أخبار عاجلة

تنامي النفوذ المغربي وفق مشروع شامل في الساحل مقابل تراجع الدور الجزائري

سلطت مجلة "جون أفريك" الفرنسية الضوء على انحسار النفوذ الجزائر في منطقة الساحل الأفريقي، مقابل نجاح المغرب في توسيع حضوره في المنطقة بفضل حرصه على تمتين علاقاته مع حكوماتها وإقامة جسور التواصل مع شعوبها وتركيزه على الدخول في شراكات على أساس المنافع الاقتصادية المتبادلة، فيما تقيم المبادرة الأطلسية التي أطلقتها المملكة بهدف تسهيل ولوج هذه البلدان إلى الممر المائي الحيوي، الدليل على التزام المغرب بعمقه الإفريقي.

وتطرقت الصحيفة إلى تصدع العلاقات بين مالي والجزائر بعد إلغاء باماكو في أواخر العام 2023 اتفاق السلام الهش الذي رعته الحكومة الجزائرية بهدف وقف الصراع بين الجيش المالي والانفصاليين الطوارق بسبب ما اعتبرته السلطات المالية تدخلا في الشؤون الداخلية إثر استقبال مسؤولين جزائريين وفدا عن المتمردين والتباحث معهم دون إشراك المجلس العسكري الحاكم.

ولفتت إلى أن "الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون أعلن في يوليو/الماضي استعداده للتوسط بين الحكومة المالية والمتمردين"، معتبرة أن هذه المبادرة ولدت ميتة لافتقارها إلى الجدية، مضيفة أن "السلطات المالية ترفض أي وساطة أجنبية وخصوصا من الجزائر التي تُتهم بإيواء شخصيات بارزة من قادة التمرد، إضافة إلى الإمام محمود ديكو، أحد المؤثرين في المشهد السياسي والديني بمالي".

وأوضحت أن بعض التحليلات ترى أن باماكو رفضت العرض الجزائري بسبب خلاف بشأن المقاربة، حيث تسعى الجزائر إلى "الحفاظ على علاقة متوازنة مع الطوارق، خشية امتداد النزاع إلى أراضيها الجنوبية التي تضم منشآت نفطية وغازية بالغة الأهمية''.

وتابعت أن "تراجع النفوذ الجزائري في الساحل يتجسد في انتكاستين واضحتين، الأولى، انسحاب مالي اتفاق السلام المبرم في العام 2015 بين أطراف الصراع، والثانية، رفض سلطات النيجر في أكتوبر/تشرين الأول 2023 مقترح الجزائر بانتقال سياسي مدني بعد الانقلاب العسكري".

وأضافت أن اعتماد "ميثاق السلام" في مالي، بإشراف رئيس الوزراء الأسبق عثمان إسوفو مايغا، كان بمثابة إعلان نهائي عن طي صفحة الاتفاق الجزائري، الذي شكّل آنذاك أهم إنجاز دبلوماسي للجزائر في المنطقة.

وترى الحكومة الجزائرية أن استقرار مالي يؤثر مباشرة على أمنها القومي، وخاصة مع وجود حدود مشتركة طويلة، وتخشى من تداعيات الاضطرابات على حدودها الجنوبية.

وأشارت "جون أفريك'' إلى أن تراجع النفوذ الجزائري في المنطقة فتح الباب أمام لاعبين إقليميين ودوليين آخرين للتأثير في المشهد، ومن أبرزهم المغرب.

وكشفت أن "الرباط تظهر كمستفيد أساسي من الفراغ الذي خلفه التراجع الجزائري"، لافتة إلى أن "المملكة تتحرك وفق مشروع شامل للنفوذ يجمع بين الجوانب الاقتصادية والدينية والأمنية، وتعتمد على رؤية طويلة المدى".

وتطرقت إلى ما أسمته "الإستراتيجية الأطلسية"، مشيرة إلى أنها "تهدف إلى ربط دول الساحل غير الساحلية بالمحيط، وهو هدف طموح قد يكون في مرحلة الإعلانات أكثر من التنفيذ، لكنه يتمتع بوزن جيوسياسي".

ويلعب المغرب دورا متزايد الأهمية في الساحل الأفريقي، مستفيداً من موقعه الجغرافي كنقطة وصل بين إفريقيا وأوروبا، ويسعى إلى تعزيز نفوذه من خلال مقاربة متعددة الأبعاد تجمع بين الدبلوماسية والمبادرات التنموية والروابط الروحية والثقافية.

كما تولي المملكة أهمية قصوى للتعاون الأمني مع دول المنطقة لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، التي تشكل خطراً على استقرار المنطقة. كما يتبادل المغرب المعلومات الاستخباراتية مع بلدان الساحل ويقدم التدريب العسكري لقواتها المسلحة، بهدف تعزيز قدراتها على مواجهة الجماعات المتطرفة.

ولا يقتصر دور المغرب على الجانب العسكري، بل يتبنى مقاربة شاملة تتضمن مكافحة التطرف من خلال الوقاية والتعليم والتنمية، بالإضافة إلى تنظيم الحقل الديني ونشر ثقافة التسامح.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات