عشية مباراة الكرة في باريس بين فرنسا وإسرائيل الخميس الماضي انتشرت في فرنسا طرفة تقول: فعلها المغاربة في أمستردام فهل سيفعلها الجزائريون في «سان دوني»؟
«سان دوني» هي إحدى ضواحي شمال العاصمة باريس. هناك يقع ملعب «ستاد دو فرانس» أحد أعرق ملاعب الكرة في أوروبا الذي اشتهر سابقا تحت مسمى «حديقة الأمراء». في «سان دوني» أيضا عاشت منذ عقود، ولا تزال، جالية مغاربية، جزائرية بالتحديد، كبرى.
مثل الجالية المغربية في أمستردام التي خرج منها أعلام وسياسيون بلغوا مراتب عليا (في 2016 انتُخبت البرلمانية من أصل مغربي خديجة أعريب رئيسة للبرلمان الهولندي بأغلبية مريحة) أنجبت الجالية الجزائرية في فرنسا، و«سان دوني» بعض أكثر الناس طيبة وفائدة لمجتمعهم وللبشرية.
كانت الطرفة تحيل إلى حوادث أمستردام بين مشجعين إسرائيليين قدموا إلى المدينة لمناصرة فريق مكابي تل أبيب في مباراته ضد نادي أياكس أمستردام، وهولنديين من أبناء الهجرة ومواطنين أصليين. بدأ الإسرائيليون الاستفزاز والاعتداءات كما بيّنت مئات الفيديوهات، لكن القادة السياسيين والإعلاميين الغربيين تسابقوا كعادتهم إلى سوق المزايدة وإرضاء إسرائيل. هكذا تحوّل المناصرون الإسرائيليون في غضون ساعات من «هوليغانز» عنصريين يشكلون خطرا على النظام العام في المدينة، إلى ملائكة انقض عليهم الوحوش فقط لأنهم يهود.
لهذا كان يجب أن تسأل الطرفة: هل سيفعلها الإسرائيليون في باريس كما فعلوها في أمستردام؟
لحسن الحظ أن أبناء الجالية الجزائرية في باريس، و«سان دوني» خصوصا، لم يفعلوها. امتناعهم عن حضور المباراة، حدث صدفة أم بتخطيط، كان تصرفا حكيما. لقد فوّتوا فرصة ثمينة على سماسرة ريوع التاريخ. فاستفزاز المناصرين الإسرائيليين، وحتى الحضور قريبا منهم، ثم اشتعال الموقف كما جرى في أمستردام، هو بالضبط ما كان أقطاب السياسة والإعلام في فرنسا والغرب، وفي إسرائيل، ينتظرون لتحويله إلى سوق مزايدات لجني بعض الريوع ومنح إسرائيل متنفسا تحرف به الأنظار عن جرائمها في غزة ولبنان والضفة الغربية.
ورغم غياب أبناء الهجرة المغاربية عن المباراة، أوردت بعض كبريات وسائل الإعلام الغربية أن باريس شهدت في اليوم السابق للمباراة تظاهرة مناهضة لإسرائيل. وتوقفت عند كون بعض المتظاهرين حملوا أعلاما جزائرية وفلسطينية ولبنانية، في تلميح واضح إلى نوايا غير بريئة. الحكم على النوايا واحد من أبرز ثوابت الإعلام الغربي في مقاربته لمنطقة الشرق الأوسط وسكانها (باستثناء إسرائيل). وقد تهرّبت وسائل الإعلام التي أوردت هذه التفاصيل من ربط تظاهرة الأربعاء بفعالية داعمة لحروب إسرائيل نظمتها يوم الأربعاء جهة متطرفة تسمى «إسرائيل للأبد» ودعت إليها الوزير العنصري في حكومة بنيامين نتنياهو، بتسلئيل سموتريتش. فضّلت وسائل الإعلام الغربية، بدلا من ذلك، ربط التظاهرة بمباراة الخميس.
لو حضر أبناء الجالية المغاربية المباراة وارتكبوا خطأ رفع شعار مناهض لإسرائيل، أو قول كلمة مؤيدة لغزة، أو استفزاز المناصرين الإسرائيليين، لأقامت لهم الأوساط السياسية والإعلامية الفرنسية والأوروبية محاكمات أكبر من تلك التي أعقبت أحداث أمستردام. ففرنسا جاهزة دائمة لحفلات المزايدة لصالح إسرائيل، والأرضية فيها خصبة بسبب عوامل تاريخية وإنسانية واجتماعية تعود إلى نشأة إسرائيل.
منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة شكّلت ألمانيا المفاجأة من حيث اندفاعها في دعم إسرائيل وقمع كل صوت يرتفع دفاعا عن غزة وسكانها في تعرّضهم للإبادة. اكتشف العرب، ومن ورائهم العالم، في ذهول أن ألمانيا ذهبت بعيدا جدا في دفاعها عن إسرائيل، وفي ربطها ذلك الدفاع بتزكية الإبادة في قطاع غزة.
كثيرون تساءلوا في أعماقهم كيف تندفع ألمانيا ذاتها، التي شرّعت أبوابها في 2015 و2016 لملايين اللاجئين العرب والمسلمين، بكل هذه القوة في دعم الإبادة في غزة وسحق كل صوت داعم لفلسطين.
رغم المفاجأة التي أحدثتها ألمانيا في الوعي الجمعي العربي والأوروبي، يجب أن يدرك العرب والعالم أن فرنسا لا تختلف عن ألمانيا عندما يتعلّق الأمر بإسرائيل. هناك تاريخ متشابه بين فرنسا وألمانيا.. الأولى شحنت اليهود إلى الأفران والثانية أحرقتهم. لهذا من المفهوم أن يتشابه البلدان في حاضرهما الاعتذاري.
رغم ادعاء بعض السياسيين الفرنسيين المستمر بأن علاقات بلادهم بالعالم العربي عميقة واستثنائية، إلا أن عمق هذه العلاقات لا شيء أمام عمقها مع إسرائيل. مع إسرائيل هي علاقة حب مفرط وشعور بواجب العطاء المستمر. أما العرب بالنسبة لفرنسا فمجرد تاريخ استعماري يفرض نفسه، مثل حال رجل مضطر للعيش مع ما يربطه بطليقته من ماض وأولاد وميراث مادي ومعنوي.
لا تغرنَّك التصريحات التي تصدر هنا أو هناك عن رئيس فرنسي ناقدة لإسرائيل. تلك مطلوبة لضرورات الحفاظ على ماء الوجه. في المقابل تذكّر أن ثلاثة رؤساء فرنسيين (ماكرون وهولند وساركوزي) حضروا مباراة الخميس بين فرنسا وإسرائيل، وأن فرنسا أحضرت خمسين رئيس دولة وحكومة إلى مظاهرة «مناهضة للإرهاب» في شهر كانون الثاني (يناير) 2015. كان السبب الأول لتجنيد كل أولئك القادة أن العمليات الإرهابية التي ضربت باريس في ذلك الشهر استهدفت متجرا يهوديا، ثم تأتي مجلة «شارلي إيبدو» وغيرها في الدرجة الثانية.
حضور الرؤساء الثلاثة مباراة الكرة، تهديد السلطات الفرنسية بمعاقبة نادي باريس سان جيرمان بسبب يافطة «الحرية لفلسطين» التي رفعها الأنصار قبل أسابيع معدودة، الضغط على عشرات الرؤساء والقادة لحضور تظاهرة باريس في 2015، مزايدات أطياف السياسة في فرنسا في الإساءة لأبناء المهاجرين بداعي الخوف على اليهود، الكذب والانحياز الإعلامي الأعمى لإسرائيل، البحث عن سبب لتعليق المشانق لأحد خيرة أبناء فرنسا، الوزير السابق دومينيك دوفيلبان، بسبب شجاعته في قول الحقائق عن إسرائيل، انتظار الحكومة الفرنسية أسبوعا كاملا لاستدعاء السفير الإسرائيلي بباريس للاحتجاج على إهانة جندرمة فرنسيين في كنيسة بالقدس.. كل هذه الحقائق وغيرها تجد تفسيرها في رحلة الاعتذار التي فرضتها فرنسا على نفسها.
لكن هذه الرحلة، مثلما هو الحال مع ألمانيا، تبدو بلا خط نهاية لأن لا أحد من الأطراف المعنية بها يريد نهايتها. أيُّ عاقل في الأرض يتمنى وضع حد لتجارة تدر عليه أرباحا هائلة؟
توفيق رباحي
تعليقات الزوار
اللغط شيء والفعل شيء آخر!
لم يخرجون حتى في بلادهم....فكيف سخرجون في بلاد اخرى؟؟؟؟؟؟؟؟ صحيح لقد خرجوا في شوارع باريس ليشتمون المغرب وشعبه ونادوا بأننا حيوان وأنهم سيعطوننا البنان
المهاجر هو في يد يهود اوروبا
الغرب يساند اسرائيل لهدف معين وهو خلق للعربي عدو يهودي ومن تم يتم نهب خيرات العرب من ثروات وعقول وفرض عليهم قررات سياسية تقسم بين العرب وتشتت جمعهم وتفكك ترابطهم ،حتى دينيا استطاع الغرب ان يفتح للعرب كل المجالات للتعبير عن دينهم حيث نجحوا في تسييس الدين بشكل رهيب موجه فقط للدول العربية ..بينما يعلم الجميع ان العرب في اوروبا دون استثناء عملهم وتعاملاتهم وكل مجريات حياتهم هي مع اليهود او داعمي اسرائيل ماديا ....
انجازات وهمية
وهل ما فعله المغاربة ولم يفعله الجزاءريون غير شيءا من واقع فلسطين والفلسطينيين ؟ فلسطين في حاجة الى ارادة سياسية الى جيوش وابطال واسلحة واموال وهو ما لا يمكن للعرب ان يوفروه اموالهم عند الغرب رقابهم تحت اقدام الغرب اسلحتهم التي يتحكم فيها الغرب عن بعد من الغرب ولكم في اتصالات الاسلكية لحزب الله وما فعلت بها اسراءيل اكبر مثل ... والله اظحك من هؤلاء العرب الدين يعرضون اسلحتهم المستوردة ويفتخر ن بها وهي مجرد العاب عاشوراء يمكن للدولة المصنعة ان تفجرها او تعطلها عن بعد ...... ما وقع في امستردام يقع كل اسبوع في الملاعب العربية وبين الاخوة فما هو وجه الاختلاف ؟؟؟؟
76
يعني خوى خوى
التأويل الساذج للنص
قراءة خاطفة لعنوان المقال توحي قراءته بدلالتين:الاشادة والادانة، حسب القراءة بمنطوق النص اوبدلالة المخالفة،وهذا ما يتبدى من خلال التغلغل في النص الذي حاول كاتبه عن قصد او بدون قصد ان يشيد بالجالية الجزائرية في ساندوني ويدين الجالية المغربية في امستردام بدعوى اتخاذ الصهاينة ومن ورائهم قوى الش اتخاذ هذا الموقف البطولي ذريعة لزيادة الدعم للصهاينة والتعاطف معهم،وهو تأويل ساذج يكذبه الواقع ويكشف لغة الهزيمة النفسية التي غدت تسري في عروقنا.وأقول جازما لو أننا عكسنا الأمر وماو قع في امستردام وقعفي ساندوني وما قامت به الجالية الجزائرية في ساندوني هو ما قامت به الجالية المغربية في امستردام لوجدنا كاتب المقال يكيل المديح لشجاعة الجالية الجزائرية التي خرجت للشارع للرد على استفزازات الصهاينة، وادان الجالية المغربية لجبنها وتقاعسها في عدم نصرة اخوانهم الفلسطينيين.لاننا نحن المغاربة تعودنا على هذه الازواجية في الخطاب والكتابة لأن أصحابها لا يملكون قرارات أنفسهم بل يمتحون من منبع اصبح مفضوحا لدينا نحن المغاربة..
الجزائريين
لم يشاركوا او لم يفعلوها لانهم ليسوا برجال واسطورة مليون شهيد اسطوانة كاذبة لاستقطاب تعاطف الأميين ليتاح لهم نهب خيرات البلاد
زيف وادعاء
كل مرة احاول ان اغالط نفسي وأوهم نفسي بان هذا الموقع الالكتروني يملك حرية قراراته ويؤمن بالرأي والرأي الناقد.ولكن سرعان ما يذوب هذا الاعتقاد الزائف وهذا التقدير المبالغ فيه ويرتطم بالواقع الحقيقي المرالذي يكشف سوأة ويعري حقيقة المشرفين على إدارة الموقع او على الأقل حتى أكون منصفا زمرة منهم ، وهو ما يظهر من خلال تعليق بسيط يملك قراءة مختلفة لما حاول الكاتب تمريره.ولكن تأبى إدارة الموقع اعتماده في تواطئ سافر مع الكاتب ، وهو ما يضرب نظرية حرية التعليق في الصميم. و يؤكد رغبة الموقع في عدم إغضاب سدنة المرادية وكهنة عبلة...
اعتذا
قيل قديما بأن الاعتذار من شيم الشجعان،أما أنا فأقول بأن الاعتذار من شيم الشرفاء.لذلك كان لزاما علي ان أقر بأنني هذه المرة تسرعت في الحكم على موقعكم ربما لأن الموقع تأخر في تنزيل تعليقي مما جعلني ارتاب وهذا من غيرتي على موقع كنت دائما اعتقد بأنه متنفس الغيورين على أوطاننا الممزقة الأوصال .لذلك أجدد اعتذاري لجميع المشرفين على القناة..
تاريخ الجزائررلا يتعدى صفحة لانه ليسوا رجال
دائما في وقت الافعال يغيب بنوا كرغل الكلاب الضالة تنبح في المواقع وامام الكاميرات و في نصرة فلسطين زالمة او مزلومة اخخخ شعب الخرافات والشعارات و سرقت تاريخ اسيادهم لهدا ليس لهم تاريخ يدكر لا يكاد يملاء ورقة لم يخرجوا في بلدهم لنصرة غزة وفي المواقع يتزايدون عن اسيادهم والعالم الان يعرف ويعلم من هم الكراغلة بلد الشعارات والنباح
[email protected]
الواقع غير ما تقوله ياايها الكاتب. اوليس الجزاير من تصرخ يوميا بانها مع فلسطين زالمة او مزلومة ؟ اين شجاعة الجالية الجزايرية التي تخرج في شوارع باريس لسب المغاربة وملكهم؟ الجزايريين جبناء لا يستطيعون الخروج باسمهم، لقد كان المخطط هو ان يخرجوا ولكن باقمصة مغربية واعلام مغربية لينهبوا ويخربوا ويسرقوا باسم المغاربة، لكن فطنة المغاربة بهذا المخطط وفضحه مسبقا جعلهم لا يخرجون. ليست لديكم جراة وشجاعة المغاربة لا في نصرة فلسطين ولا في الدفاع عن انفسهم امام الماكينة الاعلامية الصهيونية. ترى من تطبع؟