مجموعة “فاغنر” الروسية، هي شركة روسية عسكرية خاصة تعمل وحدة قتالية قائدها يفغيني بريغوجين الذي يتمتع بنفوذ وتأثير كبيرين و يمتلك شركات تمدّ الكرملين بالطعام والشراب في المناسبات الرسمية، وقد ظهر بريغوجين في إحدى أشهر صوره وهو يقدم طبقاً للرئيس بوتين ولذلك لقب بـ “طباخ بوتين”.
تحول قائد مجموعة “فاغنر” الروسية، من صانع انتصارات في الحرب الروسية على أوكرانيا إلى متمرد ضد الجيش الروسي وقياداته بعد تفاقم انتقاداته وخلافاته مع وزارة الدفاع إلى درجة أنه حذَّر مما وصفه بــ” ثورة بلشفية” في روسيا، بسبب مسار الحرب هناك، ولم يكتف بريغوجين بالتمرد المسلح، بل ذهب إلى حد تحدي بوتين، ورفض خطابه، فيما قالت قوات فاجنر في بيان منسوب إنه “سيكون لروسيا رئيس جديد”، وفي الوقت نفسه اتّهمت السلطات الروسية، بريجوجين، بالسعي إلى إشعال “حرب أهلية” في البلاد بسبب دعوته العسكريين للانتفاض على قيادتهم.
تعود حقيقة الخلافات بين الجانبين إلى مرحلة سابقة، خصوصاً على إثر معركة الاستيلاء على مدينة باخموت الأوكرانية، والتي دارت على مدى الشهور الماضية، حيث كان يرغب في الحصول على إشادة بجهود قواته وتزويدهم بالمزيد من الأسلحة والعتاد وفي الوقت نفسه يسعى لتصوير نفسه على أنه الوحدة الروسية الوحيدة القادرة على شن عمليات هجومية
ad
ما قام به زعيم فاغنر يأتي بعدما فقد الأمل في الحصول على ما كان يطلبه، وخطاب بوتين أكد أن تصرفات بريغوجين يسعى من خلالها للحصول على مناصب سياسية، وبالتالي اعتبر بوتين تلك الإجراءات التي قام بها زعيم فاغنر بأنها “خيانة وطعنة في الظهر”، ووجه بالتصدي لها بأشد الطرق وتوقيع أقصى العقوبات، لأن هذا مساس بأمن الدولة الروسية من وجهة النظر الروسية، خاصة في هذا التوقيت بالتزامن مع الهجوم المضاد الأوكراني.
في السياق ذاته، إن تأثير الأحداث على مستقبل بوتين ومدى ثقة الشعب الروسي، فلا أعتقد أن هذه الأزمة ستؤثر بشكل كبير، لأن فاغنر تبقى في نهاية المطاف مؤسسة عسكرية خاصة، لكن دخلت إلى العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا بأمر وزارة الدفاع لكي تحارب بجانب جيش نظامي يحتل المرتبة الثانية على مستوى العالم.
أن قائد فاجنر كان يهدف لإيصال رسالة لبوتين مفادها، أن قيادة الجيش غير قادرة على حماية البلاد كما يجب، وهو ما قد يدفع بوتين إلى إجراء تغييرات قريبة قد تطال وزارة الدفاع، لذلك من المتوقع أن يتحرك بوتين بعد “التمرد” على محاور عدة “داخلية وخارجية” على نحو متوازي، وبداية سيقوم بإصلاحات، وإعادة تشكيل للقوى والأجهزة الأمنية والاستخباراتية، وستعمل الأجهزة الأمنية الروسية خلال الفترة المقبلة على تقديم تقارير عن مؤيدي تحركات بريغوجين لإخراجهم من مواقع القيادة وزجهم بخطوط التماس بالحرب، لمنع تشكيلهم قوى قد تهدد بوتين مستقبلاً.
ولن يكون الجو السياسي والاقتصادي داخل روسيا بمعزل عن “تداعيات التمرد”، وستكون هناك تغييرات على كافة المستويات الامنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية، وقد يكون هناك توجه لوقف أي تمرد ضد السلطة السياسية وذلك باستخدام القبضة الحديدية.
مجملاً..إن قائد فاجنر كتب نهاية قصته بيده، حيث كان يهدف من هذا التمرد ضمان أمنه وممتلكاته في داخل وخارج روسيا والحصول على مناصب سياسية، و لم يكن هدفه احتلال روسيا كونه يعلم كامل العلم أنه غير قادر على مواجهة ثاني أقوى جيش في العالم.
أختم بالقول، إن توقيت الاعلان عن تمرد قائد فاغنر التي عقدت أمريكا وحلفائها آمالاً كبيرة ورطته في هذه المغامرة الخاسرة، وهي مغامرة يعلم الأمريكان والغرب قبل غيرهم، انها لن تسقط الرئيس بوتين، بل انها ستغطي لفترة على هزيمة الغرب في اوكرانيا، وستشغل الجيش الروسي لبعض الوقت، لكن السلطة السياسية الروسية استدركت هذا الوضع وحاولت حل الأزمة وإنهاء الاضطرابات بأسرع وقت ممكن.
تعليقات الزوار
لا تعليقات