أخبار عاجلة

موريتانيا تطلق أشغال بناء أول محطة هجينة بالطاقات المتجددة لتكريس سيادتها الطاقوية

في مشهد يعكس التحول الطاقوي الذي تشهده موريتانيا، أعلن في نواكشوط عن إطلاق أشغال بناء أول محطة هجينة للطاقة المتجددة في البلاد، بقدرة إنتاج إجمالية تصل إلى 220 ميغاوات.
ويُنظر إلى هذا المشروع باعتباره خطوة تاريخية نحو تعزيز الإنتاج الكهربائي وتكريس السيادة الوطنية في مجال الطاقة، فضلاً عن كونه نموذجاً جديداً للشراكة بين الدولة والقطاع الخاص في تطوير البنية التحتية الحيوية.
ويقع المشروع في منطقة نواكشوط، ويأتي في إطار رؤية وطنية تهدف إلى استغلال الموارد الطبيعية الوفيرة من الشمس والرياح، وتوظيفها في إنتاج طاقة نظيفة وموثوقة.
ويشكل هذا المشروع، لما أعلنته وزارة الطاقة الموريتانية، بداية عهد جديد في قطاع الكهرباء، حيث تعتمد الدولة مقاربة مبتكرة تقوم على إدماج القطاع الخاص في الاستثمار، ما يتيح إطلاق مشاريع كبرى دون اللجوء إلى القروض أو الديون الخارجية أو استنزاف ميزانية الدولة. وستساهم هذه المقاربة الجديدة في تقليص نفقات الصيانة الكبرى ومعالجة أعطاب المحطات التقليدية، كما ستوفر زيادة معتبرة في الطاقة الكهربائية عبر جيل جديد من المحطات ذات الكفاءة العالية.
ومن المتوقع أن تشهد موريتانيا خلال الفترة المقبلة الإعلان عن مشاريع مماثلة وفق النموذج نفسه، ما يعزز استقلالية موريتانيا في مجال الطاقة ويكرس سيادتها الطاقوية.
وتتميز المحطة الجديدة بهندسة فنية تجمع بين مصادر متعددة للطاقة لضمان استقرار الشبكة ودعم الإنتاج، وتشمل محطة شمسية كهروضوئية بقدرة 160 ميغاوات، ومحطة طاقة رياح بقدرة 60 ميغاوات، ونظام تخزين بالبطاريات يوفر 370 ميغاوات ساعة، يضمن إنتاجاً منتظماً لتغطية فترات ذروة الاستهلاك، والربط بالشبكة عبر محطة تحويل بجهد 225/33 كيلوفولت لنقل الطاقة بأمان إلى منشآت الشركة الموريتانية للكهرباء.
وأوضحت وزارة الطاقة الموريتانية «أن هذا الدمج بين الطاقة الشمسية والرياح والتخزين بالبطاريات يجعل من المشروع نموذجاً متقدماً في المنطقة، حيث يضمن انتظام الإنتاج ويعالج التحديات المرتبطة بتذبذب مصادر الطاقة المتجددة.
ويُنفذ المشروع بغلاف مالي يناهز 120 مليار أوقية قديمة، يتحمله القطاع الخاص الموريتاني بالكامل، ضمن شراكة بين الدولة الموريتانية ومجموعة من الشركات الخاصة المستثمرة في المجال الطاقوي.
ويعمل المشروع بموجب عقد امتياز لمدة 15 عاماً، تنتقل بعدها ملكية المحطة بالكامل إلى الشركة الموريتانية للكهرباء، على أن يبدأ الإنتاج الفعلي في الربع الأخير من عام 2026.
وتتيح هذه الصيغة التعاقدية للدولة الاستفادة من خبرة القطاع الخاص في مرحلة التشغيل، قبل أن تنتقل الملكية لاحقاً إلى الشركة الوطنية، بما يعزز قدراتها الفنية والإدارية.
وحسب وزارة الطاقة والنفط، يهدف المشروع إلى تحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجية، أبرزها التحكم في تكلفة الإنتاج الكهربائي، ودعم تنافسية قطاعات الصناعة والتعدين والزراعة عبر توفير طاقة موثوقة، وخلق فرص عمل جديدة ونقل الخبرات الفنية للمهندسين والفنيين الموريتانيين، وخفض التلوث والالتزام بمسار استغلال الموارد الوطنية الوفيرة من الطاقات المتجددة.
كما يُتوقع أن يسهم المشروع في تعزيز موقع موريتانيا كوجهة واعدة للاستثمارات في مجال الطاقة النظيفة، خاصة في ظل الاهتمام العالمي المتزايد بالتحول نحو الطاقات المتجددة.
ويمثل هذا المشروع نقلة نوعية في مسار التنمية الوطنية، إذ يكرس استقلالية موريتانيا في مجال الطاقة ويعزز قدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية والبيئية؛ كما ينسجم مع التوجهات الدولية الرامية إلى خفض الانبعاثات الكربونية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ويرى خبراء أن إدماج القطاع الخاص في مشاريع البنية التحتية الطاقوية يمثل خياراً استراتيجياً يتيح لموريتانيا الاستفادة من التمويل والخبرة الدولية، دون أن تتحمل الدولة أعباء مالية إضافية.
وفي الوقت نفسه، يضمن هذا النموذج نقل التكنولوجيا والمعرفة إلى الكوادر الوطنية، ما يعزز بناء قدرات محلية قادرة على إدارة وتشغيل مشاريع مماثلة مستقبلاً.
ويشكل إطلاق أشغال بناء هذه المحطة الهجينة بقدرة 220 ميغاوات حدثاً مفصلياً في تاريخ قطاع الطاقة بموريتانيا؛ فهو لا يقتصر على كونه مشروعاً إنتاجياً فحسب، بل يمثل رؤية شاملة للتحول الطاقوي، تقوم على استغلال الموارد الوطنية، وإشراك القطاع الخاص، وتكريس السيادة الطاقوية.
ومع بدء العد التنازلي لانطلاق الإنتاج الفعلي في أفق 2026، تدخل موريتانيا مرحلة جديدة من مسارها التنموي، عنوانها الطاقة النظيفة، والاستقلالية، والتنافسية الاقتصادية.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات