أكد مندوب فلسطين لدى جامعة الدول العربية، السفير مهند العكلوك، أن المطلوب اليوم من المجتمع الدولي هو الانتقال إلى التضامن العملي مع الشعب الفلسطيني، «بعد سبعة وسبعين عاماً من التضامن النظري الذي لم يوقف جرائم الاحتلال ولم ينهِه».
وشدد العكلوك، في حديث مع «القدس العربي»، على ضرورة فرض العقوبات على إسرائيل، ومراجعة جميع أشكال العلاقة معها، وإدراج المنظمات الإرهابية الإسرائيلية على قوائم الإرهاب الوطنية والدولية والإقليمية.
وكان العكلوك شارك في فعالية اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي نظمته الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في العاصمة المصرية الأحد، بحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ومندوبي وممثلي الدول العربية الأعضاء، وممثلي الأمم المتحدة والأزهر والكنيسة المصرية، إلى جانب ممثلي المنظمات العربية والدولية ولفيف من الشخصيات العامة.
وتأتي الفعالية التي عقدت في مقر الجامعة العربية استجابة لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر سنة 1977 بإحياء هذا اليوم سنوياً، و»لتجديد تأكيد عدالة القضية الفلسطينية والتضامن مع الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع من أجل إنهاء الاحتلال، وتحقيق الحرية والاستقلال وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية».
وأكد أبو الغيط في كلمة ألقاها خلال الفعالية أن القضية الفلسطينية تمر اليوم بأصعب مراحلها، مشيراً إلى أن «الاحتلال الإسرائيلي محا مجتمعات من الوجود وظهر بوجهه البشع، وكشفت جرائمه زيف من يتحدثون عن القيم عبر مواقف مخزية».
وقال إن «استدامة الاحتلال مستحيلة دون توظيف الإجرام»، مشير إلى أن الأطفال الفلسطينيين سُرقت منهم أعوام كان يجب أن تكون مخصصة للتعلم واللعب.
وأضاف أن العامين الماضيين شهدا بطولة الشعب الفلسطيني، حيث «برزت بطولة التمسك بالأرض حتى النفس الأخير، كما برزت عزلة إسرائيل حتى من أقرب حلفائها، في الوقت الذي خرجت فيه مظاهرات غير مسبوقة من عواصم أوروبا دعماً للحق الفلسطيني».
وأشار إلى أن «معاناة الفلسطينيين لم تقتصر على غزة، بل امتدت إلى الضفة، حيث تصاعدت هجمات المستوطنين العنيفة. ورغم قسوة الظروف».
وشدد على أن «مشروع الدولة الفلسطينية لم يمت، وأن الاعترافات الدولية بفلسطين تواصلت، من بينها اعتراف دول كان لها دور في دعم إسرائيل».
وقال إن إسرائيل «روجت لفكرة ساذجة مفادها أن على العالم نسيان القضية الفلسطينية مقابل التطبيع، لكن التطورات أثبتت أن قضية فلسطين هي قلب الشرق الأوسط وهي أساس استقراره».
وأضاف أن «إعلان نيويورك الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمد مساراً يفضي إلى قيام دولة فلسطينية، ثم جاءت خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتحقق اتفاق وقف إطلاق النار، ومن ثم قرار مجلس الأمن الذي يُؤمَل أن يفضي إلى حق تقرير المصير».
وشدد على أن قرار مجلس الأمن مهم، و»ترجمته إلى واقع تتطلب انسحاباً إسرائيلياً من غزة وإعادة إعمارها وإحباط مخططات الاحتلال لالتهام الأرض»، مؤكداً أن «المخطط الذي كان يستهدف الأرض وطرد الشعب الفلسطيني فشل».
وشدد أبو الغيط على أن «خطط إسرائيل الرامية إلى الفصل بين الضفة وغزة لن تنجح، وأن المشروع الوطني الفلسطيني لن ينتهي، لأنه يستند إلى دعم عربي صلب، بينما الاحتلال مهما كان بطشه فهو إلى زوال».
وختم مؤكداً أنه لن يكون هناك سلام شامل إلا بإقامة الدولة الفلسطينية.
كلمة فلسطين
وألقى السفير العكلوك كلمة دولة فلسطين، وقال «إن الشعب الفلسطيني يدعو العالم إلى التضامن مع الفلسطينيين ومع القانون الدولي الذي انتهكته إسرائيل»، مشيراً إلى أن «ربع مليون فلسطيني هم ضحايا الإبادة الجماعية المباشرة في غزة، مع استمرار إسرائيل في استخدام التجويع ضمن جريمة الإبادة». وأضاف أن «الاحتلال يواصل في الضفة سياسات الاستيطان والسيطرة على 82 في المئة من مساحتها، بينما يحمي جيش الاحتلال المستوطنين إلى جانب هجماته في مدينة القدس».
وأوضح أن حكومة الاحتلال «ما زالت تسن قوانين عنصرية ضد الأسرى، وأن صمت العالم عن الاحتلال جعل إسرائيل تتحول إلى قوة ارتكاب إبادة جماعية». وتساءل قائلاً: «بعد كل هذه الجرائم، هل إسرائيل دولة محبة للسلام وملتزمة بالقانون؟ مجيباً أن الإجابة لا، وأن إسرائيل لا تستحق أن تكون عضواً في المنظومة الدولية».
وأضاف أن «النظام الدولي الذي لا يجبر إسرائيل على وقف جرائمها هو نظام ضعيف، وأن التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني يتطلب خطوات عملية، منها دور المحكمة الجنائية الدولية واعتقال (رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتنياهو ومقاطعة منظومة الاحتلال»، مؤكداً أن «ما يُبنى على الباطل فهو باطل». كما دعا إلى حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، قائلاً إن «بوابة السلام هي نهاية الاحتلال».
أبعد من التضامن النظري
وفي حديث مع «القدس العربي»، على هامش مشاركته في الفعالية، قال العكلوك «إن المطلوب اليوم هو التضامن العملي بعد سبعة وسبعين عاماً من التضامن النظري الذي لم يوقف جرائم الاحتلال ولم يُنه الاحتلال».
وبرأيه فإن «التحول المطلوب يتمثل في فرض العقوبات على إسرائيل، ومراجعة كل أشكال العلاقة معها، وإدراج المنظمات الإرهابية الإسرائيلية على قوائم الإرهاب الوطنية والدولية والإقليمية».
وأضاف ردا على سؤال «القدس العربي» إن « 160 دولة اعترفت بدولة فلسطين، وإن الشعوب التي هتفت «فري بالستاين – فلسطين حرة»، مدعوة اليوم لاتخاذ خطوات عملية ذات أثر قانوني واقتصادي وسياسي ودبلوماسي».
وأكد أن «جريمة الإبادة الجماعية ما زالت مستمرة، لأن أهداف إسرائيل ما زالت قائمة، ومنها حلم تهجير الشعب الفلسطيني».
وقال إن القتل ما زال مستمراً وإن كان بوتيرة أقل، موضحاً أن «وتيرة الإبادة تباطأت لكنها لم تنته».
وقال إن الأمم المتحدة اتخذت أكثر من ألف قرار يتعلق بفلسطين، لكنها تحتاج إلى دول لتنفيذها.
وأشار إلى أن 160 دولة، من بينها أربع دول من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، ودول من الاتحاد الأوروبي، «تتحمل مسؤولية الطرف الثالث الذي يفترض أن يلزم إسرائيل باحترام القانون الدولي وإنهاء الاحتلال غير القانوني»، فـ»التضامن الشكلي لا يجدي نفعاً، بينما التضامن عبر خطوات سياسية وقانونية واقتصادية ودبلوماسية هو الطريق الفعّال لدعم الشعب الفلسطيني».
ودعا العالم إلى «إدراك أن إسرائيل دولة غير محبة للسلام وغير ملتزمة بميثاق «الأمم المتحدة»، وبالتالي لا تستحق عضويتها».
وطالب بالتعامل مع نظام الفصل العنصري الإسرائيلي ونظام الإبادة كما جرى التعامل مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، بما يؤدي إلى وقف الجرائم الإسرائيلية.
وتحدث السفير لـ»القدس العربي» عن الفعاليات التي تنظمها فلسطين بالتنسيق مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بما في ذلك الندوة الخاصة بالأسرى، والمعرض الفني الذي افتتح بحضور الأمين العام والسفراء، مؤكداً أن الأعمال الفنية المشاركة صادرة من المعاناة ومن الإبادة، وأن الفنانين المشاركين هم من الناجين من جرائم الإبادة الجماعية.

تعليقات الزوار
لا تعليقات