أعلنت حركة “أنصار الله” (الحوثيون)، الخميس، استشهاد رئيس هيئة أركان قواتها، اللواء الركن محمد عبد الكريم الغماري، مع عدد من مرافقيه ونجله حسين (13 عاما)، متوعدةً إسرائيل بـ”جزاءٍ رادع”، من دون أن توضح زمان أو مكان استهدافه.
وقال زعيم حركة “أنصار الله” عبد الملك الحوثي، في كلمة متلفزة، “نؤكد للعالم وللعدو الإسرائيلي ولإخوتنا في فلسطين حضورنا المستمر وجهوزيتنا الدائمة لعمليات الإسناد في حال عاد العدو الإسرائيلي إلى عدوانه”، مضيفا أن “القاعدة مع العدو هي: إن عدتم عدنا، ونحن مستمرون على هذا الأساس وواثقون بنصر الله”.
بالتوازي، أصدر رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط، قرارا بتعيين اللواء الركن يوسف حسن إسماعيل المداني رئيسًا لهيئة الأركان العامة في وزارة الدفاع.
وأوضح المتحدث العسكري باسم الحركة، العميد يحيى سريع، في بيان، أن “الشهيد اللواء الركن محمد الغماري ارتقت روحه، وهو في سياق عمله الجهادي وأداء واجبه الإيماني شهيدا سعيدا ضمن قافلة العظمات الشهداء على طريق القدس”.
وقال سريع إن “جولات الصراع مع العدو لم تنتهِ، وسيتلقى العدو الصهيوني بما ارتكبه من جرائم جزاءه الرادع حتى تحرير القدس وزوال الكيان”.
وأضاف: “لم تتوقف العمليات العسكرية ولم تهدأ الصواريخ والمسيّرات ولم تتأثر المنظومة العسكرية، بل استمرت بنفس الوتيرة بل وأشد بأسا وتنكيلا بالعدو المجرم”.
وتابع: “بلغ إجمالي العمليات التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية (758) عملية نفذت بعدد (1835) ما بين صواريخ باليستية ومجنحة وفرط صوتية وطائرات مسيرة وزوارق حربية”.
وأردف سريع: “وبالمثل نفذت القوات البحرية عملياتها ضد السفن الإسرائيلية والمنتهكة للحظر اليمني على الملاحة الإسرائيلية بعدد (346) عملية في مسرح العمليات الممتد من البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن والبحر العربي والمحيط الهندي تم فيها استهداف أكثر من (228) سفينة”.
وأضاف: “تمكنت دفاعاتنا الجوية خلال معركة طوفان الأقصى من إسقاط (22) طائرة استطلاع أمريكي إم كيو تسعة وإطلاق (40) عملية تصدي لطيران العدو بمختلف تشكيلاته وصولا لقاذفات القنابل الإستراتيجية بأكثر من (57) صاروخا”.
ونعت فصائل المقاومة الفلسطينية الغماري. وفي بيان عسكري، قالت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس): “نحن على ثقةٍ بأن هذه الشهادة المباركة لن تزيد إخوان الصدق إلا قوةً وثباتا وعنفوانا وتصميمًا على السير في طريق القدس حتى النصر والتحرير”.
وأعربت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين عن شعورها “بفخرٍ كبيرٍ بامتزاج الدم الفلسطيني واليمني في مقاومة الاحتلال والدفاع عن مقدساتنا”.
أما الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فقالت في بيانها إن “الشهيد الغماري أثبت بالفعل والعمل والتضحيات أن دعم غزة واجب قومي وإنساني، وأن الموقف من فلسطين وإسناد غزة هو معيار العروبة والأصالة والكرامة”.
وفي أول رد فعل إسرائيلي، قالت النسخة الإنكليزية من صحيفة تايمز أوف إسرائيل إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تباهى عقب إعلان الحوثيين، وأصدر مكتبه بيانا جاء فيه: “ستصل يد إسرائيل الحازمة إلى كل من حاول إيذاءنا وجعل تدمير إسرائيل هدفه”.
وصرّح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأن الغماري قُتل نتيجة غارة إسرائيلية استهدفت قادة الجماعة في أغسطس/آب الماضي، وأسفرت عن مقتل رئيس وزراء الحوثيين وحوالي اثني عشر مسؤولًا رفيعا آخر، مشيرا إلى أن الغماري أُصيب بجروح قاتلة في الهجوم.
وأضاف كاتس أن إسرائيل ستتخذ إجراءات مماثلة “ضد أي تهديد في المستقبل أيضا”.
وقالت الصحيفة إن إسرائيل نفّذت محاولة اغتيال سابقة ضد الغماري ومسؤولين كبار آخرين من الحوثيين في 12 يونيو/ حزيران، وأشارت التقارير حينها إلى أن الغماري نجا من الهجوم لكنه أُصيب بجروح بالغة.
“إن عدتم عدنا”
أكد عبد الملك الحوثي، في كلمته المتلفزة، حضور جماعته “المستمر وجهوزيتها الدائمة لعمليات الإسناد في حال عاد العدو الإسرائيلي إلى عدوانه”، مضيفًا أن “القاعدة مع العدو هي: إن عدتم عدنا، ونحن مستمرون على هذا الأساس وواثقون بنصر الله”.
وأوضح أن رئيس هيئة الأركان استشهد وهو “متوجٌ بإسهامه الكبير في إطار الإسناد اليمني لغزة”، مشيرًا إلى أن “الشعب اليمني تحرك وهو لا يخشى إلا الله، رغم السقف الأمريكي الذي حاول أن يفرضه ليستفرد بالشعب الفلسطيني”، مؤكدًا أن “شهداء الحكومة في طليعة شهداء الشعب اليمني، وعلى رأسهم رئيس الوزراء”.
وقال الحوثي إن “ميزة جبهة الإسناد في اليمن هي التحرك الشامل الرسمي والشعبي، وهو تحرك متحرر من السقف الأمريكي وفي إطار الواجب الديني”.
وأضاف أن “عمليات الإسناد بالصواريخ والطائرات المسيّرة، والعمليات البحرية، استمرت بشكل كبير وبزخم مهم وفق الإمكانات المتاحة”، مشيرًا إلى أن “النجاحات التي تحققت على مستوى العمليات البحرية واضحة ولها تأثيرها الكبير وأهميتها الإستراتيجية”.
وأكد أن “الأمريكي دخل في عدوان على بلدنا إسنادًا للعدو الإسرائيلي في جولتين متتابعتين بالشراكة مع بريطانيا”، موضحًا أن “الولايات المتحدة سعت مع إسرائيل وبريطانيا بكل جهد ضد اليمن، واستخدمت وسائل قتالية متطورة، وجلبت خمس حاملات طائرات خلال الجولتين”.
وأضاف الحوثي أن “العدو الأمريكي استخدم على مستوى سلاح الجو طائرات B-2 وB-52 ومختلف أنواع القنابل والصواريخ لاستهداف موقف اليمن”، لافتًا إلى أن “العدو الأمريكي نفذ مع البريطاني ومعه الإسرائيلي نحو ثلاثة آلاف غارة وقصف بحري”.
وأشار إلى أن “العمليات البحرية اليمنية كانت ناجحة جدًا، وأسهمت بدور مهم للغاية”، مؤكدًا أن “الأعداء لم ينجحوا في تدمير القدرات، ولا في الحد من العمليات، ولا في الضغط للتوقف عن الإسناد”.
وفي ما يتعلق باتهام عاملين في منظمات دولية بالتجسس، قال الحوثي: “نحن على ثقة تامة من الحقائق المتعلقة بالخلايا المنتسبة إلى المنظمات، ونمتلك عليها كل الدلائل”.
وتشنّ أنصار الله هجمات متكررة بالصواريخ والطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، كما تستهدف منذ نوفمبر/ تشرين الثاني من العام نفسه السفن المرتبطة بإسرائيل أو المتجهة إليها، مؤكدة أن ذلك يأتي “تضامنا مع قطاع غزة”، الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي بدعم أمريكي منذ السابع من أكتوبر 2023.
وردا على تلك الهجمات، شنت إسرائيل منذ 20 يوليو/ تموز 2024 عدة غارات على منشآت حيوية وبُنى تحتية للطاقة في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن، ما أسفر عن خسائر بشرية ومادية كبيرة.
وفي 28 أغسطس/ آب، استهدفت غارات إسرائيلية اجتماعًا حكوميًا بصنعاء، وأعلن الحوثيون لاحقًا مقتل رئيس حكومتهم وتسعة وزراء ومسؤولين اثنين في رئاسة الوزراء.
كما استهدفت غارات إسرائيلية، في 10 سبتمبر/ أيلول الجاري، مناطق متفرقة في العاصمة صنعاء ومحافظة الجوف، وأسفرت عن استشهاد 46 شخصا بينهم 32 صحافيا وإعلاميا، وجرح 165 من المدنيين، وفق معطيات رسمية في صنعاء.
وكان آخر هجوم إسرائيلي معلن على اليمن بتاريخ 26 سبتمبر/ أيلول الماضي، واستهدف مناطق متفرقة وإصلاحية للسجناء في العاصمة صنعاء، وتسبب في استشهاد تسعة أشخاص وإصابة 174.
تعليقات الزوار
لا تعليقات