واصلت المعارضة التونسية انتقاداتها للقانون الانتخابي الجديد، محذرة من أنه سيفسح المجال لعودة المال الجزائري الفاسد لشراء الذمم وتأسيس برلمان “ذكوري” يكرس للقبلية وشراء الذمم.
وقال رئيس حركة “عازمون” العياشي زمال إن القانون الانتخابي الجديد سيحد من حظوظ الشباب والمرأة في البرلمان المقبل مشيرا إلى أن المال السياسي سيعود من بوابة التزكيات الجديدة.
ودعا رئيس المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة، منير الشرفي، الى حذف بعض فصول القانون الانتخابي الجديد، التي قال إنها تمس من مكاسب تحققت في القانون السابق، وخاصة مبدأ التناصف بين النساء والرجال، مشيرا إلى أننا “سنشهد برلمانا ذكوريا ويضم الأثرياء فقط”.
وقال الوزير السابق مبروك كورشيد، في تصريح تلفزيوني، إن البرلمان المقبل “لا يقدم ولا يؤخر”، مضيفا “لم نقرر بعد في الحزب إمكانية المقاطعة لكن في النهاية المشاركة كعدمها. فالبرلمان المقبل لن يراقب عمل الحكومة، بل سيضع فقط القوانين، والرئيس قيس سعيد عمل خصما لدودا للبرلمان يتمثل بمجلس الأقاليم والجهات، ولا أعتقدا أن الوضع السياسي الحالي مفتوح لممارسة الديمقراطية”.
فيما قال هيكل المكي القيادي في حركة الشعب (مؤيدة لسعيد) “شروط اللعبة الانتخابية توضحت الآن، وسنشارك فيها على الرغم من تحفظاتنا عليها خاصة فيما يتعلق بشروط الانتخاب المجحفة وغير الواقعية والتي تكرس المزيد من البيروقراطية”.
وأضاف لوكالة الأنباء التونسية “الإشكال ليس في تقنية الانتخاب -إن كانت على الافراد أو غيرهم – بل الإشكال في الشروط التي صاحبت هذه التقنية والتي ستكرس مزيدا من البيروقراطية وتطرح تعقيدات أكثر على فئة واسعة من المترشحين، بالإضافة إلى أن تقسيم الدوائر الانتخابية يثير من جديد التخوفات بخصوص إثارة النعرات المناطقية ويفسح المجال لعودة التخلف القبلي”.
واعتبر حزب العمال أن مرسوم تنقيح القانون الانتخابي جاء “حاملا لأهم الأفكار الاستبدادية الشعبوية التي ظل سعيد لسنوات يصرح بها. وتكريسا لما يترتب عن تمريره لدستوره بالقوة تكريسا لخطة وضع اليد على مفاصل الدولة، فإنه يواصل نفس التمشي الانفرادي في صياغة أهم القوانين التسييرية ضاربا عرض الحائط المبادئ والأعراف المتعارف عليها دوليا مثل عدم سن القوانين الانتخابية أو تحويرها وتعديلها في نفس عام الاستحقاق الانتخابي بما يطعن في نزاهتها وشرعية نتائجها”.
واعتبر، في بيان أصدره الجمعة، أن محتوى القانون “جاء مكرسا لعداء سعيد للأحزاب كوسائط مدنية شعبية من خلال اعتماد التصويت على الأفراد في دوائر ضيقة بما يعزز عدم التصويت لبرامج بل لأفراد سيحتكمون إلى منطق الزبونية المبنية على أشد العلاقات تخلفا مثل العلاقات العائلية والقبلية والمناطقية ويقوي سلطة المال وشراء الذمم، مع التنصيص على كون النائب هو نائب دائرته الانتخابية وليس نائبا عن الشعب برنامجا انتخابيا (برنامج يهم الدائرة فقط) وتصويتا وعزلا (سحب الوكالة) بما يحول مجلس النواب إلى مجلس كانتونات محلية بما يهدد فعليا وحدة الشعب والبلاد من خلال اعتماد معايير الرقابة الضيقة”.
وأكد أن القانون “نص على أن تمويل الانتخابات هو فردي لا غير، ملغيا التمويل العمومي بما يعني واقعيا ربط الترشح بالقدرة المالية بما يفتح الباب واسعا أمام أصحاب المال والنفوذ كي يكونوا المجلس ويتحكموا فيه. كما ألغى أي تنصيص على التناصف عدا في قائمات التزكية التي ستكون في شكلها المعتمد مجالا للبيع والشراء لا غير”.
كما اعتبر أن “تجريم التمويل الفاسد وشبهات الفساد، فإنها لم تشر إلى إمكان تورط الهيئة المشرفة أو الإدارة بكل مستوياتها في التزوير والتدليس المباشر وخاصة غير المباشر، ولم يعزز القانون الحرية كشرط جوهري للانتخابات الديمقراطية، بل عزز كل أشكال التضييق التي عكسها المرسوم عدد 54 الصادر في نفس اليوم والذي وإن كان ظاهريا ملئا لفراغ قانوني حول الجرائم الالكترونية وتنفيذا لالتزامات دولية بسن هذا القانون”.
وأكد أن ما ورد في القانون الانتخابي الجديد “يكشف بوضوح عن نواياه وأهدافه التي تحول أي شكل من أشكال التعبير في وسائل الإعلام والتواصل إلى جريمة تصل أحكامها السالبة للحرية إلى خمس سنوات مضاعفة، وقد استغل سعيّد التنامي الفظيع للإشاعة والمس من حرمة الأشخاص وكرامتهم لتمرير هذا القانون الفاشستي، في الوقت الذي يعرف القاصي والداني في بلادنا أن أكبر جهة مورطة في السحل الالكتروني وتنظيم الإشاعة والمس من الكرامة والدعوة حتى للقتل هي من أنصار سعيد كما كانت من أنصار حركة النهضة ومجمل منظومة الحكم خاصة بعد 14 جانفي (كانون الثاني/يناير)، علما وأن التشريع التونسي فيه ما يكفي للتدخل القانوني الذي ظلت النيابة العمومية عاجزة عنه وهي التي لا تتحرك إلا إذا حركت، وهي بالأمس كما اليوم لا تتحرك لحماية حياة وكرامة المعارضين ونشطاء المجتمع المدني، بل تتحرك عموما ضد خصوم السلطة وأجهزتها”.
تعليقات الزوار
لا تعليقات