طالبت ستة أحزاب سياسية موريتانية، قيد التأسيس، السلطات المختصة بالإسراع في منحها التراخيص القانونية التي تخوّلها مباشرة أنشطتها السياسية بشكل رسمي، مؤكدة أنها استوفت جميع الشروط القانونية والإدارية المنصوص عليها في القانون الجديد المنظّم للأحزاب السياسية، ومنددة بما وصفته بـ»تعطيل غير مبرر» لعملها.
وجاءت هذه المطالبة في بيان موحد صادر عن ستة أحزاب معارضة، عبّرت فيه عن استيائها من التأخر في تسليم الأوصال القانونية النهائية، رغم مرور فترات متفاوتة تجاوز بعضها ستة أشهر منذ إيداع ملفاتها لدى وزارة الداخلية.
وأكد البيان «أن الأحزاب المعنية استكملت كل المتطلبات المتعلقة بالتأسيس، بما في ذلك جمع التزكيات المطلوبة، وإيداع الوثائق الإدارية، والحصول على وصولات الإيداع الرقمية الأولية عبر المنصة الإلكترونية التي خصصتها الوزارة لهذا الغرض. غير أنها، حسب البيان، لم تتلقَّ إلى اليوم أي إشعار رسمي يوضح أسباب هذا التأخير، باستثناء رد متكرر مفاده أن الملفات «ما تزال قيد الدراسة»، دون تحديد طبيعة هذه الدراسة أو سقفها الزمني».
واعتبرت الأحزاب الموقعة «أن استمرار هذا الوضع يمثّل مساساً بحق دستوري أصيل، يتمثل في حرية التنظيم والعمل السياسي، وإخلالاً بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين الفاعلين السياسيين»، محذّرة من «أن هذا التعطيل يعيد إلى الأذهان مظاهر الإقصاء والتجميد التي طبعت الحياة السياسية الوطنية في مراحل سابقة».
وشدد البيان على «تمسّك هذه الأحزاب بحقها في الوجود والعمل السياسي، في إطار احترامها الكامل للقانون والمؤسسات»، داعية «الوزارة الوصية إلى رفع ما وصفته بـ»التعطيل غير المبرر»، وتمكينها من أوصالها القانونية دون مزيد من التأخير، حفاظاً على مصداقية المسار التعددي في البلاد».
ووقّع البيان كل من قادة حزب الحركة الشعبية التقدمية برئاسة اخيارهم ولد حمادي، وحزب تجديد الحركة الديمقراطية (تحدي) برئاسة يعقوب أحمد لمرابط، وحزب العمران برئاسة أحمد ولد هارون ولد الشيخ سيديا، وحزب تجمع الشباب الوطني الديمقراطي (تشاور) برئاسة مامين ولد أبحيده، وحزب اتحاد قوى التغير (الاتحاد) برئاسة المختار ولد الشيخ، إضافة إلى حزب من أجل موريتانيا قوية برئاسة عبد الرحمن ولد حمودي.
وتأتي هذه التطورات في سياق سياسي يشهد جدلاً متصاعداً حول تطبيق القانون الجديد المتعلق بالأحزاب السياسية، الصادر في شباط / فبراير 2025، والذي شدد معايير الترخيص بهدف إعادة هيكلة الحقل الحزبي، والحد من تكاثر الأحزاب الصورية، وتعزيز التعددية المسؤولة.
وكانت وزارة الداخلية وترقية اللامركزية والتنمية المحلية قد سلّمت، في آب/ أغسطس الماضي، أوصالاً مؤقتة لخمسة مشاريع أحزاب سياسية جديدة غالبها مقرب من النظام، في خطوة اعتبرها بعض المراقبين مؤشراً على بداية تطبيق صارم وشفاف لمقتضيات القانون الجديد.
وشملت هذه الأحزاب: جبهة المواطنة والعدالة، وموريتانيا إلى الأمام، وحزب الخيار الآخر، وحزب صيانة المكتسبات الديمقراطية، وحزب نماء.
وبحسب النصوص المنظمة، يُعدّ تسليم الوصل المؤقت مرحلة أولى في المسار القانوني لتأسيس الأحزاب، حيث تتيح للسلطات فترة دراسة وتحقيق وتحري، استناداً إلى المواد 7 و12 و13 و24 من الأمر القانوني المتعلق بالأحزاب السياسية، قبل البت في منح الوصل النهائي أو رفض الطلب.
غير أن هذه الخطوة لم تمرّ دون إثارة جدل، إذ عبّر عدد من الفاعلين السياسيين عن احتجاجهم على ما اعتبروه انتقائية في منح الأوصال المؤقتة.
وفي هذا السياق، جدّد النائب المعارض بيرام الداه اعبيد، زعيم حزب «الرك» قيد التأسيس، انتقاداته لما وصفه بـ»إقصاء متعمد» لحزبه، مؤكداً أن ملفه أُودع منذ فترة سابقة دون أن يُمنح الترخيص.
واعتبر بيرام، في تصريحات صحافية أن النظام الحاكم يواصل، حسب تعبيره، سياسات تقييد التعددية وإقصاء المعارضة الجادة، متهماً السلطات بمنح الترخيص فقط للأحزاب التي لا تشكل تهديداً حقيقياً لاستمرارها في الحكم.
وفي ظل هذا الجدل، يرى مراقبون أن ملف تراخيص الأحزاب بات اختباراً حقيقياً لمدى جدية الإصلاحات السياسية المعلنة، ولمصداقية التعهدات الرسمية بترسيخ التعددية، وضمان حق المواطنين في التنظيم والمشاركة السياسية، بعيداً عن منطق الانتقائية أو الحسابات السياسية الضيقة.
ستة أحزاب سياسية موريتانية تطالب بتسليمها التراخيص بعد استيفائها الشروط القانونية المطلوبة

تعليقات الزوار
لا تعليقات