أخبار عاجلة

هل يمكن الاستغناء عن الاتحاد المغاربي؟

ما الذي سيحدث إن استفاق المغاربيون غدا على خبر نعيه، وغيابه نهائيا عن الوجود؟ هل سيلطمون وجوههم وسيبكونه بحرارة وسيقودون مظاهرات مليونية هاتفة باسمه؟ ما سيحصل وفي الحد الأدنى على الأقل، وكما قالت وكالة الأنباء الجزائرية، أواخر الشهر الماضي، أن الدول المغاربية الخمس ستتخلص مما رأته الوكالة «عبئا» هي في غنى عنه، على حد تعبيرها، وهو دفع «مساهمات ومنح ورواتب موظفي اتحاد المغرب العربي».
لكن بعيدا عما ستوفره تلك الدول من ملايين الدولارات سنويا جراء تلك العملية، فهل هناك ما قد تخسره في المقابل أكثر وأكبر قيمة من تلك المبالغ في حال اندثاره؟ من الواضح أن الأمر يبقى الآن محجوبا بستار كثيف من الصمت، فلا أحد تقريبا يفكر فيه بصوت عال، أو ينبه إلى العواقب التي قد تحدث نتيجة له. لكن قد يقول قائل، وفي السياق نفسه، وما الحاجة أصلا للحفاظ على ذلك الاتحاد؟ وهل تراه حقق لليبيين والتونسيين والجزائريين والمغاربة والموريتانيين، ولو إنجازا واحدا قد يجعلهم يذكرونه بخير، ويحفزهم ليكونوا حريصين على التمسك به بقوة ومصممين على عدم التفريط فيه وتحت أي ظرف؟ أليس كل ما جنته الشعوب المغاربية، وعلى امتداد أكثر من ثلاثين عاما من ظهوره هو السراب والأوهام والمشاريع الخيالية والهلامية، التي تكشّف زيفها مع اتساع رقعة الفرقة والتشتت والنزاع بين أقطاره، خصوصا في العقود الأخيرة وبشكل حاد فاق كل التصورات؟ مثلما قد يضيف آخر. لكن حتى إن لم يكن هناك جدال أو اختلاف حول التقييم، وكان هناك اتفاق وإجماع شبه تام على تشخيص مواطن الخلل والداء، فهل كان ينبغي أمام ذلك الوضع إذن حجب الدواء عن المريض، وإطلاق رصاصة الرحمة عليه بدعوى اليأس من شفائه، أم محاولة نجدته وإنقاذه بغض النظر عن أي اعتبار آخر، حتى يستعيد عافيته ويتحرر تدريجيا من أوجاعه وأسقامه؟

من المؤكد أن العزلة القسرية التي فرضت اليوم على اتحاد المغرب العربي، تعكس حالة الإخفاق التام والفشل الذريع التي بلغها المغاربيون، لكنها تعطي انطباعا خاطئا لدى البعض على أن التخلص مما بات يصفه كثيرون بالهيكل الخاوي، أو بالجسد الميت، بات أمرا طبيعيا وعاديا وفي حكم المسلم به، لسبب بديهي ووجيه في نظرهم وهو، أنه لم تعد هناك مصلحة أو حاجة لبقائه، وبالتالي فإن عملية تغييره واستبداله ولو بتكتل أقل حجما أو عددا، تلوح لهم أكثر نفعا وجدوى. إنهم يتصورون أنه سيكون بوسع مجموعة ضيقة ومحدودة من أعضاء ذلك الاتحاد أن تحقق وحدها، وبمجرد أن تغادره ما عجزت عن التوصل إليه حين كانت تنتمي إلى ذلك الكيان، لكنهم لا يملكون أي دليل حتى الآن على أن الجهد الذي قد يبذله ثلاثة منهم سيفوق ذلك الذي سيقوم به خمسة. ولعل هناك من سيبرر ذلك الموقف بالدفع بعنصر إضافي آخر، كالزعم مثلا أن الأمر لم يعد يتعلق كما قد يقول عمليا بمنظمة إقليمية بأتم معنى الكلمة، بل صار مقتصرا على ما يشبه الإدارة الملحقة ضمنيا بالخارجية المغربية، على اعتبار أن وجود المقر في الرباط وكون المغرب بات ومنذ فترة هو الممول الأول له، يجعله يبدو على ذلك النحو كما جعل الأمين العام للاتحاد يصبح «دبلوماسيا مغربيا تابعا»، على حد تعبير وكالة الأنباء الجزائرية، غير أن هؤلاء لا يوضحون بالمقابل ما الذي كان مطلوبا من المغاربة فعله، في ظل التجميد غير المعلن للجزائر لمساهماتها المالية في الاتحاد، والفتور الملحوظ في علاقة التونسيين به؟ فهل كان عليهم ترك السفينة المغاربية تجنح وتغرق دون أي تدخل؟ أم كانوا أمام واجب معنوي يحتم عليهم محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ طالما كان استخدام الورقة المغاربية لتصفية الحسابات القديمة بين أكبر دولتين من دوله أمرا معتادا.
لكن تعليق فشل الاتحاد المغاربي وبشكل حصري على شماعة الخلافات المتأججة بينهما، وتصويره على أنه بات ألعوبة أو أداة طيعة بيد بلد منهما كان حجمه، أو دوره أو تأثيره، جعله مجرد جهاز وظيفي في خدمة جهة دون أخرى. وهذا ما ينسف وبشكل تام جوهر الفكرة التي قام عليها، فهو لم يظهر على الساحة بمحض الصدفة، أو من دون سبب واضح، بل لأن الأقطار الخمسة كانت بحاجة ماسة وأكيدة لوجوده حتى يحصل هناك نوع من توازن القوى، ولا تميل الكفة بالتالي لصالح دولة كبرى على حساب باقي الدول خصوصا الأصغر حجما. ولعل هناك من قد يقول، حتى إن افترضنا صحة ذلك في وقت ما، فإن الوضع قد تغير الآن ولم يعد مثل ذلك المبرر قائما، كما أن الحاجة لذلك الاتحاد قد انتفت تماما. وقد يضرب مثلا بالعلاقات الوطيدة والحارة بين الجزائر وتونس، لكن من قال إن وضع كل البيض التونسي في السلة الجزائرية يبدو خيارا مثاليا على المدى البعيد؟ ومن قال إن الاستخفاف بالروابط التاريخية العميقة التي تجمع كل الشعوب المغاربية، والتعامل معها بمنطق التمييز والإقصاء والتهوين من اشتراكها جميعا في العرق واللغة والدين، واعتبارها فقط عناصر ظرفية كانت مفيدة ومهمة في الأساس، في الزمن الذي كانت فيه تلك الدول تواجه المحتل الفرنسي قبل حصولها على استقلالها، يبدو توجها براغماتيا وعقلانيا، في وقت تتجه فيه الدول إلى بناء تكتلات عملاقة وموسعة، والبحث عن أي فرص أو مجالات للتعاون وبناء الشراكات؟ إن تلك العناصر تبقى فارقة ومهمة من دون شك لأي تجمع إقليمي غير أن ما قد يكون ضروريا ومطلوبا للحفاظ عليه وتجنيبه خطر الانحلال هو عنصر الثقة، التي لا بد من توفر حد أدنى منها بين الأعضاء.
والمشكل الأزلي الذي ظل يواجهه الاتحاد المغاربي هو، أن منسوبه كان شحيحا وضعيفا من البداية، وبدلا من أن يتعمق ويتقوى بمرور الوقت، فإنه ازداد ضعفا على ضعف ووهنا على وهن. والثابت أن الدول الخمس تتحمل ولو بدرجات مختلفة المسؤولية عن ذلك، فكل واحدة منها كانت حريصة على أن تحقق مصالحها الخاصة، بدلا من أن تتبادل من خلال الاتحاد إشارات ولو رمزية ومتبادلة بذلك، وهنا فإن الأمين العام لذلك الهيكل ظل وفي معظم الفترات أشبه «بالاطرش في الزفة» يتابع في سكون وصمت كل المناورات والمهاترات التي كانت تجري بين تلك الدول، بل يقف مراقبا ومتفرجا على صراعاتها وصداماتها التي كادت تصل بها في بعض الاحيان إلى حافة الحرب، من دون أن يجازف ولو بتقديم تصريح مقتضب يدعو فيه لاحتواء الخلاف وعودة الرشد بين المتنازعين. لكن من يبدو الخاسر الأكبر من وراء ذلك؟ إنها فكرة قيام كيان مغاربي عملاق قد يشكل تهديدا قويا للمصالح الغربية ويكون منافسا شرسا لعدة قوى إقليمية دولية أخرى، هي التي تتراجع خطوات إلى الوراء.. أما من يستفيد من ذلك؟ فمن يريد أن يجعل من الدول المغاربية ريشة في مهب الريح بالتأكيد.

نزار بولحية

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

اليونسي محمد

ومتى كان هدا الاتحاد؟

ومتى كان هدا الاتحاد اولا وقبل أن يغيب؟؟؟؟؟ ثقافة الوعود والتسويف والكلام الفارغ الذي تطبل له ابواق الانظمة المتخلفة المغفلة في هده المنطقة لا تساوي ولا يمكنها أن تعوض على ثقافة قبول الواقع والاعتراف بالواقع والحالة الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية التي نعانيىمنها نحن أبناء المنطقة المغاربية مقارنة مع أغلبية دول العالم...! يجب أن نتخلى عن غوغاء الوعود والتسويف ونعتنق القبول بواقعنا ونعمل على تحسين المستوى التعليمي لكي نلتحق بجيراننا في الشمال....! انظروا فقط كيف هي سمعتنا عند جيراننا في الشمال...! الصين على سبيل المثال اكبر دولة من حيث عدد السكان ....، كيف كامت قبل عهد ماوتسي تونج، وكيف كانت بعد الثورة ...وكيف هي الان؟؟؟؟؟؟ هل هناك مشكل البطالة؟؟؟هل هناك مشكل التغذية مع العلم انها تتوفر على اكبر عدد الافواه على وجه الكرة الأرضية. لمادا هدا .. لأنهم يشتغلون ويشتغلون بذكاء وصدق وجدية وهدف تحسين العيش بدل بلا بلا بلا .. ! اذا قارناهم بنا وعقلية اهل المنطقة المغاربية....فلكم الكلمة .

ابو نووووووووح

المختلين عقليا سبب الخراب والركود الحاصل في المنطقة المغاربية

كل جزائري وكل ليبي وكل تونسي وكل مغربي وكل موريطاني وكل ابناء المنطقة المغاربية عموما ، من الطفل الصغير الى الشيخ الهرم ذكورا وإناثا سوف لن يسامحوا ابدا للعجزة المتعفنين ابناء بورديلات فرنسا لا في الدنيا ولا في الآخرة على ما إقتفوه في حق الأوطان لأنهم هم السبب في وفاة المغرب العربي ، ولقد ارتكبوا هذا الجرم في حق ابناءهم وابناء المنطقه المغاربية كلها فقط من أجل سواد عيون ناكحيهم (البوليزاريو )

ابو وداد

ذاكرة الاتحاد

أصلا لم تبق ذاكرة لهذا الاتحاد كل رؤساء الاتحاد الذين حضروا توقيع الاتفاقية ماتوا الا الملك محمد السادس الذي كان بحانب والده المرحوم الحسن الثاني ،ومن خلفهم لا يهمه اي اتحاد لانهم كانوا نكرة ولا رؤية سياسية واستراتيجية لخدمة شعوبهم

غزاوي

مجرد تساؤل

.../...تتمة مجرد تساؤل. لماذا لا ينجح الإتحاد الجديد !!!؟؟؟ 5- عن فكرة الغنوشي، علق عمار بلحيمر وزير الاتصال والناطق باسم الحكومة الجزائرية السابق في لقاء خاص مع موقع "عربي بوست"، يوم:10/04/2021، بما نصه: "لست مؤهلاً ولا مخولاً للحديث باسم رئيس البرلمان التونسي لكن الذي أحرص على تأكيده أننا محكومون يوماً ما بتجسيد حلم الشعوب في بناء صرح مغاربي قوي، وأننا لا يمكن أن نكون رهائن أهواء من اختاروا إقصاء أنفسهم أو محاولة تعطيل عجلة التاريخ والذهاب إلى المستقبل"انتهى الاقتباس 6- لا شيء يمنع اتحاد مغاربي ثلاثي أو رباعي بدون المغرب، وعندنا سابقة، عندما عزلت إمارات الخليج جمهورية اليمن. 7- قطار الاتحاد الثلاثي انطلق فعلا وبدأت بعض لجانه تعطي ثمارها، وبدأت الدول تتعامل معه وأولهم إيطاليا. 8- بعث "الإتحاد المغربي العربي" هو الذي أصبح في حكم المستحيل. وإن قدر الله، والله وحده القادر على ذلك، إعادة لم شمل الدول الخمسة فسيكون ضمن المولود الجديد وشروطه.

