أعلنت إسرائيل، الجمعة، إدراج جيشها رسميا في قائمة الأمم المتحدة للأطراف التي ترتكب انتهاكات ضد الأطفال بمناطق النزاع، المعروفة بـ”قائمة العار” أو “القائمة السوداء”.
وتعد هذه المرة الأولى التي يدرج الجيش الإسرائيلي فيها ضمن هذه القائمة.
وقالت وزارة الخارجية، في بيان، إن “سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان تلقى إخطارا رسميا من الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريتش) بشأن قراره إدراج الجيش الإسرائيلي في تقرير الأمين العام بشأن الأطفال في مناطق النزاع، باعتباره طرفا في النزاع ارتكب انتهاكات ضد الأطفال ولم يحمِهم”.
ونشر إردان فيديو على منصة إكس لمكالمة هاتفية تلقاها بشأن القرار، وقال “لقد تلقيت إخطارا رسميا بشأن قرار الأمين العام بإدراج جيش الدفاع الإسرائيلي على “القائمة السوداء” للدول والمنظمات التي تلحق الأذى بالأطفال. وهذا ببساطة أمر شائن وخاطئ لأن حماس تستخدم الأطفال في الإرهاب وتستخدم المدارس والمستشفيات كمجمعات عسكرية. لقد رددت على القرار المخزي وقلت إن جيشنا هو الأكثر أخلاقية في العالم. والشخص الوحيد المدرج على القائمة السوداء هو الأمين العام الذي يحفز ويشجع الإرهاب ويحركه الكراهية تجاه إسرائيل. على الأمين العام أن يخجل من نفسه! شاهدوا ردي”.
استنكار أممي
بدورها، استنكرت الأمم المتحدة بشدة نشر إردان تسجيل المكالمة. وقال المتحدث باسمها ستيفان دوجاريك إن رئيس ديوان مكتب الأمين العام كورتيني راتاري اتصل هاتفيا، صباح الجمعة، بالممثل الدائم لإسرائيل لدى الأمم المتحدة لإعطائه معلومات مبكرة حول تقرير الأطفال والصراعات المسلحة، وتجنب التسريبات.
غضب إسرائيلي
وشن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، هجوما حادا على الأمم المتحدة. واعتبر، في منشور عبر إكس، أنها بقرارها “وضعت نفسها على القائمة السوداء للتاريخ اليوم عندما انضمت إلى أنصار قتلة حماس”. كما زعم أن “الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم، ولن يغير أي قرار وهمي من جانب الأمم المتحدة ذلك”.
كذلك، هاجم وزير الخارجية يسرائيل كاتس قرار الأمم المتحدة، زاعما أنه “عمل مخز”. وقال في بيان، إن إسرائيل “ترفض هذا القرار”، محذرا من أنه “ستكون له عواقب على علاقات” تل أبيب مع الأمم المتحدة. وتابع مهاجما أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: “سيذكر التاريخ الأمين العام للأمم المتحدة باعتباره أمينا عاما معاديا للسامية”.
وانضم الوزير في مجلس الحرب بيني غانتس أيضا إلى الأصوات المهاجمة للأمم المتحدة، إذ زعم أن قرار وضع جيش بلاده على “قائمة العار” هو “تدنٍ تاريخي” من قبل الأمم المتحدة، التي قال إنها “وضعت إسرائيل في القارب نفسه مع داعش”. ومتحديا قرار غوتيريش، قال غانتس في بيان: “سنواصل القتال (بغزة)”.
وتابع “كما هو الحال دائمًا سنتصرف وفقًا لأعلى المعايير الأخلاقية، ووفقًا للقانون الدولي، ليس بسبب الأمم المتحدة، ولكن لأن هذا هو ما نحن عليه”.
كذلك، رد وزير المالية بتسئليل سموتريتش بالدعوة إلى مواصلة الحرب على غزة. ونقلت “يديعوت أحرنوت” العبرية الخاصة عن سموتريتش قوله: “عندما يكون مستقبل البلاد وحياة أطفالنا على المحك، لدينا خيار واحد، يجب أن ننتصر”، وفق زعمه.
وأما وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير فطالب بفرض عقوبات على موظفي الأمم المتحدة. ونقلت صحيفة “يديعوت أحرنوت” عنه قوله: “يجب على إسرائيل ألا تصمت عن ذلك، فالرد على هذا القرار الخطير يجب أن يكون قاسيا، وأن يتضمن فرض عقوبات على موظفي الأمم المتحدة”.
حماس والجهاد
وردّاً على سؤال حول احتمال إدراج حماس على القائمة، رفض المتحدث دوجاريك إعطاء أيّ معلومات أخرى حول مضمون التقرير، داعياً الجميع إلى “قراءته بالكامل واستخلاص النتائج” عند نشره في 18 حزيران/يونيو.
لكنّ مصدراً دبلوماسياً قال لوكالة فرانس برس إنّ التقرير الجديد سيضمّ أيضاً حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
السلطة ترحب
ورحبت الرئاسة الفلسطينية بإدراج الجيش الإسرائيلي في “قائمة العار”، مطالبة مجلس الأمن الدولي باتخاذ قرار “فوري” بوقف الحرب على قطاع غزة.
وقال المندوب الفلسطيني الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور إنّ “إسرائيل أفلتت من العقاب والمحاسبة على جرائمها ضدّ الأطفال الفلسطينيين لعقود طويلة، ما جعلها تتمادى في استهداف أطفالنا وإلحاق الضرر بهم”.
وأضاف أنّ قرار غوتيريش هو “خطوة في الاتّجاه الصحيح نحو إنهاء ثقافة ازدواجية المعايير والإفلات من العقاب”.
حماس : الجيش الإسرائيلي عصابة من القتلة
واعتبر القيادي في حركة حماس عزت الرشق، الجمعة، أن إسرائيل باتت “كيانا منبوذا وملاحقا أمام المحاكم الدولية”.
وقال الرشق، في بيان نشره عبر منصة تلغرام: “مجددًا، بنيامين نتنياهو (رئيس الوزراء الإسرائيلي) وجيشه وأركان حكومته يُصابون بالهستيريا والذعر بسبب إدراج (إسرائيل) على قائمة العار لمرتكبي قتل الأطفال”.
وتابع “(إسرائيل) كيان منبوذ، وملاحق أمام المحاكم الدولية”.
وفي بيانه، تطرق الرشق، إلى قصف الجيش الإسرائيلي، الخميس، مدرسة تؤوي 6 آلاف نازح في مخيم النصيرات ما أسفر عن 40 شهيدا بينهم 14 طفلا و9 نساء، وإصابة 74 نازحا منهم 23 طفلا و18 امرأة، بحسب بيانات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
واعتبر أن “قصف الاحتلال مدرسة تؤوي نازحين في مخيم النصيرات في غزة، جريمة إبادة جماعية، وتطهير عرقي تمت قصدًا عن عمد”.
وأوضح الرشق، أن “مزاعم الاحتلال بوجود مقاومين بين النازحين كذب مفضوح وسخيف، ولا شيء يمكن أن يبرر جريمة قصف المدنيين العزل من النساء والأطفال”.
وقال: “جيش الاحتلال بلا أخلاق وهو عصابة من القتلة المتعطشين للدماء والانتقام”.
وعلق لويس شاربونو من منظمة هيومن رايتس ووتش أنّ “هذا قرار مبرّر تماماً من قبل الأمين العام، حتى لو كان ينبغي أن يكون قد اتّخذ منذ وقت طويل”. وأضاف “هذا شيء كنّا نطالب به منذ فترة طويلة، مع إدراج حماس وجماعات فلسطينية مسلّحة أخرى على القائمة”.
و”قائمة العار” قائمة يرفقها الأمين العام للأمم المتحدة كملحق مع تقريره حول الأطفال في مناطق النزاع، وتركز بشكل أساسي على المتورطين في انتهاكات ضد الأطفال بمناطق النزاع، بما يشمل قتلهم وتشويههم وتجنيدهم واستغلالهم جنسيا.
ووفق صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية الخاصة، تضم هذه القائمة حاليًا الجيش الروسي، وتنظيمات إرهابية مثل “القاعدة” و”داعش” و”بوكو حرام”.
ومنذ بدء الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، قتل الجيش الإسرائيلي وأصاب أكثر من 120 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، فيما خلفت عملياته العسكرية على القطاع قرابة 10 آلاف مفقود، ودمار هائل، ومجاعة أودت بحياة عشرات الأشخاص.
وتواصل إسرائيل هذه الحرب متجاهلة قرارا من مجلس الأمن يطالبها بوقف القتال فورا، وأوامر من محكمة العدل بوقف هجومها على رفح، واتخاذ تدابير فورية لمنع وقوع أعمال “إبادة جماعية”، و”تحسين الوضع الإنساني” بغزة.
وفي السنوات الماضية، وجهت منظمات حقوقية بينها، “هيومن رايتس ووتش”، انتقادات للأمم المتحدة، بسبب ما اعتبرته “تعمدها تجاهل ضم إسرائيل المستمر إلى قائمة العار”، معتبرة أن “استثناء إسرائيل المستمر من القائمة يلحق ضررا جسيما بالأطفال الفلسطينيين”.
وسيسري القرار الأممي بضم إسرائيل “لقائمة العار” لمدة 4 سنوات.
تعليقات الزوار
لا تعليقات