أطلّ أمين عام حزب الله حسن نصرالله في الاحتفال التأبيني للقائد الميداني طالب عبدالله ورفاقه، اليوم الأربعاء، حيث قال “الشهادة ليست هزيمة وليست موتًا، وهذه نقطة قوة في جبهات المقاومة، وأخطر ما يواجهه العدو أن من يقاتل في هذه الساحات يحمل هذه الثقافة وهذا الفكر والإيمان، وبيئة المقاومة تملك هذه الثقافة والإيمان والصبر التي بسببها لا تسقط منا راية ولا يتسلل إلينا وهن أو ضعف”. ولفت إلى “أن الخسارة كبيرة بفقد الشهيد القائد أبو طالب ولكن حسبنا أنهم مضوا شهداء وتركوا خلفهم قادة ومجاهدين ليُكملوا المسير من بعده، ولذلك كان الرد على جريمة الاغتيال من وحدة “نصر” التي كان الشهيد قائدها بأن هذه الوحدة زادت إصرارًا وعزيمةً على إكمال دربه”.
وتطرّق نصرالله إلى الجبهة اللبنانية بالقول “جبهة لبنان المُساندة تواصل عملياتها وتُلحق الخسائر البشرية والمادية والمعنوية والنفسية بالعدو وآخرها ما فعلته “الهدهد” ومن أوضح الأدلة على قوة تأثير جبهة لبنان هو الصراخ الذي نسمعه من قادة العدو ومستوطنيه، ولو كان ما يحصل في جبهة الجنوب بدون تأثير لما سمعنا صراخهم وعويلهم”، لافتاً إلى أنه “منذ بداية المعركة لإسناد غزة عملت ماكينة إعلامية ضخمة على تبخيس إنجازات وتضحيات الجبهة الجنوبية وجبهات الإسناد، ولكن بحسب قادة العدو جبهة لبنان أشغلت أكثر من 100 ألف جندي في قوات العدو وعدة فرق ولولاها لكانت قد توفرت القوات الكافية لهزيمة غزة”، ومؤكداً “أن الاحتلال يخفي خسائره في جبهة الشمال كي لا يتعرض لمزيد من الضغوط”، كاشفاً أنه “إلى جانب استنزاف العدو هجّرت جبهة لبنان عشرات الآلاف من المستوطنين إضافة إلى خسائر اقتصادية وسياحية حتى بات هناك للمرة الأولى حزام أمني شمال فلسطين المحتلة”، وأكد “أن احتمال اقتحام الجليل يبقى قائماً ووارداً في إطار أي حرب قد تُفرَض على لبنان”. وأضاف “التقيت مع الحاج أبو طالب قبل شهادته وشرح لي بالتفصيل الممل حول المواقع الأمامية التي نملك تفاصيل كبيرة عنها، والعدو يعلم ذلك وقام بإخلائها ولكن ليس بشكل كامل لخشيته من أي سيطرة عليها”، مشيراً إلى “أن العدو اضطر لإخلاء قواعده وذهب لإنشاء قواعد مستحدثة خلف الجبال ولم يحسبوا حسابًا للمسيرات وبفضل الله “هُدهدنا” يأتينا بالمعلومات ونستهدفها بـ”الطيور الصافات”.
وفي سياق حديثه عن “الهدهد”، قال “كل ما تصل إليه أيدينا لن نوفره ولن نوفره ولدينا كم كبير جدًا جدًا من المعلومات، وما نُشر أمس هو وقت مُنتخب من دقائق من حيفا بينما المُسيّرة حلَّقت لساعات. البعض في كيان العدو قال إن حزب الله لديه جواسيس في حيفا ليحصل على المشاهد، ولكن ماذا سيقولون عندما تنشر المقاومة لاحقًا حلقات من المدينة الثانية والثالثة والرابعة، لدينا ساعات طويلة من تصوير حيفا وجوار حيفا وما قبل حيفا وما بعد بعد حيفا؟”. وأضاف “قاتلنا بجزء من سلاحنا حتى الآن وحصلنا على أسلحة جديدة ستظهر في الميدان، وطوّرنا أسلحتنا واستخدمنا أسلحة جديدة في هذه المعركة، ولدينا عدد كبير وفير من المُسيّرات لأننا نصنعها، ولدينا القدرة البشرية الكافية والمتحفّزة ونحن نعاني مع الإخوان الذين يريديون الالتحاق بالجبهات ونحن نمنعهم وفقَا لما تحتاجه الجبهة، وقد اتصل بنا قادة حركات مقاومة في المنطقة قالوا نريد أن نرسل مقاتلين قلنا لهم إن ما لدينا يكفي لا بل يزيد بالنسبة للمعركة، ولقد تجاوزنا الـ100 ألف مقاتل كثيرا ولدينا في لبنان فوق حاجة الجبهة حتى في أسوأ ظروف الحرب”، منوهاً بالبيئة الحاضنة التي هي “من أهم عناصر القوة في تجربة المقاومة وهي بيئة صامدة وصابرة قدمت بيوتها وأموالها وأرزاقها خلال المعركة”.
وختم نصرالله “التهديد بالحرب على مدى 8 أشهر لا يخيفنا وهناك أناسٌ يقيّمون هذا الاحتمال على أنه جدي. نحن كمقاومة حضّرنا أنفسنا لأسوأ الأيام والعدو يعلم ما ينتظره وأنه لن يكون هناك أي مكان في الكيان بمنأى عن صواريخنا ومُسيّراتنا وليس عشوائيًا، ولدينا بنك أهداف حقيقي وكبير ولدينا القدرة على الوصول لهذه الأهداف بما يزعزع أُسس الكيان ولذلك بقي مرتدعًا. وعلى العدو أن ينتظرنا جواً وبراً وبحراً ونكرر إذا فُرضت الحرب على لبنان فالمقاومة ستقاتل بلا ضوابط وقواعد وسقوف”.
وتوجّه نصر الله إلى الحكومة القبرصية محذراً “من أن فتح مطاراتها وقواعدها أمام الطائرات الإسرائيلية لضرب لبنان يعني أنها أصبحت طرفاً في الحرب وستتعاطى معها المقاومة على هذا الأساس”.
وخلص إلى القول “هذه أعظم معركة تخوضها الأمة منذ عام 1948 وهذه الدماء تنزف اليوم في المكان الصحيح وهذه الجبهة تسير بخطى حثيثة نحو النصر وقيادة العدو بحماقتها نحو الزوال”.
وشهدت الجبهة الجنوبية توترا بعد ساعات على نقل الموفد الأمريكي آموس هوكشتاين تحذيراً للبنان وإسرائيل بوجوب تجنب مزيد من التصعيد وحرب مفتوحة، وبعد عودة مسيّرات لحزب الله من نوع “الهدهد” بصور جوية لميناء حيفا وما يحتويه من منشآت عسكرية وحيوية أراد حزب الله من خلال نشرها القول لإسرائيل إن الهروب من مأزق غزة إلى حرب واسعة مع لبنان ليست في محلها، وعليها أن تعلم أن لدى الحزب بنك أهداف محدد في حال اللجوء إلى خيار الحرب.
وتعليقاً على هذا الحدث، أجرى جيش الاحتلال تحقيقاً بحسب ما أفاد موقع “واينت”، التابع لصحيفة “يديعوت أحرنوت” أظهر رصده 3 مسيّرات تصوير تابعة لحزب الله، تسللت إلى مدينة حيفا شمالاً. ونقل الموقع عن ضابط في الجيش قوله “إن التحقيق الأولي للجيش يظهر أن حزب الله أطلق 3 مسيرات تصوير تجاه إسرائيل، حيث تابعها سلاح الجو الإسرائيلي”، موضحاً “أن إحداها أُسقطت والثانية اختفت عن الرادار، إذ يُعتقد أنها سقطت في البحر، فيما تسللت الثالثة لمدينة حيفا ومناطق أخرى شمال البلاد”.
وبحسب زعم الجيش الإسرائيلي، فإن “المسيّرة كانت تحت سيطرته، لكنه قرر عدم إسقاطها كونه عرف أنها مسيرة تصوير، وليست متفجرة، وإطلاق مضادات جوية باتجاهها يخلق خوفًا لدى السكان، وقد يتسبب بأضرار”، لافتاً إلى “أن الطائرة المسيرة التي أطلقها حزب الله، وهي من نوع هدهد 1، هي في الواقع طائرة صغيرة تحمل كاميرا Go Pro، ولم يكن عليها مدفع مضاد للطائرات”. وأضاف التحقيق “أن الجيش الإسرائيلي يعمل، خلال الأسابيع الأخيرة، على تطوير قدرات الدفاع الجوي في مواجهة الصعوبات في التعامل مع الطائرات المسيرة لحزب الله، وخاصة المسلحة منها، ويحاول التمييز بين المسيّرات التي تلتقط الصور ولا تسبب أضراراً، وتلك المسلحة التي تهاجم وتتسبب بأضرار للسكان والممتلكات”.
المواجهات الميدانية
ميدانياً، أغارت مسيّرة إسرائيلية على سيارة في بلدة الوزاني لكن سائقها نجا من الموت بعدما رمى بنفسه خارج السيارة . واستهدفت مسيّرة بصاروخين ساحة بلدة ميس الجبل وحرج الراهب غرب عيتا الشعب. وشن الطيران الحربي غارة جوية على بلدة الطيبة واخرى على بلدة العديسة. وجدد الطيران الاسرائيلي اعتداءاته لليوم الثاني على التوالي على البرغلية مستهدفاً فيلا تعود للوزير الأسبق علي عرب.
واستهدف القصف الاسرائيلي بالمدفعية الثقيلة تلة العويضة لجهة الطيبة وبلدة حولا، مما تسبب باندلاع حريق في منطقة القعقور. وتعرضت بلدتا كفركلا وعيتا الشعب لقصف مدفعي متقطع، كما تعرض وسط بلدة الخيام لقصف من المدفعية الثقيلة، واعلن “مركز الخيام للرعاية الصحية التابع لمؤسسة عامل الدولية” في بيان “تعرض المركز للقصف الإسرائيلي والتسبب بأضرار جسيمة في الماديات، وهي المرة الثالثة التي تطاله الإعتداءات الإسرائيلية”.
وكان الطيران الحربي أغار صباحاً على بلدة يارون في قضاء بنت جبيل، ما أدى إلى وقوع 3 شهداء. وقد نعى حزب الله كلاً من حسن محمد علي صعب “صادق” مواليد عام 1970 من يارون، وجهاد أحمد حايك “حيدر” مواليد عام 1999 من عدشيت وحسن المجتبى يوسف أحمد من رشاف. كما نعى الحزب وهبي محمد إبراهيم “هادي” مواليد عام 1989 من كفركلا.
وادعى المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي قصف أهداف لحزب الله في لبنان واستهداف عناصر وبنى تحتية”، وكتب على منصة “أكس”: “خلال ساعات الليلة الماضية تم رصد عدد من عناصر حزب الله يدخلون إلى مبنى عسكري في منطقة يارون والذي يستخدم كمستودع أسلحة. بعد وقت قصير هاجمت طائرة لسلاح الجو المبنى بالتزامن مع ذلك تم استهداف بنية تحتية لحزب الله في منطقة برعشيت”.
في المقابل، أعلن حزب الله أنه “ردًا على اعتداءات العدو الإسرائيلي المتكررة التي طالت بلدة البرغلية، شن مجاهدو المقاومة الإسلامية هجوماً جوياً بسرب من المسيرات الانقضاضية استهدف تموضعات جنود العدو وانتشارهم داخل مستعمرة المطلة وحققوا فيهم إصابات مؤكدة”. وأضاف “ورداً على اعتداءات العدو الإسرائيلي التي طالت بلدتي يارون والخيام، قصف الحزب مقر قيادة اللواء الشرقي 769 (التابع للفرقة 91) في ثكنة كريات شمونة بعشرات صواريخ الكاتيوشا وقذائف المدفعية”. ونقلت “هآرتس” عن الجيش الإسرائيلي حديثه عن “وقوع أضرار في البنية التحتية والممتلكات جراء إطلاق نحو 10 صواريخ باتجاه كريات شمونة”. كما استهدف الحزب التجهيزات التجسسية في موقع المطلة.
تعليقات الزوار
لا تعليقات