نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريراً أعدّه سايمون كير من مدينة غلاسكو استعرض فيه أثر الحرب في غزة على السياسة المحلية، ومواقف المسلمين الإسكتلنديين من الحزبين الرئيسين في إسكتلندا، وهما الحزب الوطني الإسكتلندي وحزب “العمال”.
وقال كير إنه، في صلاة الجمعة بالمسجد المركزي في غلاسكو، ناشد الإمام المصلين لمساعدة “إخواننا الذين يذبحون في غزة”، ووبّخ الأمم المتحدة “الأمم عديمة الفائدة”، كما وصفها، لتقاعسها عن التحرك. وبعد خروج المصلين من المسجد قال عددٌ منهم إن الحصيلة المتزايدة من الموت في القطاع هي موضوع مهم لمعقل المسلمين الإسكتلنديين في جنوب غلاسكو.
ونقلت الصحيفة عن مظاهر شاه، صاحب مطعم متقاعد، قوله: “أمر غير معقول، لا أحد يعمل شيئاً، وخاصة الدول المسلمة”. وهو، مثل الكثير من الناخبين، يشعر بالنفور من زعيم حزب “العمال”، كير ستارمر، الذي رفض في البداية الدعوة لوقف إطلاق النار. وقال شاه: “من المحال أن أصوّت للعمال، ويجب أن أصوّت [للحزب الوطني الإسكتلندي] وغالبية الناس التي تعرف الوضع ستفعل نفس الشيء”.
وأضاف كير أن المشاعر المكثفة تجاه غزة في إسكتلندا قد تؤثر على تنافس في مناطق هامشية، ما سيضر بمنظور حزب “العمال” ويساعد الحزب الوطني الإسكتلندي في الانتخابات العامة هذا العام.
واقترحت استطلاعات الرأي أن حزب “العمال” والوطني الإسكتلندي في نفس المستوى وسيفوز كلٌّ منهما بـ 23 مقعداً. وبحسب مطّلع على خفايا الأمور في إسكتلندا، فإن فوز حزب “العمال”، الذي يشغل حالياً مقعدين في شمال الحدود، بأقل من 12 مقعد، سيكون خيبة أمل كبيرة. ويعتبر الصوت المسلم قوياً في غلاسكو، حيث شكل المسلمون نسبة 5.4% من السكان في عام 2011 وبحسب آخر الإحصائيات.
وكان الوزير الأول لإسكتلندا، حمزة يوسف، الذي علق أقاربه في غزة، بداية الحرب، أوَّلَ من دعا لوقف إطلاق النار، وبعد اندلاع النزاع مباشرة، في تشرين الأول/أكتوبر، وظلَّ يواصل الدعوة والضغط بهذا الاتجاه منذ ذلك الحين.
وتشير أرقام الحزب الوطني الإسكتلندي أن موقفه الواضح، والذي حظي بترحيب كبير في مجتمع المسلمين والمؤيدين لفلسطين، وقد يكون عاملاً انتخابياً في المناطق ذات الكثافة السكانية ما بين غلاسكو وإدنبرة، حيث يحاول حزب “العمال” القيام بمنافسة قوية.
وقال زعيم الحزب الوطني الأسكتلندي في مجلس العموم، ستيفن فلين يوم الأربعاء إن “الحكومة تخلت عن أهل غزة من خلال التهرب من مسؤوليتها والمساعدة على وقف إطلاق فوري للنار”.
وقال خبير الاستطلاعات والأستاذ في جامعة ستراتكلايد، سير برفسور جون كيرتس: “كل هذه المقاعد هامشية، ولهذا يمكن أن تلعب العوامل المحلية دوراً في تحقيق فرق”. لكنه أضاف أن عدد السكان المسلمين قليل لكي يؤثر على النتائج، وخاصة أن كل المقترعين لن يغيّروا مواقفهم، و”لا توجد أدلة على تراجع في الأصوات الداعمة لحزب “العمال” في مرحلة ما بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر وبشكل كبير”.
وتبع زعيم “العمال” في إسكتلندا، أنس سروار، ونجل أول نائب مسلم في بريطانيا، يوسف في دعوته لوقف إطلاق النار، وخالف الموقف الحذر من ستارمر الذي رفض شجب الحصار الإسرائيلي على غزة، في مقابلة إذاعية بداية الحرب. وحول ستارمر موقفه في مؤتمر حزب “العمال” بإسكتلندا ودعا إلى وقف للنار بتوافق الطرفين.
ويرى شخص على معرفة بإستراتيجية الحزب في إسكتلندا أن موقف سروار “المبدئي” من غزة كان عاملاً لمنع ردة فعل ضد الحزب في مناطق أخرى في بريطانيا.
ويرى جافيد، عامل المجتمع، “ضرورة التصويت الاحتجاجي مثل الخضر، لأن كل الإعلام والأحزاب الرئيسية منحازة لإسرائيل”.
ونظراً لاستطلاعات الرأي التي تضع حزب “العمال” في المقدمة في إسكتلندا، فقد قرر خوض الانتخابات في كل منطقة انتخابية. ويريد تحقيق نصر ساحق بسبب تخلي الناخب الإسكتلندي عن الحزب الوطني بعد سلسلة من الفضائح وأسئلة حول تنفيذ وعوده.
وقال الدكتور محمد إدريس، المسؤول في المجلس الإسلامي الإسكتلندي، إن حزب “العمال”، وبقية الأحزاب الأخرى، تعاملوا مع الصوت المسلم كأمر مفروغ منه. ودعا المجلس الإسلامي الإسكتلندي وبقية الجماعات المسلمين لتسجيل أسمائهم للتصويت. وفي الوقت الذي قدرت نسبة مشاركة للمسلمين في جنوب غلاسكو بـ 20% إلا أن إدريس قال إن الشباب هم أكثر مشاركة نتيجة لحس الإهمال في أعقاب هجمات “حماس” وحملة إسرائيل على غزة. وأضاف أن رفض ستارمر بداية لشجب الحصار على غزة، ودعم رئيس الوزراء ريشي سوناك لإسرائيل، ورفضه الاعتراف بالدولة الفلسطينية ترك المسلمين يشعرون بـ “صدمة”.
وقال إدريس، المستشار في مؤسسة الصحة الوطنية، إن الشباب المسلم “يشعرون بالإهمال، ولهذا قرروا التعامل مع هذه الانتخابات بشكل جاد”، و”أعتقد أن هذا صحي للسياسة البريطانية”.
ومن المتوقع نشر البيانات حول المشاركة في انتخابات 2022 بناء على الانتماء الديني في شهر أيار/مايو.
ووضع آخر إحصاء، في عام 2011، عدد المسلمين في إسكتلندا بـ 77,000 نسمة، أي نسبة 1.7% من السكان. وبحسب تحليل أجرته جامعة أدنبرة، يعيش في المنطقة السابقة غلاسكو سنترال، والتي تضم بولوكشيلد، مسلمون من أصول باكستانية، وبنسبة 12.9%، كما ورد في إحصاء 2011. وفي المقاعد الثمانية حول غلاسكو يشكّل المسلمون نسبة 3%.
وقالت ليندسي تيلور، عضو المجلس الإسلامي الإسكتلندي: “غزة في قلوب الكثيرين من الناس، وليس فقط المسلمين”، و”هناك إمكانية بأن تحدث فرقاً في الاستطلاعات”.
وهاجم أندرو فيني، بائع أيسكريم من سكاي، حزبَ “العمال”، الذي أفشل مشروع قرار تقدم به الحزب الوطني الإسكتلندي في مجلس العموم، الشهر الماضي، وهذا يعكس “الكيفية التي تم فيها إسكاتنا في ويستمنستر”. وقال: “أريد أن تكون إسكتلندا، مستقلة، ولكن إن أخذنا بالاعتبار كل شيء، فغزة تخيم على كل شيء”. وأضاف، وهو خارج من موقف سيارات المسجد: “بالنسبة لي ليست حرباً، بل هي إبادة”.
تعليقات الزوار
لا تعليقات