أخبار عاجلة

دوفيلبان يراهن على زيارة تبون لباريس للانطلاق نحو المستقبل بين البلدين

أكد رئيس الوزراء الفرنسي السابق دومينيك دوفيلبان، أن الزيارة التي ستقود الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لفرنسا خريف هذا العام، هي موعد كبير بالنسبة للبلدين اللذين لا يزالان يواجهان عقبات الذاكرة الأليمة في الانطلاق نحو المستقبل.

وأحدث كلام دوفيلبان في محاضرته التي ألقاها بمعهد الصحافة في الجزائر العاصمة، ضجة في مواقع التواصل، كونه تحدث عن زيارة الرئيس تبون إلى فرنسا، في حين ستجرى الانتخابات الرئاسية قبل موعد الزيارة، وهو ما جعل البعض يعلقون بأن المسؤول الفرنسي السابق قد جزم بفوز تبون حتى قبل إعلان الأخير عن ترشحه.

وأكد دوفيلبان أن هذه الزيارة المنتظرة “موعد كبير يُعدّ فرصة ليس على المستوى السياسي فقط، ولكن بالنسبة للشعبين”، خاصة في ظل التحديات التي تواجه البلدين معا سواء في شق العلاقات الثنائية في المحيط الإقليمي الذي يجمعهما.

ولم يتخلّف دوفيلبان مسلّحا بالتقدير الذي يحظى به بسبب مواقفه بشأن غزة، عن الخوض في ملف الذاكرة الشائك ومن على أرض الجزائر. وأكد بشجاعة رجل ينتمي لمعسكر اليمين، أنه “من الضروري أن تطلب فرنسا الاعتذار من الجزائر عن الجرائم التي ارتكبت خلال 132 عاما من الاستعمار”. لكن في رأيه يتطلب الوصول إلى هذه المرحلة مزيدا من الصبر، لأنه “حتى رئيس الجمهورية في فرنسا اليوم، لا يمتلك هذا السلطة للتعبير عن هذا الاعتذار”.

وفي تقدير دوفيلبان “لا يمكن فرض كلمة أو تعبير (الاعتذار).. ويجب التقدم معا شعوبا وقادة للوصول إلى ذلك”. وتابع يقول: “أعرف هذا الموضوع جيدا، فقد كنت الأمين العام في الإليزيه تحت رئاسة جاك شيراك. وأعلم أيضا أن هناك عقبات، أحيانا تكون صعبة، مثل العمل على الذاكرة. لكن في كل مرحلة نتقدم”.

وأشار في نفس سياق فكرته، إلى اعتراف فرنسا بالجرائم التي ارتكبت بحق موريس أودان، والمحامي علي بومنجل خلال الثورة الجزائرية، مبرزا أن “الرئيس إيمانويل ماكرون قد أشار إلى عدد من المواقف”. وأردف مواصلا شرح رؤيته: “الجرائم الاستعمارية لا يمكن محوها، ويجب علينا جميعا الاعتراف بها. لكن، أحيانا، يتطلب الأمر سنوات لإثبات صحة بعض المواقف وبعض الحقائق”.

وتحدث دوفيلبان في نفس السياق إلى العلاقة الخاصة بين بلاده والجزائر، مؤكدا أن “الجزائر وفرنسا لديهما هذا الامتياز بوجود تكامل في علاقاتهما الشاملة والتاريخية. بالنسبة لي، هي علاقة دولة بدولة وشعب بشعب”. ولفت إلى أن الوقت قد حان “لتخفيف التوترات، مثل الكراهية، بتحويل الخلافات إلى حوار سياسي”، مشددا على أن “الجزائر وفرنسا يجب أن تطورا رؤية مشتركة، تعتمد بشكل خاص على التعددية وقبول ماضينا بكل تعقيداته وتعزيز قدرتنا على بناء مستقبل أفضل معا”.

وفي الموضوع الذي تميز به هذا السياسي بمواقف مشرفة مؤخرا، أوضح رئيس الوزراء الفرنسي السابق أن إسرائيل استعملت سلاح التضليل الإعلامي خلال اعتدائها على غزة، بادعائها حدوث عمليات اغتصاب وكذا اغتيالات مزعومة طالت حديثي الولادة من قبل المقاومين الفلسطينيين، وهي الاتهامات التي تأكد بطلانها، ما يتطلب -حسبه – تدخل المؤسسات الدولية. وأكد أنه في مثل هذه الحالات “نحتاج مؤسسات تمكننا من قول الحقيقة. توجد العدالة الدولية عندما يغض الإعلام الطرف عن نقل الحقائق، وكذا قدرة الدول على القيام بتحقيقات دولية من شأنها تصويب الحقائق”.

وفي اعتقاد صاحب الخطاب الشهير بالأمم المتحدة قبل الهجوم الأمريكي على العراق سنة 2003، فإنه يجب بذل جهود من أجل ضمان تطبيق القانون الدولي، وهو الهدف الذي يبدو صعب المنال لأن عالم اليوم يتميز برغبة دائمة في حمل السلاح والذهاب نحو التطرف.

وتحدث دوفيلبان بإعجاب عن جهود الجزائر في مجلس الأمن، مبرزا وجود تحولات عميقة، مثل ما يحدث في  الجامعات الأمريكية، وهو ما وصفه بالواقع الجديد. كما أعرب عن ارتياحه لأن “العديد من الدول تعترف بالدولة الفلسطينية”. ومع ذلك، أعرب الرجل عن قلقه من اليوم التالي للحرب، “لأنه سيكون من الضروري معرفة كيفية إدارة الأراضي الفلسطينية، مع العلم أن إسرائيل تريد الاحتفاظ بالسيطرة عليها”، وفق ما قال.

كما أشار المسؤول الفرنسي السابق إلى الدور الذي يجب أن تلعبه أفريقيا في مواجهة صعود كتل جديدة في العالم، منتقدا وجود “نوع من العزلة بين دول القارة”. ولفت إلى أن الدول الأفريقية ستكسب كثيرا إذا رفعت الحواجز وشاركت البنية التحتية ووسعت قواعد التبادل وطرق الاستهلاك. وحثّ في هذا الإطار على إنشاء منظمات إقليمية أفريقية جديدة، حتى ولو على نطاق ضيق، بين بلدين أو ثلاثة، من أجل إزالة الحواجز القائمة بين بلدان قارة تزخر “بثروات هائلة لا نعرف إلا جزءا منها”.

وحظيت محاضرة دوفيلبان باهتمام كبير، فقد شهدت مشاركة مجموعة من الشخصيات السياسية والعلمية، مثل وزير التعليم العالي والبحث العلمي كمال بداري، ومستشارين في رئاسة الجمهورية، ورؤساء لجان من المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، ومديري الجامعات والمدارس العليا، ومحامين وقضاة، وطلاب، بالإضافة إلى سفير فرنسا في الجزائر، ستيفان روماتي، وسفير الجزائر في فرنسا، سعيد موسي.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات