أخبار عاجلة

تبون يستقبل ياسمينة خضرا بأبعاد سياسية في ظل قضيتي داود وصنصال

في موقف بروتوكولي لا يخلو من رسائل سياسية، استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الكاتب والروائي الجزائري محمد مولسهول المعروف بياسمينة خضرا ، وهو من أبرز الكتاب العالميين باللغة الفرنسية.

وورد في بيان للرئاسة الجزائرية، الإثنين: “استقبل رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، اليوم، الكاتب والروائي العالمي محمد مولسهول المعروف بياسمينة خضرا، والذي أهدى السيد الرئيس أحد كتبه”.

 

ويأتي هذا الاستقبال، في سياق تتويج ياسمينة خضرا بجائزة برلمان كُتّاب البحر الأبيض المتوسط في حفل أقيم بمدينة فالنسيا الإسبانية شهر شباط/فيفري الماضي.

وأكد منظمو الجائزة أن اختيار ياسمينة خضرا واسمه الحقيقي محمد مولسهول، جاء نظرًا لـ”إسهاماته البارزة في الأدب المتوسطي ودوره في تعزيز التقارب بين الشعوب من خلال الكلمة”. وجاء تكريم الكاتب الجزائري بعد فترة قصيرة من منحه جائزة “بيبي كارفالو” في برشلونة الإسبانية في 13 شباط/فيفري الجاري، ما يعكس المكانة التي يحظى كأحد أهم الكتاب الفرنكوفونيين في منطقة المتوسط.

وعلى غير العادة، لاقى تتويج الكاتب الجزائري ذي المسار الخاص حيث كان ضابطا سابقا في الجيش الجزائري، باحتفاء على أعلى مستوى. وكتب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، حينها على حسابه الخاص عبر مواقع التواصل الاجتماعي: “إلى ابن الجزائر البار محمد مولسهول، المدعو ياسمينة خضرا.. أبارك لكم هذا الفوز العالمي الذي تحصلتم عليه من قبل الدولة الصديقة إسبانيا، والذي أبرز مرة أخرى قدراتكم العالية في مجال الرواية. ألف مبروك للثقافة الجزائرية وتمنياتي لكم بمزيد من التألق”.

وأثار مضمون هذه التغريدة الانتباه، من حيث أنها وصفت الكاتب بـ “ابن الجزائر البار” وهو توصيف يأتي في ظل ما يثيره عدد من الكتاب الجزائريين المشهورين في فرنسا من مواقف تبدو مصادمة للخط الوطني. ومن هؤلاء، الكاتب الفرنكوفوني بوعلام صنصال الموجود حاليا في السجن، بعد تشكيكه في أحقية الحدود الجزائرية على قناة فرنسية تابعة لليمين المتطرف.

 

وفي وقت تحتفي السلطات الجزائرية بياسمينة خضرا، تلاحق كاتبا آخر فرنكوفونيا أصبح له صيت واسع في الدوائر الفرنسية هو كمال داود.
وكانت  الخارجية الفرنسية، قد أعلنت مؤخرا أن باريس تلقت إخطارا بأن القضاء الجزائري أصدر “مذكرتي توقيف دوليتين” بحق الكاتب الفرنسي الجزائري كمال داود.

ووفقا لمحامية داود، جاكلين لافون، فإن دوافع مذكرتي الاعتقال سياسية. وصرحت: “لا يمكن أن تكون دوافع مذكرتي الاعتقال الجزائرية هذه إلا سياسية، وهي جزء من سلسلة إجراءات تهدف إلى إسكات كاتب تتناول روايته الأخيرة مجازر العشرية السوداء في الجزائر”.

ويواجه هذا الكاتب دعوى في الجزائر، وأخرى بفرنسا  من الجزائرية سعادة عربان، التي تتهمه بسرقة قصتها ونشرها دون موافقتها في روايته حوريات الجائزة على جائزة الغونكور، كما يتهم بفتح جراح المأساة الوطنية عبر الحديث عن فترة التسعينات الأليمة في البلاد.

ويخالف خضرا نظرة داود وصنصال وغيرهما، تماما على الرغم من إقامته في فرنسا، فهو يتبنى خطا متماهيا مع النظرة الوطنية العامة للقضايا الإشكالية المرتبطة بالتاريخ والاستعمار.

وعلى الرغم من أن الكاتب كان قد أثار جدلا واسعا عقب عملية طوفان الاقصى، عندما زعم أن “حماس قامت بذبح المدنيين الإسرائيليين بلا رحمة، والقضاء على عائلات إسرائيلية، دون سابق إنذار أو ضبط النفس، ومن يفرح به لا يستحق أن يكون إنسانًا”، إلا أنه  بدا مؤخرا وكأنه أقام مراجعات لموقفه، ففي كلمته خلال الحفل الذي أقيم في برشلونة، سلط خضرا الضوء على الدور الحيوي للكتاب في مواجهة تحديات العصر، مشيراً إلى أنه “أكثر من مجرد وسيلة ترفيه، بل هو رفيق درب وسلاح لمقاومة الظلامية”. كما عبّر عن قلقه إزاء الانحدار القيمي الذي يشهده العالم، متسائلاً: “كيف وصلنا إلى هذا الحد من التبلد العاطفي تجاه المآسي الإنسانية؟”.

ولم يخفِ الكاتب استياءه من تراجع القيم الإنسانية أمام تصاعد النزاعات والتطرف، متوقفاً عند المآسي التي يعيشها الفلسطينيون، حيث وصف ما يحدث بأنه “أحد أكثر الفصول المظلمة في التاريخ الحديث”. وأضاف: “إننا ندخل مرحلة جديدة من النظام العالمي، حيث تسود اللامبالاة والانتهازية على حساب المبادئ”. ودعا ياسمينة خضرا إلى إعادة الاعتبار للكتاب كمصدر للوعي والحرية، مؤكداً أن الأدب سيظل شاهداً على التحولات الكبرى، وقوة قادرة على إيقاظ الضمائر في عالم يتخبط في أزماته.

ويُعد ياسمينة خضرا من أكثر الروائيين العرب ترجمةً إلى اللغات العالمية، حيث وصلت رواياته إلى أكثر من 50 لغة، مما مكّنه من التأثير على ملايين القرّاء حول العالم. وفي أحدث أعماله “قلب اللوز”، تناول بأسلوب شاعري رحلة إنسانية مليئة بالتحديات، مجسدًا قدرة الأدب على تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية بأسلوب فني. واشتهر بعدة روايات تحول بعضها لأعمال سينمائية، مثل “فضل الليل على النهار” التي تحدث فيها عن الاستعمار الفرنسي للجزائر من زاوية العلاقات الإنسانية المعقدة التي كانت سائدة بين الجزائريين والمستوطنين الفرنسيين.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات