تشهد العاصمة الموريتانية نواكشوط هذه الأيام حدثاً اقتصادياً هو الأبرز في البلاد، مع انطلاق فعاليات النسخة السابعة من مؤتمر ومعرض موريتانيد 2025 للطاقة والمعادن.
وجمعت هذه التظاهرة التي يحتضنها قصر المؤتمرات «المرابطون» تحت سقف واحد، صناع القرار وكبرى الشركات الدولية العاملة في مجالي الطاقة والمعادن، إضافة إلى خبراء وباحثين من مختلف القارات.
ويأتي انعقاد هذا الملتقى تحت شعار «موريتانيا أرض الفرص: تعزيز طاقة المستقبل عبر تطوير مشاريع المعادن الاستراتيجية والغاز والطاقة»، ليجسد الطموح الموريتاني في تحويل ثرواته الطبيعية الهائلة إلى رافعة تنموية، وليضع البلاد في قلب خريطة الاستثمار العالمي، خاصة مع التوجه المتزايد نحو الطاقات النظيفة والهيدروجين الأخضر.
وقد تميز حفل الافتتاح بمشاركة رسمية رفيعة، وخطابات سلطت الضوء على المناخ الاستثماري والإصلاحات التشريعية التي تعكف الحكومة على إرسائها.
وخلال الجلسة الافتتاحية، لم يخفِ الرؤساء التنفيذيون للشركات العالمية إعجابهم بمناخ الاستثمار في موريتانيا، مؤكدين استعدادهم لمواكبة مشاريعها الطموحة.
ولم يخلُ المؤتمر من توقيع اتفاقيات مهمة؛ فقد وقّع وزير الطاقة الموريتاني اتفاقيتين، الأولى مع شركة صينية مدرجة في بورصة هونغ كونغ (UEG)، والأخرى مع شركة HYNFRA البولندية المتخصصة في إنتاج الأمونيا.
وتستهدف الاتفاقيتان تطوير مشاريع لإنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء، ما يعزز موقع موريتانيا في خريطة الطاقة العالمية. ورسم تجاني تيام، وزير المعادن والصناعة، ملامح رؤية جديدة للقطاع، متعهداً بتحويل موريتانيا إلى وجهة مؤثرة في إفريقيا والعالم عبر استراتيجية جريئة مدعومة بالتحول الرقمي والتكنولوجيا.
وأكد الوزير أن الحكومة الموريتانية في صدد مراجعة شاملة لقانون الاستثمار المعدني، وفتح صفحة جديدة شعارها «التحديث، الابتكار، والاستمرارية». ولخص الرؤية الحكومية في أربع نقاط، هي: تعزيز المحتوى المحلي، وخلق فرص عمل للشباب، وتطوير الكفاءات الوطنية، وحماية البيئة.
وأضاف أن «قطاعه ليس مجرد رافعة اقتصادية، بل أداة لبناء شراكات دولية متينة، وتجسيد لقيم موريتانيا في الانفتاح والتفاعل مع الأمم». وقال: «موريتانيا ليست فقط بلد المعادن والطاقة، بل هي أرض الموارد والفرص، حيث كانت على الدوام مركزاً للثروات، وهي تسعى اليوم لجعل تلك الثروات قاعدة لشراكات أكثر إنسانية ودواماً».
و أكد رئيس الاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين محمد زين العابدين الشيخ أحمد، أن هذا المنتدى بات واحداً من أبرز الأحداث الاقتصادية في المنطقة، معبّراً عن التطور الملحوظ في بيئة الأعمال بموريتانيا وانفتاحها على الاستثمارات الدولية.
وأشار إلى أن إشعاع موريتانيا على المستويين الإفريقي والدولي تجسده استضافة مؤتمر بهذا الحجم، ما يعكس متانة موقعها الجيو اقتصادي وجاذبيتها كوجهة استثمارية واعدة، مبرزاً في الوقت ذاته دور القطاع الخاص في دعم جهود التنمية المستدامة.
وفي السياق ذاته، ثمّن ماهيش بابو، ممثلاً لشركة Spire Events، مستوى الخدمات والتعاون الذي حظيت به بعثته خلال التحضير للمؤتمر، موجهاً الشكر للسلطات الموريتانية على الجهود الكبيرة التي بُذلت لضمان نجاح الحدث.
وأكد أن هذا المستوى من التنظيم يعكس إرادة حقيقية في تقديم صورة إيجابية عن البلاد، ويثبت قدرتها على احتضان فعاليات دولية كبرى بكفاءة واحترافية.
أما غوردون بيريل، نائب الرئيس التنفيذي للإنتاج والعمليات في BP International، فأشاد بالتقدم الكبير في مشروع حقل الغاز «آحمييم – السلحفاة»، الذي قال إنه تحول خلال عامين فقط من مجرد حلم إلى واقع على الأرض، مثمّناً دوره المرتقب في تلبية الطلب الطاقوي محلياً وإقليمياً، وتعزيز التنمية الاقتصادية، معبّراً عن اعتزازه بشراكة شركته في هذا المشروع الاستراتيجي.
وبدوره، قدّم مارك كراندال، مؤسس ورئيس CWP Global، عرضاً مفصلاً حول رؤية شركته المستقبلية في مجال خفض الانبعاثات وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
كما أشار إلى فرص الشراكة الاستراتيجية مع موريتانيا في مجالات الطاقة النظيفة والتعدين المستدام، بما يفتح المجال أمام نقل التكنولوجيا، وخلق فرص عمل، وتعزيز الاقتصاد الأخضر في البلاد.
وقد تميز اليوم الأول بجلسات نقاش رفيعة المستوى، من أبرزها مائدة مستديرة بعنوان: «الموارد المعدنية والنفطية والغازية في خدمة الانتقال الطاقوي العالمي»، حيث ناقش المشاركون، ومن ضمنهم ممثلون عن مجموعة الاستراتيجية للمعادن الإفريقية والبنك الدولي وشركات دولية، رؤية القارة ودورها في تأمين المعادن النادرة والطاقة النظيفة.
كما يتضمن برنامج المؤتمر جلسة حول «الاستراتيجيات والموارد والقدرات والتعاون الإقليمي والشراكات في قطاعي التعدين والطاقة»، تليها مناقشة حول السياسات العامة وجاذبية الاستثمارات وحوكمة القطاع الاستخراجي، إضافة إلى حوار معمّق حول فرص وتحديات التعاون الإقليمي في غرب إفريقيا.
تعليقات الزوار
لا تعليقات