أخبار عاجلة

الجزائر أولى من فرنسا بالتقشف في الغاز والماء والكهرباء

خمس 5 مـحطات..

ـ أولا: ليس هناك خطأ في العنوان..

ـ ثانيا: التقشف ليس جديدا على الجزائريين..

ـ ثالثا: إنه عصر التقشف بامتياز..

ـ رابعا: تقشفوا بعلم ووعي أيها الجزائريون..

ـ خامسا: آخر كلمة..

لـيــــس هـنـــــاك خـطــــأ فـــي الـعـــــنــــوان..

ربما سيتخيل بعض القراء أن الأولى أن تنصب المقالة حول الثروات..

لكن البديهية لا تحتاج لأي نقاش..

الجزائريون، كل الجزائريين، أولى طبعا من الفرنسيين، كل الفرنسيين، بكل ما تختزنه أرض الشهداء من خيرات ومعادن..

ستكفي 300 نسمة، كما دلت على ذلك دراسات أمريكية قديمة تجاوزت 30 سنة..

إذن، ليس هناك أي خطأ في العنوان: الحديث سيركز على أولوية تعويد الجزائريين، منذ الآن، على التقشف في كل شيء..

أسوة بغيرهم من شعوب الأرض.. خاصة الأوروبيون..

وبشكل أكثر دقة: الفرنسيون..

الـتـقـــشــــف لـيـــس جــــديـــدا عـــلــــى الـجــــــزائـــريـيــــــن..

ليس شماتة فيهم.. ولا فرحا بما يصيبهم، لكن يجب على فرنسا: شعبا وحكومة أن تذوق الفقر والجوع والبرد والحرمان..

لعلها تحس بما كان يعانيه الجزائريون.. طوال 132 سنة كاملة من الاحتلال والاستغلال والنهب والسلب..

لم تعرف الأجيال الجزائرية الجديدة تلك المعاناة..

بل قد لا تصدق أن دولة عظمى، مثل فرنسا، كانت تستعبد دولة أخرى، مثل الجزائر..

لهذا، فقد تعود الشعب الجزائري المسكين على شظف العيش وقلة الخبز..

 ليس بدعا أبدا عودتهم مستقبلا للتقشف..

الذي عاشوه مضطرين خلال فترة الاحتلال الفرنسي..

ثم في عهدي بن بلة وبومدين..

حتى إذا ما جاء الشاذلي، تغيرت السياسة الاقتصادية الجزائرية من النقيض إلى النقيض.

فتم فرض الاستهلاك واسع النطاق..

بل بيعت أملاك الدولة بالدينار الرمزي..

كما تم تفكيك النسيج الصناعي..

مع تدمير الزراعة..

حتى أفلست البلاد تماما سنة 1993..

فاضطر الجزائريون، مرة أخرى، للتقشف خلال تسعينيات الدم والدمار والدموع..

بحبوحة 20 سنة كاملة من الترف والبذخ تراجعت حاليا..

صحيح أن الجزائر غير معنية بأزمة الغاز..

لأنها ببساطة: بلد مصدر له..

لكنها ستعاني من أزمات اقتصادية أخرى.

في بقية السلع والخدمات..

لذلك، يجب التحضير جديا لكل الاحتمالات القادمة القاتمة..

إنــــه عـصـــــــر الـتـقـــشـــف بـامـتــــيــــاز..

لولا بوتين، لما فكر الغربيون، مجرد التفكير، في اتباع تدابير تقشف صارمة..

لولا بوتين، لما سطر هؤلاء استراتيجية دقيقة للخروج من التبعية للغاز الروسي..

على الجزائريين والعرب والمسلمين أن يتعلموا منهم..

فقد أبان الغرب عن نقص فادح في الاستقلالية الطاقوية..

أورثهم تهديدا استراتيجيا بالموت جوعا أو بردا هذا الشتاء..

لكنهم بالمقابل، لا بد من الإنصاف والموضوعية، يقدمون حاليا تدابير فاعلة لتقليص رفاهية سكانهم..

في كل المواد والسلع.

التركيز طبعا يدور حول الغاز والماء والكهرباء..

 

ذلك أن القارة العجوز مهددة فعلا بالجفاف.

فبعد 500 سنة كاملة من العافية، دار الزمان دورته الكبرى.

فها هي أوروبا الخصبة الباردة تعاني حاليا من جفاف أنهارها.. وستعاني أكثر في المستقبل القريب، لا البعيد، من نفس ما عانى منه الأفارقة المساكين طوال سنوات..

ها هي أوروبا التي ظنت، مخطئة، أنها ستخلد في رفاهية ظالمة.. على حساب بقية الشعوب.. تتراجع رغما عنها..

بل تضطر لاتباع سياسات تقشف قاسية جدا..

لم يكن المواطن الأوروبي يحلم بها في أسوأ كوابيسه ليلا أو نهارا..

الجزائريون مدعوون أيضا لأخذ احتياطاتهم قبل حلول الكارثة..

لا يمكن لأحد أن يسلم من الحرب القادمة..

كرة الثلج تتدحرج يوما بعد يوم..

الترابط الغبي الذي سببته عولمة أمريكية عاطفية تسبب في سرعة انتقال الأزمات المالية من بلد لآخر..

التوقعات الأكثر تفاؤلا للهيآت العلمية العالمية تنذر بركود اقتصادي أكيد.

التضخم أيضا سيكون سيد الموقف في المرحلة القادمة..

لقد بدأ الأوروبيون يتلمسون ميدانيا الآثار السلبية لمحاولاتهم الغبية تركيع الروس..

كما أعلنوها صراحة، في صلف وغرور، بمجرد بدء الحرب في أوكرانيا..

لقد وقع الأغبياء في شرور أعمالهم..

لم يكونوا يتوقعون أبدا أنهم هم من سيدفع الثمن غاليا جدا..

حتى بريطانيا انهارت..

وستتبعها أمريكا لا محالة.

الخلل ليس في تبعيتهم للغاز الروسي، كما يحاولون إيهام شعوبهم المسكينة..

بل في هيكل اقتصادهم الرأسمالي الاستغلالي الجشع..

الحامل في أحشائه، منذ إنشائه، بذور فنائه..

لكنه ينجو كل دورة اقتصادية من إفلاس وشيك..

عبقرية الغرب تتجلى في قدرته الغريبة على تجديد دماء نظامه الرأسمالي.

لكن على حساب نمو وتنمية بقية القارات والشعوب..

يـجـــــب تـدريــــب الـجــــزائـريـيــــن عـلـــــى الـتــقــــشـــــف..

إنها فرصة ذهبية للفريق الحاكم حاليا في الجزائر لتسطير برنامج تقشف استباقي..

صحيح أن الأزمة لم تأت بعد.

لكنها قادمة لا محالة.

لعل الشعب يتذكر تصريحات مغرورة لرؤساء حكومات سابقين..

لقد زعموا عدم وجود أزمة في الجزائر..

عندما ضربت أزمة الرهن العقاري أمريكا ثم أوروبا ثم بقية دول العالم سنة 2008.

ثم جاءت أزمة 2014 التي اجتاحت العالم أيضا..

بينما كان صناع القرار الاقتصادي في النظام الجزائري السابق يتغنون بنجاتهم الوهمية منها.

لكن سرعان ما وصلت تلك الأزمات للبلاد سريعا..

فتركت بصماتها المدمرة: اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا..

يجب التعلم إذن من أخطاء هؤلاء.. وغضهم البصر الاقتصادي عن أمواج واضحة من الأزمات.. التي تجتاح حاليا أكبر اقتصاديات أوروبا وأمريكا والعالم كله.

تـقـشـــفـــوا بـعــــلـــم ووعـــــي أيــهـــا الـجــــزائــــريــــون..

 

 نعم.

يجب عليكم البدء، منذ الآن، في برنامج تقشف فردي وجماعي..

تحسبا لأي طاريء.

تقشفوا.. لأن النعم لا تدوم..

فاخشوشنوا..

قبل ذهاب رغد العيش..

إن وصول أمواج الأزمة للجزائر مسألة وقت فقط..

فعندما ستفرض أمريكا على الصين، بعد ضمها لتايوان، سوف ترد بقوة.. عبر وقف سلاسل التوريد.

فإذا كانت عقوباتهم الغبية المتسرعة ضد روسيا قد اقتصر رد فعلها على الغاز والقمح وبعض المعادن، فإن الحرب الاقتصادية والحصار التجاري ضد الصين سيدمر ما تبقى.

إن حدث فعلا.

على الجزائريين التقشف بوازع ديني قوي..

فالدين الحق يفرض ذلك.. حتى في ماء الوضوء.. بنص حديث نبوي صحيح.

بل إن القرآن الكريم يحث صراحة على التوازن والاعتدال في النفقة وصرف الأموال.

عندما تتقشف، أيها الجزائري الأبي، سوف تعود بطنك منذ الآن على الجوع.

سوف تقتدي بأجدادك العظماء.

الذين استطاعوا بفضل التقشف مواجهة فرنسا والحلف الأطلسي..

وليكن لكم إسوة حسنة في آبائكم.. الذين استطاعوا، بفضل التقشف أيضا، بناء دولة قوية في عهد بومدين..

سرعان ما دمرها الاستهلاك المفرط والبذخ والرفاهية المؤقتة..

التي ميزت السنوات الأولى للشاذلي..

قبل زحف الإفلاس على خزينة الدولة سنة 1993..

تقشفوا، أيها الجزائريون الأبرار الأحرار، حتى تؤمنوا الحد الأدنى من العيش الكريم للأجيال اللاحقة..

تقشفوا بعلم ووعي.. وفق رزنامة زمنية محددة بدقة..

كما يفعل الفرنسيون حاليا..

هؤلاء يرسمون، بالورقة والقلم، كل الخطوات الازم اتباعها للتقشف في الماء والغاز والكهرباء..

يكفي أن تشاهدوا نشرات أخبارهم يوميا.. حتى تدركوا مدى جديتهم في مواجهة الشتاء القادم..

الجدية وتجديد دماء الاقتصاد مفتاح رسم استراتيجية جزائرية حكومية وشعبية.. عبر التقشف المنظم والجماعي..

آخــــر كـــلــــمة.

التقشف هو الحل الوحيد حاليا لكل الأزمات القادمة..

فتقشفوا، أيها الجزائريون الأحرار الأبرار، حتى تمر المحنة بردا وسلاما..

د. جمال سالمي

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات