أعلن اتحاد الشغل التونسي (المركزية النقابية) استقالة أمينه العام، نور الدين الطبوبي، وهو ما طرح تساؤلات حول مستقبل منظمة الشغيلة التي شهدت خلافات داخلية عدة وعلاقتها المتوترة مع السلطة.
وأكد سامي الطاهري، الناطق باسم الاتحاد لوكالة الأنباء التونسية أن الطبوبي “أودع صباح الثلاثاء استقالته بمكتب الضبط، وقد تسلّمها الأمين العام المساعد المكلّف بالنظام الداخلي”، دون أن يقدّم تفاصيل بشأن دوافع هذه الخطوة.
وبيّن الطاهري أن الاستقالة لا تفعّل بشكل فوري، باعتبار أن القانون الداخلي للاتحاد ينص على دعوة المعني بالأمر خلال 15 يوما للاستفسار عن أسباب استقالته ومحاولة ثنيه عنها، ثم تصبح نافذة في حال تمسّكه بها.
وأشار إلى أن عدة لقاءات ستعقد خلال الأيام القليلة القادمة داخل المؤسسات النقابية لمناقشة الخطوات التي سيتم اتخاذها تباعا، في ظلّ التطورات الأخيرة.
ويأتي تأكيد الطاهري لاستقالة الطبوبي بعد نفيه على مدى الأشهر الأخيرة لشائعات عدة حول هذا الأمر، فضلا عن نفيه استقالة الأمين العام المساعد للاتحاد، أنور بن قدور، مؤكدا أن “الأمين العام المساعد المسؤول عن النظام الداخلي لم يتسلم أي استقالة في هذا الشأن”.
وتأتي استقالة الطبوبي في ظرف دقيق تشهده المنظمة الشغيلة، على خلفية خلافات داخل المكتب التنفيذي حول موعد وطريقة عقد المؤتمر المقبل، والمنتظر في بداية العام المقبل، فضلا عن الخلافات السابقة المتعلقة باستمرار الطبوبي على رأس الاتحاد.
وعلق الكاتب الهاشمي نويرة على استقالة الطبوبي بالقول: “هذه المرّة الأولى التي يقدّم فيها أمين عام أعرق منظمة عمّالية في تونس وفي أفريقيا استقالته بسبب أزمة يُراد لها أن تبدو داخلية ولم يكن مسبوقا سوى بفرض السلطة الاستقالة على أحدهم من السابقين”، في إشارة إلى أن استقالة الطبوبي جاءت عقب ضغط من السلطات التونسية.
وأضاف: “ستخسر تونس مع تفكّك الاتّحاد نظام المناعة التي أمّن لها استمرار الحياة على مدى عشرات السنوات منذ الاستقلال. لمن يتعمّد حجب التاريخ، تونس ستخسر مع ضرب الاتحاد الحاضنة التي أمّنت على مدى الأزمات التي عاشتها تونس استمرار الفكر الحرّ وحقّ الاختلاف ومقوُمات مجتمع ديمقراطي نطمح إليه جميعا”.
كما اعتبر أن اتحاد الشغل كان “الضمانة الأساسية لاستمرار الدولة والمجتمع المتجانس، وقد لعب هذا الدور عندما ترنّحت باقي مؤسّسات الدولة وأوشكت على السقوط سواء كان ذلك في مرحلة التحرّر من الاستعمار أو بعد بناء الدولة الوطنية وفي كلّ الأزمات التي مرّت بها تونس”.
ودون النقابي الأمني السابق وليد زروق “مع تقديم الأمين العام السابق، نور الدين الطبوبي، استقالته اليوم، لا يمكن تجاهل أن الأزمة التي يعيشها الاتحاد العام التونسي للشغل بدأت قبل سنوات مع تعديل الفصل 20. هذا التغيير فتح المجال أمام استمرار القيادة نفسها في السلطة، وخلق اختلالات وانقسامات داخل المكتب التنفيذي، بعيداً عن المبادئ النقابية والمؤسساتية”.
واعتبر أن استقالة الطبوبي “فرصة لإعادة النظر في هياكل الاتحاد وإصلاح النظام الداخلي، وإشراك المناضلين الحقيقيين في استعادة استقلالية المنظمة وشفافيتها. الاتحاد يجب أن يبقى حصناً للعمال وملتقى للحقوق، لا أداة لتصفية الحسابات أو الاستحواذ على السلطة. الإصلاح الآن ليس خياراً، بل ضرورة لضمان أن تستمر المنظمة في أداء رسالتها النقابية بشكل سليم”.
وكتب زياد الهاشمي الناطق باسم حزب ائتلاف الكرامة “سيسجل التاريخ أن الحزب الوحيد في تاريخ تونس الذي واجه اتحاد الشغل وهو في قمة جبروته هو ائتلاف الكرامة”.
وخلال الفترة الأخيرة وجه الطبوبي انتقادات عدة للسلطات التونسية، حيث حذر في خطاب للمحتجين أمام مقر الاتحاد من «انفجار الوضع في البلاد»، مشيراً إلى أن «تونس تمر اليوم بمرحلة دقيقة، وسيكون للاتحاد خطوات نضالية قادمة».
وأضاف: «نعيش في مرحلة انهارت فيها كل أسس الحياة السياسية والمدنية، وتسممت مناخاتها بل تصحّرت، وزاد ذلك تعقيدًا، التحريض الممنهج وبث خطاب الكراهية وضرب الحريات والحق النقابي والحق في محاكمة عادلة، حتى إن الوضع بات قاب قوسين من الانفجار».

تعليقات الزوار
لا تعليقات