تسبب إصدار ورقة نقدية جديدة بمناسبة القمة العربية، في جدل واسع بالجزائر، بعد أن اعتقد البعض أنها تحوي أخطاء لغوية ورأى آخرون أنها عكس ذلك وأن كتابتها سليمة. ولم يتوقف النقاش عند هذا الحد، فقد أثارت الكتابة عليها بالإنكليزية أيضا تعليقات كثيرة، وصل صداها حتى للساحة السياسية الفرنسية.
قدم بنك الجزائر (البنك المركزي)، الورقة النقدية التذكارية الجديدة، بقيمة ألفي دينار، يوم الإثنين الماضي، بمناسبة انعقاد القمة العربية الـ31 بالجزائر. وأشار البنك إلى أن وجه الورقة النقدية يحمل موضوع “التحرير والاستقلال”، متضمنا أنماطا زخرفية ورسما مقتبسا من صورة للاحتفال بالاستقلال وصورة للأمير عبد القادر وأيضا شعار قمة جامعة الدول العربية وخريطة العالم العربي. أما ظهر الورقة النقدية فيتضمن “بطاقة بريدية للجزائر” تحمل صور أقواس صخرية طبيعية في الصحراء الجزائرية وشاطئ مرسى بن مهيدي غرب الجزائر وجمال وجبال الهقار وجامع الجزائر والآثار الرومانية لتيبازة.
لكن ما أثار الانتباه ليس هذه التفاصيل، وإنما كتابة الرقم في الورقة النقدية والتي كانت بالخط الكوفي، حيث كتب “الفادينار” بهذه الصيغة، دون همزة على الألف ودون مسافة أيضا بين الكلمتين. واعتبر كثير من المعلقين أن هناك خطأ لغويا فاحشا يجب تصحيحه في الورقة النقدية، بينما تحدث آخرون عن صيغة الكتابة فهناك من قال إنها يجب أن تكتب “ألفان دينار” وثمة من قال “ألفي دينار”.
وفي خضم هذا النقاش الذي خاض فيه حتى من زادهم ضعيف في اللغة، وضّح أساتذة في اللغة العربية أن الكتابة صحيحة. ونشرت صفحات واسعة الانتشار هذا الرأي القائل بأن “العبارة مكتوبة بخط يسمى الخط الكوفي الذي من قواعده أن الهمزة ليس لها وجود فيه فوق الألف أو تحته كون أنه أول الخطوط العربية ظهورا في التاريخ يوم كانت الهمزة لا توضع على الألف، كما أن من مميزاته عدم وضع مساحة بين الكلمات”.
وتولى البعض مهمة إعراب الجملة لمن استشكل عليه إن كانت تكتب ألفان أو ألفا دينار، وجاء في الردود أن “ألفا” خبر لمبتدأ محذوف تقديره (هذان) مرفوع وعلامة رفعه الألف نيابة عن الضمة لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة مثل يدا أبي لهب أي يدان، ألفان وهو مضاف.. دينارٍ: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره”.
ومع ازدياد حمّى الانتباه للورقة والتركيز عليها، تحدث البعض عن أن كتابة الرقم عليها بالإنكليزية تؤكد رغبة الجزائر في التخلص من الفرنسية واستبدالها بلغة شكسبير، وهو ما يثير حسب هؤلاء حنق التيار الذي يريد التمكين للفرنسية في الجزائر. لكن سرعان ما رد آخرون أن الفرنسية لم تكن يوما مدونة على الأوراق النقدية الجزائرية واستظهروا أوراقا قديمة وأخرى حديثة لا توجد فيها هذه اللغة. وتحدث البعض عن أن العملة رمز للسيادة الوطنية ولا يجوز الكتابة فيها حسبهم بغير اللغة الوطنية.
وفي خضم هذا النقاش المستعر، اعتبر فريق ثالث أنه غير معني بشكل الكتابة على الورقة النقدية، فقال أحد المعلقين: “قبل وصف فن كتابتها ونوع الخط وووو، انزل بها إلى الجزار وتحدث عن كم كيلوغرام من اللحم تشتريه، أو إلى السوق وقل كم من مواد تستطيع اقتناءها، غاية كل مواطن بسيط في تحسين ورفع قيمتها لا الشكل والزخرفة”.
والغريب أن هذا النقاش الجزائري استفز حتى السياسي الفرنسي المعارض جون لوك ميلونشون الذي استعمل الكتابة على الورقة النقدية الجزائرية باللغة الإنكليزية، ليسخر من رئيس بلاده إيمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء إليزبيث بورن. وكتب المرشح الرئاسي الفرنسي على حسابه الشخصي، يقول: “هذه ورقة نقدية جزائرية. اللغة المشتركة لم تعد موجودة.. أي حزن.. لقد فشل ماكرون وبورن وفي كل شيء”.
تعليقات الزوار
لا تعليقات