ها هي فرنسا تفلت منها «عنصريتها» وتبين أنها «بلد حقوق الإنسان الرجل الأبيض والغني ورجال الأعمال فقط»، كما صرحت امرأة فرنسية متضامنة مع «منى»، والدة الضحية «نائل»، بعد مقتل الشاب، الذي لم يبلغ بعد سن الرشد القانونية، برصاصة شرطي فرنسي، مع سبق الإصرار والترصد!
ما الذي نقرأه ونستشفه من هذه الحادثة المأساوية، التي أغرقت فرنسا في فوضى ودمار، وربما فوضى أهلية؟ ردود الأفعال بين من يرى أنها العدالة السماوية والأرضية، تجعل فرنسا تدفع ثمن ما اقترفته من جرائم استعمارية، ومن تدخل سافر في شؤون الدول الضعيفة ووصايتها الأبوية عليها.
وهناك من يدعو إلى إيقاف هذا العنف، الذي لا يمكن تبريره بمقتل «نائل».
على صفحة «توفيق دي زاد» نقرأ أن الأحداث ليست سوى «زعاف ناتج عن 132 سنة، فاشهدوا فاشهدوا فاشهدوا»، يقصد اللازمة الشعرية في النشيد الوطني الجزائري قسما، أي فاشهدوا، فاشهدوا فاشهدوا.
أما «المعالجة الإعلامية للأحداث في فرنسا»، فكتب عنها محمد أحمد إبراهيم على صفحته الرسمية على فيسبوك «تتواصل الاحتجاجات في فرنسا، التي أشعلها مقتل نائل، الشاب الفرنسي من أصول جزائرية برصاص أحد أفراد الشرطة في مدينة «نانتير» (في الضاحية الغربية لباريس)، على خلفية عدم امتثال الضحية لتعليمات دورية مرور بالتوقف». ويواصل المنشور في سرد التحليلات حول هذه الاحتجاجات التي عمت العديد من كبريات المدن الفرنسية، بأنها نتيجة «التعديلات التي أدخلتها الحكومة الفرنسية عام 2017 على قانون المرور بالسماح لرجال الشرطة بإطلاق النار على السائقين، هو السبب في مقتل «نائل»، الذي يعد ثالث شاب قتل على يد الشرطة خلال العام الجاري في حوادث مراقبة المرور، بينما شهد عام 2022 حوالي 13 حالة قتل من هذا النوع، ومعظم ضحايا هذه الحوادث كانوا من أصول عربية أو افريقية، لتكون العنصرية في تعامل الشرطة الفرنسية مع المواطنين على أساس اللون والعرق، هي السبب وراء ما تشهده فرنسا من احتجاجات غاضبة وأعمال شغب وحرق منشآت في مشاهد «أبوكاليبس».
وكما جاء في صفحة الإعلامي محمد أحمد إبراهيم، فإن ردود أفعال الإعلام العربي والغربي جاءت متباينة حول أسباب الاحتجاجات. فبينما يرى الإعلام العربي أن أسباب الاحتجاجات «عنصرية «إذ اعتبرت أن مظاهر العنصرية والتمييز والتهميش، هي التي دفعت بشباب ضواحي المدن الفرنسية إلى الانتفاض، رفضا للأمر الواقع»، إلا أنه من وجهة نظر الإعلام الفرنسي فإن العامل الاجتماعي هو أساس هذه الاحتجاجات، أي أن «الظروف الاجتماعية والاقتصادية لهؤلاء (شباب الضواحي) كانت سببا كافيا لانفجار الوضع».
وعقب هذه الاحتجاجات فرضت فرنسا حظر التجوال في عشرين مدينة، وتفكر في إقرار قانون الطوارئ، هذا القانون الذي ينتمي إلى الفترة الاستعمارية، والذي يعتبر من تراث تعاملها مع أحداث «أكتوبر الأسود 1961» الأحداث الدامية التي شهدتها فرنسا آنذاك، والتي أودت بحياة المئات من العمال الجزائريين.
هذا القانون، الذي يواجه سخطا كبيرا عند عدد من الإعلاميين باعتباره قانونا يحمل شحنة استعمارية، يضيف المنشور. كما أن هناك من ذكرته حادثة مقتل «نائل» بأغنية المطرب الكبير عبد الوهاب الدوكالي، بعنوان «مونبرناس»، وهو الأستاذ بوداود عميّر، ومما كتب على صفحته «تأثر الفنان المغربي الكبير عبد الوهاب الدوكالي كثيرا بمقتل شاب جزائري في فرنسا في سنوات الثمانينيات، حين قام عنصريون فرنسيون برميه بوحشية من قطار، وهكذا لحن وأدى رائعة «مونبرناس»، الأغنية الخالدة، قد بلغ تأثيرها درجة أننا بكينا عندما استمعنا إليها أول مرة. والأغنية كتب كلماتها القوية بعمق معانيها وموسيقى شعرها الشاعر الغنائي المغربي محمد الباتولي «في مونبرناس مات خويا يا بويا، برصاص قناص عنصرية يا بويا. بالحقد أعمى تربى وعاش، يكره الناس. في مونبرناس سال دم أحمر، دم أحمر وبكت طيور الفجر».
مريم بوزيد سبابو
تعليقات الزوار
لا تعليقات