دافع وزير الداخلية الفرنسي في مقابلة مع إذاعة "أر أم سي" الفرنسية برونو روتايو عن موقفه الرافض للتهدئة مع الجزائر، داعيا إلى اتخاذ إجراءات جديدة للضغط على السلطات الجزائرية، فيما حمّل الإعلام الجزائري الموالي للسلطة الوزير الفرنسي مسؤولية التصعيد وإجهاض مساعي تسوية الأزمة بين البلدين اللذين يسيران إلى قطيعة.
واتهمت صحيفة "الخبر" التي تدور في فلك السلطة روتايو باستغلال الأزمة الدبلوماسية بين بلاده والجزائر في حملة انتخابية يخوضها من أجل تولي رئاسة حزب الجمهوريين وذكرت أن "وزير الداخلية الفرنسي يؤدي دور المحرّض، مستغلا الجزائر للصعود إلى أعلى هرم يمين غارق في مستنقع الكراهية والإنحطاط الأخلاقي والإنحراف الهوياتي".
ولا تلوح في الأفق أي بوادر لطي صفحة الخلافات بين البلدين، خاصة بعد أن قابلت الجزائر عدة دعوات للتهدئة بالتصعيد، في إطار مساعيها للضغط على باريس لتحقيق مكاسب في عدة قضايا من بينها ملف الذاكرة المتعلق بالفترة الاستعمارية.
وأدت قضية اعتقال الكاتب بوعلام صنصال والحكم عليه بالسجن 5 سنوات مع غرامة مالية تقدّر بـ500 ألف دينار ، بالإضافة إلى رفض الجزائر تسلم عدد من مواطنيها ومن بينهم مؤثرون، أصدر بحقهم القضاء الفرنسي قرارات ترحيل في قضايا مختلف، إلى تأجيج التوتر بين البلدين.
وسلكت الأزمة بين البلدين منعرجا يصعب الخروج منه، عندما ردت الجزائر على توقيف موظف قنصلي في باريس بتهم محاولة خطف مؤثر جزائري لاجئ في فرنسا، بطرد 12 موظفا في السفارة الفرنسية والقنصليات الملحقة بها تابعين لوزارة الداخلية.
وتثير القضية الجزائرية انقساما في أوساط الطبقة السياسية الفرنسية، إذ يدعو كل من اليمين واليمين المتطرف إلى "الحزم الحاسم"، بينما تدفع شخصيات ومنظمات إلى احتواء الأزمة وتكثيف الجهود من أجل الوصول إلى حل دبلوماسي يطوي صفحة الخلافات بين البلدين.
وتطرق روتايو في تصريحه إلى الحالة النفسية التي سببها قرار السلطات الجزائرية بطرد 12 موظفا فرنسيا كانوا يعملون في سفارة باريس بالجزائر، قائلا إنهم "صُدموا بشدة".
وأوضح أنه تحدث مع القناصلة المطرودين على انفراد، مضيفا أن "بعضهم ترك عائلاتهم، ولديهم أطفال صغار في المدرسة، وآخرون متزوجون.. لذا، فالأمر لا يقتصر على الجانب المهني فحسب، بل يشمل أيضًا الجانب العاطفي والعائلي".
وأقر روتايو بتفاقم الأزمة بين الجزائر وفرنسا ووصول العلاقات إلى نقطة اللاعودة، مشيرا إلى أنه لم يحزر أي تقدم في المحادثات الهادفة إلى إنهاء التوتر، قائلا "لم يتم إطلاق سراح الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، كل يوم تقريبا ترسل لنا الجزائر أفرادا، كما أنها لم تستقبل الأشخاص الذين صدرت بحقهم قرارات إلزام بمغادرة التراب الفرنسي طبقا للالتزامات التي تفرضها اتفاقية 1994".
وأضاف "في الوقت الحالي، هذا هو الوضع الذي نحن فيه، وإذا بقي الوضع على ما هو عليه، فلا أستطيع أن أتخيل أننا لن نكون قادرين على اتخاذ تدابير جديدة.. كان علينا إرساء توازن القوى".
ولم يستبعد روتايو مراجعة اتفاقية 2013 التي تعفي حاملي جوازات السفر الدبلوماسية الجزائرية والفرنسيّة من التأشيرة، بهدف تكثيف الضغط على الجزائر، متوقعا اتخاذ إجراءات أخرى.
تعليقات الزوار
لا تعليقات