أخبار عاجلة

محاكمة في تونس في قضية التآمر استغرقت 30 ثانية ومجموع أحكامها 9 قرون

30 ثانية فقط هو الوقت الذي استغرقه قاضي التحقيق في قضية التآمر في تونس، لتلاوة بضعة أسطر من قرار دائرة الاتهام، قبل رفع الجلسة دون استجواب أو مرافعة، لينهي بذلك أسرع وأقصر محاكمة في تاريخ القضاء التونسي والدولي.
وتعود القضية إلى فبراير/ شباط 2023، عندما تم إيقاف عدد من السياسيين المعارضين والمحامين وناشطي المجتمع المدني ورجال الأعمال، ووجهت إليهم تهم تشمل “محاولة المساس بالنظام العام وتقويض أمن الدولة”، و”التخابر مع جهات أجنبية”، و”التحريض على الفوضى أو العصيان”.
ومن أبرز المدانين في القضية رجل الأعمال كمال اللطيف (السجن 66 سنة)، والأمين العام السابق لحزب “التكتل الديمقراطي” خيام التركي (السجن 48 سنة)، والقيادي في حزب “حركة النهضة” نور الدين البحيري (السجن 43 سنة)، ورئيس الديوان الرئاسي الأسبق رضا بلحاج (السجن 18 سنة).
إضافة إلى أمين عام “الحزب الجمهوري” عصام الشابي (السجن 18 سنة)، والوزير الأسبق غازي الشوّاشي (السجن 18 سنة)، وأسماء أخرى محسوبة على “جبهة الخلاص الوطني” التي تضم شخصيات معارضة بارزة.
“المحاكمة الساندويتش” كما باتت تعرف في تونس، لم تخلُ من مفارقات أخرى أوجزها عضو هيئة الدفاع سمير ديلو في عدة نقاط، أبرزها أن قرار دائرة الاتهام في القضية تضمن 161 صفحة ليس فيها سطر واحد يتضمّن تخطيطا لعنف أو تحريضا عليه أو محجوزا له علاقة بعنف، ولكن ذلك لم يمنع المحكمة من الاستعانة بقانون مكافحة الإرهاب في محاكمة المتهمين بعد اتهامهم بـ”التآمر على أمن الدولة وتكوين تنظيم إرهابي”.
وانتظر المتهمون 800 يوما (داخل السجن وخارجه) تمكنوا خلالها من حضور واحدة فقط من جلسات محاكمتهم الثلاث التي انتهت بإصدار أحكام تتراوح بين 4 و66 ويبلغ مجموعها 892 سنة.
“محكمة القرن” التي انتهت بتسعة قرون سجنا دفعت عضو هيئة الدفاع المحامي حسن عكاشة للدعوة إلى “جولة ثانية” من عدالة انتقالية تنصف المتهمين “ظلما” وتدين نظام الرئيس قيس سعيد في “محكمة التاريخ”.
غير أن أبرز المفارقات في القضية هي قصة تاجر سيارات شاب يُدعى حطاب سلامة دفعه حظه العاثر إلى ركن سيارته أمام منزل القيادي السابق في حزب التكتل الديمقراطي، خيام التركي (أحد المتهمين في القضية)، قبل أن يتم توقيفه بتهمة “التآمر على أمن الدولة”، ومن ثم صدرت أحكام بسجنه لأربع سنوات، الأمر الذي دفع المحامي سمير ديلو لمقارنة سلامة بالفنان عادل إمام في فيلم “إحنا بتوع الأوتوبيس”، مضيفا بسخرية: “كان على السلطات التونسية الإفراج عن حطاب سلامة ومحاكمة سيارته!”. قضية التآمر دفعت العشرات من خبراء القانون في تونس لإمضاء عريضة عبروا فيها عن رفضهم لمسار “الأمر الواقع” السائد منذ 25 تموز/ يوليو 2021 بـ”ذرائع واهية تدخل كلها في باب الشعبوية التي تقوض مبادئ الشرعية والحريات الأساسية وحقوق الإنسان ودولة القانون وتشرع لحكم الفرد”، مؤكدين إدانتهم لـ”توظيف القضاء خدمة للنظام القائم بتجريم المعارضة السياسية وتكميم حرية التعبير”.
كما دعوا إلى “استعادة الديمقراطية واستقلال القضاء بما يوفر شروط المحاكمة العادلة والمنصفة ووقف تآكل الشرعية القانونية”.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات