جددت رابطة أهالي ضحايا ترهونة مطالبتها بمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان في المدينة، معربة عن استيائها من استمرار حالة الإفلات من العقاب.
جاء ذلك خلال اجتماع نظمته البعثة الأممية وحضره ممثلون عن المجلس الرئاسي، ووزارات الخارجية والعدل والداخلية والدفاع، ومكتب المدعي العام العسكري، والهيئة العامة للبحث والتعرف عن المفقودين، والمجلس الوطني للحريات العامة وحقوق الإنسان.
وأوضحت الرابطة أنه رغم التقدم المتمثل في إصدار المحكمة الجنائية الدولية 6 مذكرات توقيف واعتقال اثنين من المشتبه بهم، لم يُحل أيٌّ منهم إلى لاهاي بعد، لافتة إلى أنها لا تشكك في نزاهة القضاء الليبي وقدرته، لكن حالة عدم الاستقرار وما يصاحبها من ضعف في السلطة التنفيذية تدفعها للمطالبة بإحالة المطلوبين إلى المحكمة الجنائية الدولية.
واشتكى أعضاء الرابطة من انضمام بعض المتهمين إلى قوات أمنية أو هروبهم لدول مجاورة، وأشار آخر إلى «تسهيل هروبهم من السجون التي كانوا محتجزين فيها عقب العملية الأمنية الأخيرة في العاصمة».
من جهته، أكد عميد بلدية ترهونة، محمد الكاشر، أن «الخوف من انتقام عناصر الكانيات يُثني المواطنين عن تقديم شهاداتهم وبلاغاتهم للسلطات المعنية».
وفي السياق، كشفت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عن توقف أعمال حفر المقابر الجماعية في ترهونة لما يقرب من العامين، مشيرة إلى أن ذلك يعيق التحقيقات ويُشوّه أيضًا أدلة الحمض النووي الأساسية، فيما لا يزال مصير 66 ضحية مجهولًا وفق بيان نشرته عبر منصاتها الإعلامية مساء الأحد.
كما أكدت تحقيق بعض التقدم بشأن ترهونة رغم المعوقات، حيث أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في تشرين الأول/ أكتوبر 2024، ست مذكرات توقيف تتعلق بالجرائم التي حدثت في ترهونة.
ومنذ ذلك الحين، أُلقي القبض على اثنين من المشتبه بهم، ولكن لم يحل أيٌّ من المهتمين إلى لاهاي بعد.
ونبهت البعثة إلى أن أعمال حفر المقابر الجماعية توقفت لما يقارب العامين، مما يُعيق التحقيقات ويُشوّه أيضًا أدلة الحمض النووي الأساسية. ولا يزال مصير 66 ضحية مجهولًا.
وقال ممثل عن نيابة مسلاتة العسكرية الجزئية، وهي النيابة العسكرية المختصة بقضايا ترهونة وضمن نطاقها الجغرافي، إن النيابة تلقت أكثر من 1,200 قضية، معظمها جرائم قتل واختطاف وتعذيب.
وفي حين أن النيابة ملتزمة بالمضي قدمًا رغم كل الظروف، أكد أن أوامر الاعتقال الصادرة عن النيابة العسكرية تواجه تحديات في تنفيذها من قبل السلطة التنفيذية بسبب الانقسام السياسي.
وشهدت مدينة ترهونة في فترة ما بين عامي 2013 و2020 اختفاء أو خطف مئات الأشخاص في المدينة عندما كانت تحت سيطرة ميليشيات «الكانيات»، وفقًا لتحقيقات بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.
وأفادت التقارير أن المزيد قُتلوا دون محاكمة أو احتُجزوا ظلماً وتعرضوا للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، كما جرى اكتشاف أكثر من 20 مقبرة جماعية.
وفي آذار/ مارس من العام الجاري دعت منظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا واللجنة الدولية للحقوقيين كلاً من مجلس حقوق الإنسان الدولي والبعثة الأممية إلى للتحرك العاجل لإنشاء ولاية لتحقيق المساءلة وأخرى لرصد انتهاكات حقوق الإنسان والإبلاغ عنها.
وشدد الجانبان في ورقة مشتركة على ضرورة تقديم المساعدة التقنية للسلطات الليبية وبناء القدرات لتمكينها من متابعة عمل بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا، التي أنشأها المجلس في يونيو 2020 من أجل التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها جميع الأطراف منذ بداية العام 2016.
وأشار البيان إلى استمرار وتفاقم الانتهاكات الحقوقية في ليبيا بعد مرور سنتين على انتهاء ولاية البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا.
وقال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في اللجنة الدولية للحقوقيين سعيد بنعربية إن السلطات الليبية تفتقر إلى الإرادة السياسية الضرورية لضمان المساءلة عن الانتهاكات الجسيمة والمنهجية لحقوق الإنسان التي شهدتها البلاد في الماضي ولا تزال مستمرة اليوم.
وأضاف: «من دون اتخاذ إجراءات عاجلة، ستبقى ظاهرة الإفلات من العقاب مستشرية في البلاد، الأمر الذي يزيد من تفاقم حالة حقوق الإنسان المتردية أصلاً، ويحرم الضحايا من إمكانية الولوج إلى العدالة والحصول على سبل الإنصاف الفعالة. لذلك، من الضروري أن يجرى إنشاء آلية متابعة من أجل سد فجوة المساءلة في ليبيا».
والعام الماضي، كشفت المحكمة الجنائية الدولية عن مذكرات اعتقال بحق 6 أعضاء في ميليشيات «الكانيات» متهمين بارتكاب جرائم حرب وكانوا متحالفين مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وقالت المحكمة، في بيان، إنها قررت إزالة السرية عن المذكرات التي صدرت العام الماضي.
وذكرت أن المستهدفين الستة بهذا الإجراء هم: عبد الرحيم الكاني، ومخلوف دومة، وناصر مفتاح ضو، ومحمد الصالحين، وعبد الباري الشقاقي، وفتحي الزنكال.
ووجهت للستة تهم ارتكاب جرائم حرب تشمل القتل، والتعذيب والمعاملة القاسية والعنف الجنسي، كما اتهم بعضهم بالاغتصاب.
وأشارت المذكرات إلى أنهم ارتكبوا هذه الجرائم في مدينة ترهونة (90 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس) التي سيطرت عليها لفترة قوات حفتر.
رابطة أهالي ضحايا ترهونة تطالب بمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان

تعليقات الزوار
لا تعليقات