أخبار عاجلة

البرلمان الفرنسي يدعو للإفراج عن بوعلام صنصال واستعمال أدوات ضغط أوروبية ضد الجزائر

في خطوة جديدة تبتعد بالبلدين أكثر عن مسار التهدئة، اعتمدت الجمعية الوطنية الفرنسية، لائحة برلمانية بالإجماع تطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، مع دعوة الهيئات الأوروبية إلى عدم التفاوض مع الجزائر على تعديل اتفاق الشراكة إلا باستعادة الكاتب لحريته.

وشدد النواب الفرنسيون من خلال هذه اللائحة على أهمية أن لا تؤدي التوترات الدبلوماسية الظرفية بين فرنسا والجزائر، وهما دولتان ذاتا سيادة، إلى المساس بمصير الأفراد أو التعدي على حقوقهم، مؤكدين أن روابط الصداقة والاحترام المتبادل التي تجمع بين الشعبين يجب أن تبقى في منأى عن التجاذبات السياسية.

وجاء في نص اللائحة إدانة شديدة لاعتقال واحتجاز بوعلام صنصال، مع دعوة صريحة إلى الإفراج عنه دون قيد أو شرط، بالنظر إلى طبيعته كمثقف معروف بمواقفه النقدية السلمية، ولما يشكله وضعه الصحي وسنّه المتقدم من خطر مضاعف في ظروف الاحتجاز الحالية. كما دانت الجمعية الوطنية استمرار اعتقال عشرات الأشخاص المصنّفين كسجناء رأي في الجزائر، ومن بينهم صحافيون ومدونون ونشطاء ومدافعون عن حقوق الإنسان، مطالبة بإطلاق سراحهم جميعاً فوراً.

وفي السياق ذاته، نددت اللائحة بما وصفته “ممارسات الترهيب” التي قالت إن السلطات الجزائرية تنتهجها لتقييد حرية التعبير وحرية الصحافة، معتبرة أن هذه الأساليب تشكّل اعتداءً مباشراً على الحقوق الأساسية التي يضمنها القانون الدولي. واستندت اللائحة إلى تقارير صادرة عن منظمات مستقلة تؤكد تدهور وضع حرية الصحافة في الجزائر، والتي احتلت المرتبة 139 عالمياً في تصنيف مراسلون بلا حدود لسنة 2024.

وطالبت الجمعية الوطنية الحكومة الفرنسية والمفوضية الأوروبية بالتدخل لدى السلطات الجزائرية من أجل ضمان احترام حق صنصال في الدفاع عن نفسه، من خلال تمكين محاميه من التوجه إلى الجزائر دون عراقيل أو قيود، معتبرة أن هذا الحق هو من أبسط مقتضيات المحاكمة العادلة. كما دعت إلى إرسال بعثة طبية دولية محايدة لتقييم الوضع الصحي للكاتب المعتقل.

وفي بعد أوسع، حثّت اللائحة الحكومة الفرنسية، والمفوضية الأوروبية، والمجلس الأوروبي على جعل مسألة احترام دولة القانون والحريات الأساسية جزءاً مركزياً في الحوار السياسي مع الجزائر، مع إدراج آليات متابعة وتقييم منتظمة في إطار النقاشات الثنائية والمتعددة الأطراف.

ودعت هذه الهيئات إلى ربط أي تعزيز مستقبلي للتعاون مع الجزائر، لا سيما في إطار تحديث اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر، بتحقيق تقدم ملموس وقابل للقياس في مجال احترام الحقوق والحريات، وجعل الإفراج عن بوعلام صنصال شرطاً مسبقاً لأي تفاهمات جديدة.

وبعد مناقشات حادة، تم تمرير القرار بغالبية 307 أصوات مقابل 28، حيث حصل على موافقة نواب حزب “النهضة” الموالي لماكرون، والجمهوريين الذي يمثل اليمين التلقيدي، والتجمع الوطني المحسوب على اليمين المتطرف، إضافة إلى الاشتراكيين والخضر بينما امتنع الحزب الشيوعي عن التصويت، في حين رفضه نواب حزب فرنسا الأبية المحسوب على أقصى اليسار.

وفي مداخلاتهم، اعتبر نواب فرنسا الأبية، أن النص يحمل بصمة اليمين وهو “يتجاوز الدعوة إلى الإفراج، ويغذي حملة إعلامية وسياسية ضد الجزائر”، خاصة أنه يتطرق لقضايا ثنائية بين البلدين يكون حلها عبر الدبلوماسية وليس عبر سياسة الإخضاع. وتحدث بعض النواب عن أن فرنسا لا تزال تنظر إلى الجزائر كجزء منها في حين أن البلاد استقلت سنة 1962. عكس ذلك، دافع أصحاب المبادرة عن كون القرار “ليس فعلاً استفزازيًا تجاه الجزائر، بل نداء إنساني وسياسي من أجل احترام الحقوق الأساسية”.

ويقضي صنصال حاليا أيامه في السجن بعد إدانته شهر آذار/ مارس الماضي بـ5 سنوات حبسا نافذا، عن وقائع تتعلق بالمساس بوحدة الوطن وعدة تهم أخرى، عقب تصريحاته التي نسب فيها جزءا من التراب الجزائري للمغرب.

وكان الكاتب قد اعتقل في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بتهم تتعلق بـ”المساس بأمن الدولة”، بعد تصريحاته لقناة يمينية متطرف شكك فيها في أحقية الجزائر لحدودها الحالية. وتم وضعه رهن الحبس الاحتياطي، بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري، والتي تعاقب على “الأفعال التي تهدد أمن الدولة” وتعتبرها “أعمالا إرهابية”.

وتسببت هذه القضية في تفاقم الأزمة بين الجزائر وفرنسا، ووصولها إلى أعلى مستوى بعد تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون أن “الجزائر لا يشرفها أن تسجن كاتبا” ما أثار ردود فعل قوية في الجزائر، وحديث الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في المقابل ووصفه للكاتب بمجهول الهوية واللص الذي يدعي أن نصف الجزائر مملوك لدولة أخرى.

وظهرت بارقة أمل في الإفراج عنه عقب المكالمة الهاتفية بين الرئيسين الجزائري الفرنسي نهاية شهر أبريل/ نيسان الماضي، إلا أن كل شيء أعيد إلى نقطة الصفر عقب تفجر ما يعرف بقضية أمير ديزاد التي أغلقت قوس التهدئة بين البلدين.

ويُعرف صنصال الذي شغل منصبا حكوميا رفيعا في الجزائر بداية سنوات الألفين (مدير الصناعة)، بمواقفه الصادمة والتي صنفت لدى البعض ضمن دائرة “الخيانة”، حيث لم يتورع عن وصف الثوار الجزائريين الرموز بالإرهاب، ناهيك عن تبنيه أكثر الأطروحات تطرفا عن الإسلام تحت غطاء محاربة الإسلاماوية. واشتهر هذا الكاتب بدفاعه الشرس عن إسرائيل التي يزورها باستمرارها، وهو ما برز بشكل أوضح بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023 من خلال كتاباته وتصريحاته المتكررة.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات