاجئين الأوكرانيين «ذوي العيون الزرق، الشقر» و «الأوروبيين» وهو تعبير عن نفاق كامل. إنها نفس اللعبة العنصرية «أخيار» و «أشرار» والزعم بوحدة الأطلنطي تعني وهم استعادة السيطرة على العالم.
إبراهيم درويش
تعليقات الزوار
متتبع
لم نر في حرب اكرانيا اي تفجير في تجمعات بشرية و مساجد و لا اسواق و لم نر اصحب العمائم يحرضون على من يخالفهم الرأي و لم نر عبوات ناسفة و لا احزمة ملغمة ...لعل هذا ما يقصده الصحافيون الغربيون و لعلنا نحن نحاول ان نحجب الشمس بالغربال كما يقال