ليس بالسهولة يمكننا معرفة الواقع، فالأمر يحتاج إلى تدريب مرير للعقل، وكأي فهم للأشياء ومايتطلب من يقظة وحدس وتأمل وتفكر للأشياء فإن الأمر ينطبق على فهم الواقع الذي يعج بالمتناقضات والأحداث المتسارعة والمروعة، والذي يتطلب منا جميعا حسن الإنصات لهمس هذا الواقع وما يكتم من أسرار مثيرة.
لفهم الواقع، يجب عدم التسرع في الأحكام، يجب جمع المعطيات من الجهات المستقلة، وغير المؤدجلة حتى لا نسقط في شباك الرسمية أو الحزبية والإديولوجية وكلها أصنام لا تستحق العبادة، يجب أن تتعلم كيف تتجاوزها بهدوء وكم هو جميل أن تعرف كيف ترميها في القمامة بسلاسة في اللحظة المناسبة.
مايميز الإنسان المتفوق، هو فهمه للواقع بشكل يجعل منه إنسان شريف، يعمل على خدمة ومساعدة الآخرين على قدر المستطاع، المساهمة من قريب أو بعيد في التغيير الذي يعود على الضعفاء بالنفع والخير ولو كان صغيراَ.
لا أحد ينكر كيف تحول الواقع في الأيام الأخيرة إلا كابوس، يقض مضجع كل الطبقات الفقيرة ومعها الطبقات المتوسطة، ولهذا لايجب على أي شخص فيه شق من الحياء والاحترام للذات أن يتحول إلى جرح ينضاف إلى الجروح الأخرى التي تدمي قلب وروح الغالبية العظمى ، هذه الغالبية التي تحتاج إلى من يخفف عنها هذا العبء من الحزن والهم والفقر والقهر.
فالدولة تخلت عن المواطن ، بدعوى تحرير الأسعار، والواقع مرير، وعندما يغيب فهمة يزداد مرارة وقبحا، ولهذا لاينبغي الهروب منه والبحث عن كل أشكال التسلية الغبية التي تساهم في استياء هذا الوضع وتفاقمه في كل مستوياته.
فالمواطن يتعرض هذه الأيام لأكبر هجمة شرسة في قوته اليومي، ومن خلال قوة القصف لم يعد يعرف أين الوجهة التي يمكن أن يجد فيها خلاصه ولهذا فقد أصبح يشعر بالعجز التام وهو ما فتح الباب مشرعا إلى الإحتجاج بجل المدن المغربية و المطالبة برحيل أخنوش وحكومته التي قصمت ظهر الجميع دون أية مراعاة ودون أي إحساس بمعاناة الناس الكبير.
اليوم، الوضع لايحتمل، ومع الارتفاع القاسي للأسعار أصبح السلم الاجتماعي مهددا، فلهذا فالحكومة مفروض عليها حماية وتحقيق هذا السلم وذلك بالقيام بمجموعة من الإجراءات التي تحمي القدرة الشرائية للمواطن، فهي تعرف جيدا مكامن الخلل والضعف وهي وحدها تستطيع وهي تتوفر على جميع الامكانيات من أجل وقف هذا النزيف القاتل قبل فوات الأوان .
عبد الكريم ساورة
تعليقات الزوار
لا تعليقات