لولا بوتين، لما فكر الغربيون، مجرد التفكير، في اتباع تدابير تقشف صارمة..
لولا بوتين، لما سطر هؤلاء استراتيجية دقيقة للخروج من التبعية للغاز الروسي..
على الجزائريين والعرب والمسلمين أن يتعلموا منهم..
فقد أبان الغرب عن نقص فادح في الاستقلالية الطاقوية..
أورثهم تهديدا استراتيجيا بالموت جوعا أو بردا هذا الشتاء..
لكنهم بالمقابل، لا بد من الإنصاف والموضوعية، يقدمون حاليا تدابير فاعلة لتقليص رفاهية سكانهم..
في كل المواد والسلع.
التركيز طبعا يدور حول الغاز والماء والكهرباء..
ذلك أن القارة العجوز مهددة فعلا بالجفاف.
فبعد 500 سنة كاملة من العافية، دار الزمان دورته الكبرى.
فها هي أوروبا الخصبة الباردة تعاني حاليا من جفاف أنهارها.. وستعاني أكثر في المستقبل القريب، لا البعيد، من نفس ما عانى منه الأفارقة المساكين طوال سنوات..
ها هي أوروبا التي ظنت، مخطئة، أنها ستخلد في رفاهية ظالمة.. على حساب بقية الشعوب.. تتراجع رغما عنها..
بل تضطر لاتباع سياسات تقشف قاسية جدا..
لم يكن المواطن الأوروبي يحلم بها في أسوأ كوابيسه ليلا أو نهارا..
الجزائريون مدعوون أيضا لأخذ احتياطاتهم قبل حلول الكارثة..
لا يمكن لأحد أن يسلم من الحرب القادمة..
كرة الثلج تتدحرج يوما بعد يوم..
الترابط الغبي الذي سببته عولمة أمريكية عاطفية تسبب في سرعة انتقال الأزمات المالية من بلد لآخر..
التوقعات الأكثر تفاؤلا للهيآت العلمية العالمية تنذر بركود اقتصادي أكيد.
التضخم أيضا سيكون سيد الموقف في المرحلة القادمة..
لقد بدأ الأوروبيون يتلمسون ميدانيا الآثار السلبية لمحاولاتهم الغبية تركيع الروس..
كما أعلنوها صراحة، في صلف وغرور، بمجرد بدء الحرب في أوكرانيا..
لقد وقع الأغبياء في شرور أعمالهم..
لم يكونوا يتوقعون أبدا أنهم هم من سيدفع الثمن غاليا جدا..
حتى بريطانيا انهارت..
وستتبعها أمريكا لا محالة.
الخلل ليس في تبعيتهم للغاز الروسي، كما يحاولون إيهام شعوبهم المسكينة..
بل في هيكل اقتصادهم الرأسمالي الاستغلالي الجشع..
الحامل في أحشائه، منذ إنشائه، بذور فنائه..
لكنه ينجو كل دورة اقتصادية من إفلاس وشيك..
عبقرية الغرب تتجلى في قدرته الغريبة على تجديد دماء نظامه الرأسمالي.
يجب عليكم البدء، منذ الآن، في برنامج تقشف فردي وجماعي..
تحسبا لأي طاريء.
تقشفوا.. لأن النعم لا تدوم..
فاخشوشنوا..
قبل ذهاب رغد العيش..
إن وصول أمواج الأزمة للجزائر مسألة وقت فقط..
فعندما ستفرض أمريكا على الصين، بعد ضمها لتايوان، سوف ترد بقوة.. عبر وقف سلاسل التوريد.
فإذا كانت عقوباتهم الغبية المتسرعة ضد روسيا قد اقتصر رد فعلها على الغاز والقمح وبعض المعادن، فإن الحرب الاقتصادية والحصار التجاري ضد الصين سيدمر ما تبقى.
إن حدث فعلا.
على الجزائريين التقشف بوازع ديني قوي..
فالدين الحق يفرض ذلك.. حتى في ماء الوضوء.. بنص حديث نبوي صحيح.
بل إن القرآن الكريم يحث صراحة على التوازن والاعتدال في النفقة وصرف الأموال.
عندما تتقشف، أيها الجزائري الأبي، سوف تعود بطنك منذ الآن على الجوع.
سوف تقتدي بأجدادك العظماء.
الذين استطاعوا بفضل التقشف مواجهة فرنسا والحلف الأطلسي..
وليكن لكم إسوة حسنة في آبائكم.. الذين استطاعوا، بفضل التقشف أيضا، بناء دولة قوية في عهد بومدين..
سرعان ما دمرها الاستهلاك المفرط والبذخ والرفاهية المؤقتة..
التي ميزت السنوات الأولى للشاذلي..
قبل زحف الإفلاس على خزينة الدولة سنة 1993..
تقشفوا، أيها الجزائريون الأبرار الأحرار، حتى تؤمنوا الحد الأدنى من العيش الكريم للأجيال اللاحقة..
تقشفوا بعلم ووعي.. وفق رزنامة زمنية محددة بدقة..
كما يفعل الفرنسيون حاليا..
هؤلاء يرسمون، بالورقة والقلم، كل الخطوات الازم اتباعها للتقشف في الماء والغاز والكهرباء..
يكفي أن تشاهدوا نشرات أخبارهم يوميا.. حتى تدركوا مدى جديتهم في مواجهة الشتاء القادم..
الجدية وتجديد دماء الاقتصاد مفتاح رسم استراتيجية جزائرية حكومية وشعبية.. عبر التقشف المنظم والجماعي..
آخــــر كـــلــــمة.
التقشف هو الحل الوحيد حاليا لكل الأزمات القادمة..
فتقشفوا، أيها الجزائريون الأحرار الأبرار، حتى تمر المحنة بردا وسلاما..
تعليقات الزوار
لا تعليقات