غزاوي

مجرد تساؤل

مجرد تساؤل لماذا فشل الإتحاد المغاربي !!!؟؟؟ 1- يجب أن لا ننسى أن المغرب هو من جمَّد الإتحاد ألمغاربي، ولا أعلم أنه أعلن تفعيل عضويته فيه. 2- خلاف المغرب ليس مع الجزائر فقط بل مع تونس وليبيا أيضا، لكن بدرجات مختلفة. وإلى ذلك، جاء في دراسة نشرها معهد “مالكوم كير- كارنيغي” للشرق الأوسط يوم:15/09/2023، تحت عنوان:"شمال إفريقيا يرفض التطبيع"، جاء فيه ما نصه: " تجلس ثلاث من أكثر الحكومات المناهضة للتطبيع (الجزائر، تونس، ليبيا) جنبا إلى جنب في جميع أنحاء شمال أفريقيا...لكن يبقى أن نرى ما إذا كانت العزلة المتزايدة للحكومة المغربية عن جيرانها القريبين - بسبب الصحراء الغربية أو العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية المتنامية مع إسرائيل - ستدفع إسفينا أعمق إلى منطقة مقسمة بالفعل" انتهى الاقتباس 3- المغرب دستر خلافاته مع جيرانه المباشرين (موريتانيا، الصحراء الغربية، الجزائر، اسبانيا) في الفصل 42 من دستوره، الذي يشير ضمنيا إلى أطماعه التوسعية في أراضيهم رغم اتفاقيات ترسيم الحدود. بدليل سكوته عن عقلاء المغرب عندما يثيرون موضوع من السياسة الخارجية التي تعتبر من اختصاص الملك، من قبيل شباط والريسوني وبهية السيمو وعمر هلال ومروك أبدو، ولم يلجمهم كما فعل مع بنكيران عندما انتقد التطبيع. 4- راشد الغنوشي رئيس مجلس النواب التونسي ورئيس حركة النهضة، كان يعلم هذه الخلافات، لذلك دعا في تصريح لأحد الإذاعات التونسية يوم:28/02/2021 إلى إنشاء اتحاد ثلاثي بين الجزائر وتونس وليبيا. فكرة تبنتها الأحزاب السياسية والأنظمة في الدول الثلاثة. .../...يتبع

غزاوي

مجرد تساؤل

مجرد تساؤل ما الذي سيحدث إن استفاق المغاربيون غدا على خبر نعيه، وغيابه نهائيا عن الوجود !!!؟؟؟ الكاتب طرح التساؤل السالف كأن المغرب العربي موجود. لقد سبق لمحمد السادس أن نعى وفاته للعالم من على منبر الإتحاد الإفريقي سنة 2017، وهو الآن في مصلحة حفظ الجثث. في مقال نشره موقع "العربية" يوم: 01/02/2017، تحت عنوان: "الملك محمد السادس: شعلة الاتحاد المغاربي انطفأت "، جاء فيه ما نصه: ما نصه: " نعى محمد السادس الاتحاد المغاربي، عبر إعلانه أنه من الواضح، أن شعلة اتحاد المغرب العربي قد انطفأت" انتهى الاقتباس خبر النعي هذا، لم يجعل أحدا يلطم خده أو يظرف دمعة واحدة، بالعكس كان منتظرا، وما حدث هو ميلاد تحالف جديد بديل كان منتظرا أيضا. ذلك ما أكدت وكالة الأنباء الجزائرية يوم:29/04/2024، بما نصه: " التحالف الذي نشأ في قرطاج جديرا بكونه بديلا إقليميا استباقيا سيفرض نفسه بمرور الوقت كشريك موثوق ومسؤول تجاه الكيانات الشريكة الأخرى " انتهى الاقتباس وحذت حدوها مجلة الجيش لشهر ماي بما نصه: " أن الاجتماع التشاوري الأول بين قادة الجزائر وتونس وليبيا المنعقد بتونس يوم 22 أبريل الماضي، يعد “خطوة هامة” تضاف إلى الانتصارات المتتالية التي حققتها الدبلوماسية الجزائرية في الآونة الأخيرة " انتهى الاقتباس

السنكوح

لا يمكن/ممكن

ممكن ان نستغني على اتحاد المغرب الكبير لانه حاليا لا وجود له والوضع هاديء ولكن الخاسر الكبير هم الشعوب المغاربيه هو ادا اجتمعت خمس دول الجزاير عنها بترول وغاز المفرب فلاحي اغلب دول أوروبا تآكل من فلاحته وعنده صناعة السيارات وصناعة الطيران والفسفاط اهم ماده في العالم لأنها تهم بطون العباد ليبيا عندها بترول وغاز مرتانيا وتونس عندهم خيرات مهمة فهنا اقتصاد المغرب الكبير سيكون قوي جدا وسنتحكم في الدول الاوروبيه والافريقية ولكن هدا الحلم الدي ينتظره ١٥٥ مليون مغاربي لا يمكن تحقيقه مادامت دولة العسكر تحكم الشعب الجزائري بالقوه العصابة بردعت الشعب كله وأصبح لا يفرق بين الصح والغلط الجزاير مكروه من طرف كل شعوب العربيه