يتساءلُ مُعظم الشباب الجزائري، عن سبب اندفاع السياسة الجزائرية في اتجاهين متناقضين؟! تندفع حضاريا نحو الماضي، بشقيه الديني، واللغوي، وتندفع نحو المستقبل، بشقيه الشبابي،والمالي!
يَهْرُبُ الشباب من الجزائر، نحو مستقبلٍ في أوروبا، لأن فُرَصَ النجاح في الجزائر تكاد منعدمة! ويجازف الشباب بنفسه في البحر لأجل ذلك! ويندفع رجال المال، والسلطة نحو الخارج، هربا من البلاد التي يَسرِقون منها المال، ويحكمونها بالنار، والحديد!؟ وعندما يغادرون السلطة، يهربون إلى الضفة الأخرى بأموالهم، وأبنائهم!
الشباب الذي يهرب إلى الخارج، يُتَهَمُ بقلة الوطنية، لأنه فَرَّطَ في وطنه، ولكنه عندما يتحول إلى مواطن ناجح في بلاد الغرب، كأن يصير طبيبًا،أو عالمًا، أو لاعبًا رياضيًا ناجحًا، يُصبح في نظر رجال السلطة، مُواطنا أكثرَ وطنية من وزراء، أو مسؤولين سامين في الدولة، حتى ولو كان مزدوجة الجنسية! هل هناك من هو أكثر وطنية من ناخب الفريق الوطني “بلماضي”، أو اللاعب رياض محرز، أو أي لاعب آخر!؟ بل إن الحكام يتمسحون بهؤلاء، كي يُثبتون للشعب الجزائري أنهم يمارسون الوطنية، ولا يوجد من تساءل فيهم، لماذا ينجح هؤلاء في الخارج، ويصبحون نجوما في الوطنية، ولا يحدث ذلك في الوطن الأم؟! هل للأمر علاقة بمن يحكم البلاد، أم له علاقة بتعاظم الوطنية لدى الشباب المهاجر، بفعل عامل الحرمان من الوطن؟! فالحرمان من الوطن هو أعلى درجات الحرمان بعد الحرمان من الحرية! ومن يُحرَمُ من الوطن، يزداد حنينه إليه! لهذا قال الشاعر أحمد شوقي:
“وطني لو شُغِلتُ بالخُلدِ عنه..نازعتني إليه في الخُلدِ نفسي!
وقال الشاعر أبو تمام:
“نقِل فؤادك حيث شئت من الهوى…ما الحُب إلا للحبيب الأول!
كم من منزلٍ في الأرض يَأْلفُهُ الفتى…وحنينُهُ أبدًا لأولِ منزلِ!
لهذا نرى هذه المزايدة الفائقة في الوطنية، من الشباب المتواجد في الخارج، على الذي يتواجد في أرض الوطن، ومن هنا لا تجد السلطة الحاكمة إلا تهمة التخوين، لتلصقها بهم، للحد من جموحهم الوطني نحو بلادهم!؟
لماذا لا تقوم السلطة بالمزايدة في الوطنية، على من هم في خارج الوطن، باصلاح الأوضاع في البلد، وتحويل الجزائر إلى مُصدِرٍ للوطنية، وليس مصدرِ للعُملاء للخارج؟!
سعد بوعقبة
تعليقات الزوار
لا تعليقات