أخبار عاجلة

فاتح ماي في الجزائر نقابات ضعيفة وحكومة متنكرة لدور النقابات

يستعد ملايين العمال للنزول الى الشوارع غدا، بمناسبة ذكرى عيد العمال المصادف للفاتح ماي، وفي الجزائر قد تقتصر مظاهرات النقابيين في هذه المناسبة العالمية، على الوقفة الاحتجاجية التي قررت تنظيمها النقابات المستقلة بالملعب الجواري المحاذي لثانوية الادريسي ودار الشعب، مقر الاتحاد العام للعمال الجزائريين
وهذا الأخير يوجد في أسوأ أحواله بعد سجن زعيمه لمدة عشريتين كاملتين بسبب قضايا متعلقة بالفساد، فيما إستقال خليفته في بداية عهدته، لأسباب لم يكشف عنها، لكنها مرتبطة أساسا بضعف موقفه وعجزه عن مواجهة ضغط الحكومة التي قررت تمرير تعديلات قانونية تقوض العمل النقابي، وما نجم عن ذلك من ضغوط من القواعد النقابية
ظل الاتحاد العام للعمال الجزائريين الذين ولد من رحم الثورة التحريرية النقابة الوحيدة المعترف بها في الجزائر. ومع ذلك لعب دوره في الدفاع عن المكاسب الاجتماعية للمواطن الجزائري، بل كان نقطة انطلاق شرارة أكتوبر 1988، وبالضبط المنطقة الصناعية لمدينة رويبة، شرق العاصمة. وحين واجهت الجزائر أزمة الشغور الدستوري بفعل توقيف المسار الانتخابي، كان الاتحاد العام للعمال الجزائريين الفاعل الرئيسي الذي حافظ على الحد الأدنى من الشرعية لمؤسسات الدولة
وإن كان الدور السياسي الذي لعبه الاتحاد العام في أزمة التسعينيات، له ما يبرره، كون المرحوم عبد الحق بن حمودة إصطف آنذاك إلى جانب الدولة أكثر من أي شيئ آخر، فإن خليفته مجيد سيدي سعيد حول المركزية النقابية الوحيدة المعترف بها رسميا، إلى لجنة مساندة شخص الرئيس بوتفليقة المخلوع شعبيا عام 2019. وراح سيدي سعيد يقصي من صفوف الاتحاد كل نقابي لا يساند بوتفليقة ورجال الأعمال الذين يدورون في فلكه. ولم يضعف هذا التوجه الاتحاد العام لوحده، بل ضعف الساحة النقابية بأكملها، كون النقابات المستقلة الناشئة وجدت نفسها تواجه الإنكار والمنع من المشاركة في صناعة القرار الاقتصادي طيلة مرحلة حكم بوتفليقة
فأضحت الساحة النقابية الوطنية ممثلة في مركزية تجتمع مع الحكومة والباترونة ضمن ما عرف ب »الثلاثية »، ونقابات مستقلة تمثل قطاع الوظيف العمومية وتحمل مطالب فئات مهنية محددة كالأساتذة والاطباء وموظفي الإدارة… إضافة الى المحامين والقضاة… وهذه النقابات نخبوية حرصت الحكومة على منعها من الالتقاء في تكتل مركزي يسمح لها بالحصول على الامتداد الشعبي
وكان الحراك الشعبي لفيفري 2022 بمثابة الامتحان الذي أظهر مدى بعد الأسرة النقابية الوطنية عن الشرائح الاجتماعية الواسعة، إذ أصبح الاتحاد العام يعرف ب »الاتحاد دون عمال » بينما وجدت النقابات المستقلة التي شاركت في الحراك الشعبي، صعوبات لتجنيد أعداد كبيرة من المواطنين في مبادرات خارج إطار مسيرات الجمعة
ولعل هذه الوضعية هي التي شجعت الحكومة على إعداد قوانين تلغي تقريبا العمل والتنظيم النقابي، دون مقاومة معتبرة. لكن توجه الحكومة هذا سيواجه حتما ردود فعل على مستويين في المستقبل، الأول من داخل منظومة الحكم التي لن تتحمل توازناتها سياسة ليبرالية تمنح السلطة المطلقة للجهاز التنفيذي ولمجموعة من رجال الاعمال الذين يساندونها. فهو توجه فشل مع بوتفليقة وكان السبب الرئيسي لنهايته المأسوية
أما المستوى الثاني الذي ينبغي أن تستعد حكومة أيمن بن عبد الرحمان لمواجهته، فيتمثل في الهيئات الدولية التي تسهر على احترام مجموعة من المقاييس العالمية في مجال علاقات العمل وتنظيم الحياة النقابية

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات