أخبار عاجلة

\'بشير طرطاق وحش بن عكنون \' الذي لم تجف يداه من دماء الجزائريين

 

مارس سنة 1992، أثناء جلسة عمل مع مسؤولي (ق.إ.أ/DRS) الملحقين ب(ق.ق.بر/CFT) بعين النعجة باح لي أحدهم وهو عمر توميات (الذي كان يحضر تقريرا عن العسكريين "ذوي الميول الإسلامية") بسر مدهش، وهو أن العقيد كمال عبد الرحمان قد أعطى تعليمات لعثمان طرطاڤ بألا يقدم "الإسلاميين الميؤوس منهم" إلى العدالة ! مضيفا أن عملهم هكذا أصبح ميسرا.

حيث أنه بمجرد أن يلقى القبض على أي إسلامي خطير يقضى عليه باصطناع أي حجة كالدفاع عن النفس من طرف الحارس، أو محاولة الهروب من طرف الموقوف أو اختلاق أية ذريعة من الذرائع. وأعترف أنني قد صعب علي تصديق كلام مثل هذا لحظتها. زيادة على أنني لم أذهب بعيدا في بحثي للتأكد من ذلك، لأنه لم يسبق لي أن أخطرني أي شخص آخر وقتها بمثل هذه التصرفات، غير أنه مع الأسف الشديد قد تأكد لي ذلك كله فيما بعد، وهو أبعد مما يمكن أن يتصوره إنسان لأني رأيت ذلك كله وسمعته بنفسي أثناء زيارتي لـ(م.ع.ر.ب/CPMI) في يوليو 1994.

لقد كان حقا شيئا فظيعا!! فأثناء حديثي مع المقدم عثمان طرطاڤ عرفت أنه ومن بداية 1992 قد كون بأمر من العقيد كمال عبد الرحمان وحدة "مغاوير" تدعى "وحدة عمليات" مكلفة ليس بقتل المشتبه فيهم فحسب، بل كذلك بإرهاب عائلات الإسلاميين في الأحياء التي كانت تعتبر معاقل لهم. ومن خلال أقواله:" لقد كانوا يقطعون سبل الدعم عن الأصوليين الذين لا ينبغي أن يجدوا أي مأوى لدى أقاربهم"، كانت هذه الوحدة مشكلة من عدة مجموعات تتكون كل واحدة من خمسة إلى عشرة عناصر متزيين ببزات "أفغانية" ويحملون لحىً عمرها حوالي عشرة أيام، وفي منتصف الليل يذهبون إلى الأحياء "الإسلامية" كالشراربة، الكاليتوس، سيدي موسى، مفتاح...الخ على متن سيارات مدنية مموهة، لاستهداف عائلات معينة، هي عائلات الإسلاميين الملاحقين. يقرعون الباب صائحين :" افتحوا، نحن مجاهدون!" وبمجرد أن يفتح الباب يكون كل أصحاب الدار مقتّلين شر قتلة! وفي اليوم التالي تنسب الصحافة الوطنية هذه الأفعال إلى الإسلاميين أو إلى حرب الأشقاء التي تمزق صفوفهم! ففي سنة 1993-1994 بلغت الحصيلة اليومية لهذه التعديات ما بين عشرة إلى أربعين ضحية!



وقد برروا هذه الحملة العقابية ضد "الإسلاميين المتشددين" بزعمهم أنها كانت بمثابة إجراء "وقائي" يستهدف المتعاطفين مع الـ (ج.إ.إ/FIS) المعتقلين في معسكرات الجنوب حتى لا يلتحقوا بالجبال بعد إطلاق سراحهم، ولكن الأمر يتعلق على الخصوص بإرهاب السكان، والتخلص في نفس الوقت من الإسلاميين المقتنعين الذين يرفضون التعاون مع الأجهزة، ويخشى استفادتهم من "مجاملات " العدالة. وقد صرح لي المقدم طرطاڤ هكذا :"ماذا يفيد تقديمهم إلى العدالة إذا كانوا سيطلق سراحهم بعد ثلاثة أو ستة أشهر ليعودوا إلى التحرش بنا من جديد! ولذلك فبمجرد أن يسقط أحد بين أيدينا لا يتعرض للذهاب إلى السجن! ها أنت ذا ترى أننا نساعد الدولة على توفير الأموال" يا للاستهتار! بكل صدق لقد اهتزت مشاعري من الأعماق، إن محدثي لم يعد ذلك النقيب بشير الذي عرفته في قسنطينة، لطيفا، خدوما، خلوقا، إنسانيا بل كان أمامي المقدم طرطاڤ المتحول إلى وحش ضار، إلى طافر.

صعب علي أن أصدق هذا التحول الجذري الحاصل لهذا الشخص! هاهي ذي نتائج "خطة العمل" التي أعدها مستشارو خالد نزار في أواخر سنة 1990، لقد كان هدفها نشر الحقد والشقاق في قلوب الجزائريين، تقسيم الشعب للتمكن الجيد من تملك الريع والاستحواذ على مقدرات الوطن دون أي منازع أو محاسب!

وبعد سنوات من ذلك يعترف الجنرال نزار ذاته في مذكراته بارتكاب "أخطاء" معتبرا تلك "التجاوزات" بالأمر العادي، لكن الطابع التنظيمي لتلك الجرائم يمنع إدراجها بأية صفة من الصفات في عداد "الانحرافات" المنعزلة

وقائع سنين الدم



بقلم ضباط المخابرات المنشق العقيد سمراوي

 

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات