كشف المعهد الوطني للاستهلاك أن التونسيين يهدرون يوميا 900 ألف رغيف خبز خلال شهر رمضان أي ما يعادل نحو 27 مليون خبزة خلال الشهر، رغم تراجع إنتاج الحبوب وارتفاع كلفة توريد القمح المدعوم.
وتشير بيانات المعهد الى ارتفاع نسبة الهدر الغذائي في شهر الصيام في تونس، إذ تتراوح بين 15 و30 في المئة، بينما يزيد استهلاك التونسي لأصناف عديدة من المخبوزات غير المدعمة تصل الى 46 في المئة مقابل 16 في المئة فقط في الأيام العادية.
وفي بلد يعاني أزمة اقتصادية خانقة تميزت بشح العديد من المواد الغذائية الأساسية من الأسواق، تتصدّر تونس دول المغرب العربي كأعلى معدل إهدار غذائي والثانية على المستوى العربي والثالثة افريقيا بمعدّل 172 كلغ من الطعام المهدور، وفق تقرير هدر الأغذية الصادر عن البرنامج البيئي للأمم المتحدة لعم 2024.
وعلى الرغم من هذه الأرقام "الصادمة" ترتفع الظاهرة من عام إلى آخر، بينما ترجعها منظمات ارشاد الاستهلاك الى سلوك التونسي، حيث يعتبر إهدار الطعام من السلوكيات التي تحوّلت الى ثقافة في المجتمع بل إنها متوارثة عن الأجيال السابقة التي كانت تتمتع بوفرة المحاصيل الزراعية بما يسمح بإعداد أطباق تفوق حاجياتهم الحقيقية في أغلب لحلت، وفق المحللين.
ويشغل التبذير والإسراف على موائد رمضان السلطات التونسية ومنظمة الدفاع عن المستهلك، بسبب تأثيراته على النفقات الأسرية ومنظومة الإنتاج عموما في وقت تمر فيه تونس بأزمة اقتصادية وشح مائي غير مسبوق. وكانت المنظمة قد أطلقت خطة تهدف لتغيير السلوك الاستهلاكي للتونسيين بناء على المعطيات الاقتصادية والمناخية الجديدة، موجهة للناشئة بدرجة أولى من أجل صناعة جيل جيد يحسن التعامل مع الموارد المتاحة له، فيما أشرفت الحكومة بالتعاون مع الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية على تنظيم دورات تدريبية لتجار التجزئة والمستهلكين.
ورغم الحملات التوعوية والدعوات للحدّ من هذه الظاهرة، فإنها تتكرر سنوياً، حيث لم يتخلّ التونسيون عن عاداتهم الاستهلاكية، ما أدى إلى ارتفاع حجم الهدر الغذائي، رغم انتقادات الكثيرين لهذا السلوك الذي يرونه منافياً لقيم شهر الصيام.
وتشغل أزمة تبذير الخبز نشطاء بيئة في تونس، حيث حذروا من انعكاساتها السلبية على الموارد المائية، فيما يؤكد خبراء أن ذلك يكلف البلاد فقدان أكثر من 11 مليار ليتر من المياه.
وتشهد تونس في السنوات الأخيرة نقصا حادا في إنتاج الحبوب بسبب التغيرات المناخية وتراجع معدل الأمطار، مما اضطر السلطات إلى الرفع من وتيرة الاستيراد لمواجهة الأزمة، حيث يستورد ديوان الحبوب التونسي ما يقارب عن 80 في المئة من احتياجات البلاد من القمح اللين وما بين 30 و50 في المئة من القمح الصلب، فيما يشدد الرئيس التونسي قيس سعيد على أنه "لا يمكن الحديث عن سيادة كاملة لتونس وهي تأكل من وراء البحار".
تعليقات الزوار
لا تعليقات