يتردد في المغرب أن المشهد الإعلامي ومعه الحقوقي على يقين من أن الحكومة الحالية تريد صحافة على مقاسها، في ظل ارتفاع محاكمات الصحافيين جراء شكايات مباشرة من وزراء مثل وزير العدل عبد اللطيف وهبي، أو شكايات أخرى غير مباشرة تتحرك فيها المساطر القانونية بشكل تلقائي.
يقين جزء مهم من الصحافيين وعموم نشطاء حقوق الإنسان وحرية التعبير، جاء من تواتر شكايات وزير العدل عبد اللطيف وهبي، بزملاء لهم أو حتى بعض المدونين، كما أنه كان بطل شكايات جديدة ضد الصحافي حميد المهداوي الذي لم يرتح بعد من تواصل محاكمته الاستئنافية، بعد أن أدين ابتدائيا بسنة ونصف السنة سجنا نافذا وغرامة مالية لفائدة المسؤول الحكومي المذكور.
وكان يوم الاثنين حافلا جدا أمام المهداوي، حيث مثل أمام الشرطة بولاية أمن الرباط، في اليوم نفسه لعقد جلسة محاكمته، والتي انتهت بتأجيل جديد بعد قبول طلب دفاعه الذي دفع بحجة “حالة الإرهاق” التي يعاني منها مدير موقع “بديل”، وحددت هيئة الحكم الثاني من حزيران/ يونيو المقبل موعدا لجلسة جديدة.
وجاء استدعاء الشرطة لحميد المهداوي بناء على شكايات جديدة لوزير العدل عبد اللطيف وهبي، والتي بلغت إلى حدود الاثنين خمس شكايات. وحضر الصحافي إلى مقر الأمن بالرباط ممتثلا للاستدعاء الذي تلقاه بالتزامن مع محاكمته الاثنين.
وأكد المهداوي ذلك من خلال تدوينة نشرها على حسابه في فيسبوك، قال فيها: “خرجت للتو من مخفر البوليس، شكايتان جديدتان من وزير العدل وهبي”، وأضاف: “تصوروا كيف اختار السيد الوزير التوقيت للضغط على القاضي، ومن معه من مستشارين، انظروا لهذا الضغط الممارس ضد القاضي وأنا بعد ساعة من الآن سأمثل أمامه في آخر جلسة لاستنطاقي بخصوص قضية 150 ألف دولار وسنة ونصف حبسا”.
وزاد الصحافي موضحا، أنه تسلم شكايتين “اليوم فقط عند الساعة الثانية عشرة زوالا، وقبلها قرار للجنة المعينة من قبل أخنوش أصدرته يوم 17 نيسان/ أبريل بخصوص عبارة (سلگوط) (تعني فاجر)، قررت بموجبها سحب بطاقتي الصحافية لمدة سنة، ولم تبلغني به إلا يوم 19 أيار/ مايو الجاري، ثم مسطرة ثانية من نفس اللجنة تقضي بعدم تجديد بطاقتي الصحافية، ويوم 21 أيار/ مايو المحكمة الإدارية تؤيد قرار لجنة الحكومة، دون أن تخرج الملف من المداولة لعرض الوثائق الجديدة التي قدمتها لها على المدعى عليها وهي لجنة الحكومة”.
وفي رأي المهداوي، فإن “كل هذا والقاضي والمستشارين معه في الهيئة يتابعون هذه القرارات والشكايات إلى جانب حملة مسعورة تخوضها ضدي صفحات ومواقع مشبوهة وكأني لست مواطنا مغربيا”.
سلسلة القرارات “الصادمة” كما وصفت التي تخص المهداوي كان من بينها قرار بطاقة الصحافة التي سيحرم من تجديدها، وهو القرار الذي أثار زوبعة من الردود الغاضبة ومنها المستاءة وبعضها وضع علامة استفهام ومضى إلى حال سبيله.
ولم يكن السؤال الوحيد الذي طرح يتمثل في الحدود بين الصحافي وناشر المحتوى في الإنترنت، وما هي الوسائل الكفيلة بالتمييز بينهما، خاصة إذا كان المعني بالأمر وهو المهداوي في هذه الحال، سبق أن حمل بطاقة الصحافة لسنوات عدة. بل هناك أسئلة حقوقية أخرى حول طبيعة الشكايات التي يلاحق بها وزير العدل مدير نشر موقع “بديل”.
وطرح رواد مواقع التواصل الاجتماعي خاصة فئة الحقوقيين وجزء من الإعلاميين، سؤالا عرضا وغاضبا: “ماذا يريد وزير العدل من هذا الصحافي؟”، الجواب في رأي البعض أنه يريد له السجن وكفى.
من جهته، قرر المهداوي ردا على قرار حرمانه مستقبلا من بطاقة الصحافة، بالإعلان عن إضراب مفتوح عن الطعام، حيث إن المحكمة الإدارية بالرباط رفضت طلب الطعن الذي تقدم به الصحافي ضد قرار اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر الرافض لتجديد بطاقته المهنية للصحافة لسنة 2025. وكتب تدوينة قال فيها: “بعد أن تعرضت وأسرتي لترهيب نفسي شديد على أكثر من واجهة ومنصة، وبعد أن قام مسؤولون بتزوير بخصوص وثائق تهمني دون إنصاف رغم لجوئي لمؤسسات بلدي، وبعد أن انضافت مؤسسات إعلامية مشبوهة للحملة ضدي، قررت خوض إضراب عن الطعام سأعلن قريبا عن مكانه ومدته”.
بعض التدوينات اعتبر أصحابها مثل مصطفى الأسروتي أن “ما يقع للصحافي حميد المهداوي أمر مؤسف وينم عن تضييق وانتقام واضح”، وعبر العديد منهم عن تضامنهم معه رغم “الاتفاق أو الاختلاف معه”، فيما قال عبد العزيز العبدي قبل أن يعلن تضامنه معه “لا يمكن إلا الاستغراب مما يقع مع، وفي، ومن خلال الصحافي حميد المهداوي”، وبالنسبة إليه، فإن “أي عاقل مهما كان مختلفا معه، لا يسعه إلا أن يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله”.
تعليقات الزوار
لا تعليقات