أدانت «منصة اللاجئين في مصر» عملية الترحيل القسري الأخيرة التي نفذها ما يسمى «جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية» التابع لحكومة شرق ليبيا، وتمت الثلاثاء الماضي، عبر منفذ أمساعد الحدودي، وشملت 77 مهاجرا من الجنسية المصرية، التي تعتبر واحدة من سلسلة انتهاكات متصاعدة بحق المهاجرين المصريين في شرق ليبيا.
ظروف غير إنسانية
وقالت المنصة إن المعلومات المتوفرة تشير إلى أن عملية الترحيل جرت في ظروف غير إنسانية، من بينها نقل المرحَّلين في شاحنات مغلقة تفتقر لأدنى شروط السلامة والكرامة، الأمر الذي يُعرّض حياتهم وسلامتهم لخطر جسيم، لا سيما في ظل ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة الحدودية خلال فصل الصيف.
وأكدت أن هذا الأسلوب المهين في الترحيل يمثل انتهاكا واضحا للكرامة الإنسانية والمعايير الدولية المتعلقة بمعاملة المهاجرين.
وشددت على أن الترحيل الجماعي، دون إجراءات تقييم فردي لكل حالة، ينتهك مبدأ عدم الإعادة القسرية المنصوص عليه في اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، ويعرض أفرادا قد يكونون في حاجة إلى حماية دولية ومنهم من قد يكونون ضحايا اتِّجار بالبشر أو طالبي لجوء، لخطر الإخفاء أو الانتهاك في بلدهم الأصلي.
وبينت أن هذه ليست المرة الأولى التي تتم فيها عملية ترحيل مهينة وغير قانونية للمصريين من ليبيا دون تطبيق أدنى معايير الحماية الدولية، موضحة أنه لا توجد إحصائية رسمية واحدة شاملة توثق العدد الدقيق للمصريين الذين تم ترحيلهم قسرا من ليبيا خلال عام 2024 والعام الجاري، لكن تتوفر بيانات من مصادر رسمية وإعلامية ليبية ودولية توضح أرقامًا تقريبية وأمثلة على حملات الترحيل الجماعي.
وزادت: في يناير/كانون الأول 2024 أعلن ما يسمى جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في الشرق الليبي ترحيل 350 مصريًّا، وفي يوليو/تموز 2824 أعلن ترحيل نحو 750 مهاجرًا إلى بلدانهم، من بينهم مصريون ونيجيريون، دون تحديد العدد الدقيق للمصريين ضمن هذه الدفعة، وفي أغسطس/آب 2024، تم الإعلان عن ترحيل 65 مهاجرا مصريا عبر منفذ أمساعد الحدودي، ضمن حملات متواصلة، كما تكررت عمليات ترحيل جماعية لمئات المصريين في عدة دفعات، وغالبًا ما كانت الأعداد المعلنة تتراوح بين عشرات إلى مئات في كل حملة.
ولفتت إلى أن في الربع الأول من عام 2025، أعلن ما يسمى جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية عن ترحيل أكثر من 13 ألف مهاجر غير نظامي من جنسيات مختلفة، من بينهم مصريين، لكن لم يتم توضيح العدد الدقيق للمصريين ضمن هذا الرقم، وإلى أنه في عدة مناسبات أخرى خلال النصف الأول من 2025، تم الإعلان عن ترحيل عشرات المصريين في كل دفعة.
عدة آلاف
وقدرت المنصة عدد المصريين الذين تم ترحيلهم قسرا من ليبيا خلال السنوات الثلاث الأخيرة بعدة آلاف، مع استمرار الحملات بشكل دوري، ووجود دفعات تتراوح بين العشرات والمئات في كل مرة.
وواصلت: بعض المصادر الأمنية ذكر في تقارير سابقة أن حملات الترحيل الجماعي قد تشمل ما بين ألفين إلى 4 آلاف مصري في بعض الفترات، خاصة في الحملات الأمنية الموسعة شرق ليبيا.
وتابعت: تعرض وما زال يتعرض آلاف المصريين المرحّلون قسرًا من ليبيا لسلسلة من الانتهاكات الجسيمة التي تبدأ منذ لحظة احتجازهم وحتى وصولهم إلى الحدود المصرية، هذه الانتهاكات موثقة من قبل منظمات حقوقية وشهادات الناجين، وتشمل الاعتقال الجماعي والاحتجاز التعسفي، موضحة أنه السلطات، وبعض المجموعات المسلحة قامت بتنفيذ حملات دهم واعتقال جماعي بحق المصريين، بمن فيهم الأطفال والنساء، غالبًا دون أي إجراءات قانونية واضحة أو مراجعة قضائية، بينما يتم احتجاز المهاجرين في مستودعات أو مراكز احتجاز لفترات تتراوح من أيام إلى شهور، في ظروف غير إنسانية، يتعرض فيها الأشخاص لأنواع مختلفة من الاستغلال من قِبل منفذي القانون.
ونقلت المنصة شهادات الناجين إلى تؤكد تعرض المحتجزين للضرب والإهانة والتهديد، واستخدام العنف الجسدي واللفظي بشكل ممنهج، بما في ذلك الصعق بالكهرباء أحيانا، إضافة إلى مصادرة الأموال والممتلكات الشخصية، ومنعهم من التواصل مع ذويهم أو العالم الخارجي.
سوء معاملة وتعذيب
كما تضمنت الانتهاكات، حسب المنصة، الحرمان من الاحتياجات الأساسية مثل تقديم كميات ضئيلة من الطعام والماء، غالباً غير صالحة للاستهلاك، ما أدى إلى سوء تغذية وتدهور صحي للمحتجزين، وغياب الرعاية الطبية، وتكدس المحتجزين في أماكن ضيقة وغير صحية.
وبينت أن الترحيل القسري يتم في ظروف مهينة، حيث يتم ترحيل المصريين عبر الحافلات أو إجبارهم على السير لمسافات طويلة سيرًا على الأقدام حتى الحدود المصرية، دون توفير وسائل نقل آمنة أو مراعاة للحالات الإنسانية، وإجبار المرحّلين على حمل أمتعتهم لمسافات طويلة، مع تعرضهم للصراخ والإهانة من قبل عناصر الأمن الليبي.
وتحدثت المنصة عن مخاطر إضافية في أثناء الاحتجاز والترحيل، ورصدت حالات اختفاء قسري، ووفاة بعض المحتجزين في ظروف غامضة دون تحقيقات شفافة، واستغلال بعض الضحايا من قبل شبكات الإتجار بالبشر، بما في ذلك الابتزاز المالي والتعرض للعنف على يد المهربين.
ومن بين الانتهاكات التي تناولتها المنصة، غياب الضمانات القانونية وتنفيذ عمليات الترحيل دون تمكين الضحايا من الدفاع عن أنفسهم أو الطعن في قرارات الترحيل أو الحصول على مساعدة قانونية، وعدم إشراك المنظمات الدولية أو السماح لها بمراقبة ظروف الاحتجاز أو الترحيل بشكل فعال.
وأكدت أن هذه الانتهاكات تبرز حجم المخاطر التي يواجهها المصريون في أثناء ترحيلهم قسرًا من ليبيا، وتؤكد الحاجة إلى مساءلة السلطات الليبية وحماية حقوق المهاجرين وفقًا للمعايير الدولية.
وأوصت المنصة بالوقف الفوري لعمليات الترحيل القسري الجماعي للمهاجرين، خاصة في ظل غياب التقييم الفردي لكل حالة، بما يشمل ضمان الحق في طلب اللجوء والحماية الدولية، واحترام مبدأ عدم الإعادة القسرية، وضمان تنفيذ إجراءات الترحيل، إن حدثت، بطريقة آمنة وإنسانية، تتضمّن النقل في وسائل ملائمة تحفظ كرامة وسلامة الأفراد، والامتناع عن استخدام الشاحنات المغلقة أو غير المخصصة لنقل البشر.
كما دعت إلى تمكين المنظمات الدولية والمحلية المستقلة من الوصول إلى مراكز الاحتجاز ومراقبة عمليات نقل وترحيل المهاجرين، بما يسمح بتوثيق الانتهاكات والتأكد من احترام المعايير القانونية والإنسانية، وتمكين المقبوض عليهم من تقديم التماس اللجوء عبر مفوضية اللاجئين في ليبيا. وطالبت المنصة السلطات المصرية بفتح تحقيق عاجل في واقعة ترحيل الـ77 مواطنا مصريا من طبرق يوم 8 يوليو/ تموز الجاري، نظرًا لما تضمنته من انتهاكات جسيمة، مع محاسبة أي جهة مصرية تورطت في استلام المرحلين خارج الأطر القانونية، أو في التنسيق غير الشفاف مع الجانب الليبي.
وقالت إن القانون والدستور المصري يقرّان بأن المهاجر المهرّب هو ضحية وليس مجرمًا، وعليه فإن على الدولة المصرية التمييز بين ضحايا التهريب وبين من يتم تسليمهم من الجانب الليبي، والامتناع عن احتجازهم أو معاملتهم كمجرمين، وتمكينهم من الاتصال بذويهم ومحاميهم فورًا، وأن تنشر قائمة بالأسماء والمحافظات التي ينتمي إليها المرحلون لضمان الشفافية وحماية حقوقهم.
وقف الانتهاكات
كما طالبت المنصة الاتحاد الأوروبي بالتوقف الفوري عن دعم عمليات تسليح وتجهيز حرس الحدود الليبي، التي تساهم في انتهاك حقوق المهاجرين بدلامن حمايتهم، وإلزام السلطات الليبية باحترام الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وحقوق اللاجئين، بما في ذلك اتفاقية مناهضة التعذيب، واتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، والمبادئ التوجيهية بشأن معاملة المهاجرين في نقاط العبور الحدودية، وربط أي دعم فني أو مالي لملف الهجرة الليبي بمراجعة واضحة لممارسات الترحيل والاحتجاز والانتهاكات الممنهجة، وتفعيل آليات المساءلة والرقابة الدولية.
تعليقات الزوار
لا تعليقات