أخبار عاجلة

تبون يثبت سيفي غريب في منصب الوزير الأول ويكلفه بتشكيل الحكومة الجديدة

أعلنت الرئاسة الجزائرية أن الرئيس عبدالمجيد تبون استقبل سيفي غريب، الذي كان يتولى منصب الوزير الأول بالنيابة، وقرر تثبيته في منصب وزيرا أولا بصفة رسمية وتكليفه بتشكيل حكومة جديدة.

ويأتي هذا التعيين بعد أقل من شهر على إقالة الوزير الأول السابق نذير العرباوي، في خطوة أثارت من جديد النقاش حول تكرار التغييرات الحكومية في الجزائر خلال السنوات الأخيرة.

وغريب، الذي شغل منصب وزير الصناعة في الحكومة السابقة، تولى رئاسة الوزراء بالنيابة منذ رحيل العرباوي، قبل أن يمنحه تبون الثقة لتولي المنصب بشكل كامل. ويعتبر من الشخصيات التكنوقراط ذات الخلفية الاقتصادية، وهو ما يعكس – بحسب مراقبين – رغبة السلطة في الدفع بوجوه قادرة على التعامل مع الملفات الاقتصادية والاجتماعية الشائكة.

تغييرات متكررة

ومنذ وصوله إلى قصر المرادية في أواخر 2019، دأب الرئيس تبون على إجراء تعديلات وزارية متكررة شملت مختلف القطاعات، فقد تم تغيير أكثر من وزير أول (رئيس حكومة) في ظرف أربع سنوات فقط، إلى جانب إعادة تشكيل وزارات حيوية مثل الطاقة، المالية، التعليم، الصحة، والاتصال.

وبرر تبون هذه التغييرات بضرورة ضخ دماء جديدة في الجهاز التنفيذي وتحقيق الانسجام داخل الحكومة، غير أن كثرتها أثارت تساؤلات حول مدى استقرار المؤسسات وفاعليتها في الاستجابة لمطالب الشارع.

ويعتقد أن علة الجزائر ليس في استبدال وجه بوجه آخر وأن الأمر يتعلق بالسياسات وغياب رؤية واضحة تخرج البلاد من أزماتها، حيث يأخذ اقتصاديون ومحللون على النظام عدم توظيف فائض الإيرادات النفط والغازية في تنويع الاقتصاد والتخلص من ادمان النفط كمورد شبه كلي لعائدات الدولة.

وأصبحت الجزائر شأنها شأن أي دولة نفطية لم تعمل على تنويع مصادر دخلها، عرضة لهزات مالية بسبب افراطها في اعتماد موارد الطاقة مصدرا شبه وحيد للطاقة.

وأظهرت الصدمة النفطية في العام 2014 التي هوى فيها سعر برميل النفط من ذروته عند 100 دولار إلى نحو 20 دولار، الحاجة الملحة لتنويع مصادر الدخل وقد بادرت دول خليجية نفطية تتقدمها الإمارات والسعودية بالتركيز على تطوير قطاعات غير نفطية وضخت استثمارات كبيرة لتنفيذ برنامج طموح لتنويع الاقتصاد لتفادي الهزات المالية والاقتصادية الناجمة عن اعتماد مفرط على إيرادات الطاقة.

ويرى محللون أن تغيير الوجوه في الجزائر، على الرغم من أهميته الرمزية، لم ينجح في معالجة المشكلات البنيوية التي تعاني منها البلاد، بدءاً من أزمة البطالة وارتفاع الأسعار، وصولاً إلى الحاجة لإصلاحات هيكلية في الاقتصاد الوطني، فالكثير من الجزائريين يعتبرون أن الأزمة تتجاوز الأشخاص إلى طبيعة السياسات والخيارات التي تتبناها السلطة.

تحديات اقتصادية واجتماعية

والجزائر، باعتبارها أحد أبرز منتجي الغاز في أفريقيا، تمثل مورداً مهماً للطاقة بالنسبة لعدد من الدول الأوروبية، غير أن اعتمادها المفرط على عائدات المحروقات جعل اقتصادها عرضة للتقلبات المالية الدولية. ومن هنا، تبرز أمام الوزير الأول الجديد مهمة شاقة تتمثل في تنويع الاقتصاد الوطني عبر دعم قطاعات الصناعة، الزراعة، والسياحة، وتوفير مناخ جاذب للاستثمار الأجنبي.

وفي الجانب الاجتماعي، يواجه غريب تحديات لا تقل صعوبة، أبرزها البطالة المرتفعة بين الشباب وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، فضلاً عن ضغوط الشارع المطالب بتحسين الخدمات العامة في مجالات الصحة، التعليم، والنقل.

السياسة الداخلية والخارجية

وإلى جانب الملفات الداخلية، تجد الحكومة الجزائرية نفسها مطالبة بتعزيز حضور البلاد في الساحة الدولية، فقد سعت الجزائر خلال السنوات الماضية إلى توسيع شراكاتها الاقتصادية مع أوروبا وآسيا، وإلى لعب دور أكثر تأثيراً في القارة الأفريقية والمنطقة العربية، لكن نجاح هذه الطموحات يبقى مرهوناً بمدى قدرة الحكومة الجديدة على تحقيق استقرار داخلي وتلبية تطلعات الجزائريين.

وتعيين سيفي غريب رئيسا للحكومة يطرح من جديد السؤال حول مدى قدرة تغيير الأشخاص على إحداث فارق ملموس في مسار الإصلاح، فالكثير من المراقبين يرون أن ما تحتاجه الجزائر اليوم ليس مجرد تبديل في الوجوه، بل رؤية اقتصادية واجتماعية شاملة قادرة على إخراج البلاد من دائرة الاعتماد على الريع وتحقيق تنمية متوازنة تعزز الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات