حاولت الجزائر، من خلال الزيارة الرسمية التي يقوم بها الرئيس عبد المجيد تبون إلى سلوفينيا، لتوقيع اتفاقيات اقتصادية ومذكرات تفاهم بين الجانبين، إعطاء الانطباع بأن هذا البلد الأوروبي يدعم الرؤية الجزائرية لقضية الصحراء المغربية، بدعم "حق تقرير المصير" لما يسميه بـ"الشعب الصحراوي"، وهو الأمر الذي تُكذبه البلاغات الرسمية لسلوفينيا ووسائل إعلامها، بالرغم من محاولات الجزائر استخدام ورقة الغاز لدفع هذا البلد لتغيير موقفه من القضية.
ووفق ما أوردته الصحافة السلوفينية، فإنه على الرغم من الاتفاق على تمديد عقد تزويد سلوفينيا بالغاز الجزائري لمدة عامين إضافيين، والذي سيوفر لها بين ثلث ونصف حاجيات البلاد من هذه المادة الحيوية، فإن الموقف السلوفيني من النزاع في الصحراء ظل على حاله دون أي تغيير.
وحسب صحيفة "The Slovenia Times" فإن الرئيسة السلوفينية ناتاشا بيرتس موسار، خلال المحادثات التي جمعتها بالرئيس الجزائري، أكدت على أن بلادها تواصل دعمها لحل "عادل ودائم" لقضية الصحراء تحت رعاية الأمم المتحدة، وهو الموقف ذاته الذي عبرت عنه سابقا للمملكة المغربية.
ولم تأتِ تصريحات الرئيسة السلوفينية على ذكر "تقرير المصير"، الذي ترفعه الجزائر كعنوان لمواقفها بشأن النزاع، ما يشير إلى تمسك ليوبليانا برؤية متوازنة تتماهى مع المقاربة الأممية دون الانخراط في التأويلات السياسية التي تتبناها الجزائر.
أما وزيرة الخارجية السلوفيينة، طانجا فاجون، فقد نشرت على صفحاتها الرسمية على مواقع التواصل، منشورا أفادت فيه بأن سلوفينيا تلقت إشادة من الرئيس الجزائري بشأن موقفها من قضية فلسطين، وخاصة الاعتراف بالدولة الفلسطينية ودعمها الإنساني للمدنيين، دون أي إشارة إلى قضية الصحراء.
ويُفهم من هذا التجاهل أن سلوفينيا لا تضع قضية الصحراء المغربية في نفس مرتبة القضية الفلسطينية، بعكس ما تسعى إليه الجزائر التي تحاول دفع الدول الأوروبية إلى تبني سرديتها عبر ربط النزاع بمفاهيم تصفية الاستعمار والدفاع عن حقوق الشعوب.
هذا، وقالت الصحافة السلوفينية، إن زيارة تبون أسفرت عن توقيع اتفاقيات تشمل تعزيز التعاون في مجالات الطاقة، وتكنولوجيا الفضاء، والهجرة، والبنية التحتية، إلى جانب مذكرات تفاهم تتعلق بالمشاورات السياسية والتعاون الشرطي.
وذكرت "ذا سلوفينيا تايمز" أن الاتفاق الغازي، الذي وقّعته شركة Geoplin السلوفينية مع سوناطراك الجزائرية، سيرفع من حجم الإمدادات ليبلغ 500 مليون متر مكعب سنويا، مما يكرس الجزائر كمصدر أساسي للطاقة بالنسبة لسلوفينيا خلال المرحلة المقبلة.
ومع ذلك، لم يمنع هذا التقارب الاقتصادي أن تحتفظ سلوفينيا بمسافة واضحة عن مواقف الجزائر السياسية، وهو ما عكسه تصريح رئيس الوزراء السلوفيني روبرت غولوب الذي شدد على أهمية التعاون الأمني في مكافحة الهجرة غير الشرعية وقضايا تهم البلدين بالدرجة الأولى فقط.
ويرى مراقبون أن الجزائر حاولت استثمار ورقة الغاز والتعاون الثنائي لدفع سلوفينيا نحو موقف أكثر قربًا من طرحها، إلا أن المعطيات الرسمية، سواء من الخارجية أو من رئاسة الجمهورية، تؤكد أن سلوفينيا تفضل البقاء في إطار الشرعية الدولية التي ترعاها الأمم المتحدة.
تعليقات الزوار
لا تعليقات