فجرت برقية من الإدارة العامة للمديرية العامة للجمارك الجزائرية تمنع فيها الموظفات او الراغبات في الالتحاق بصفوفها من ارتداء الحجاب الكثير من الجدل حولها.
ووجهت إدارة الجمارك تعليمات إلى فروعها تؤكد أن "الخمار" لا يدخل ضمن الزي الرسمي لموظفي السلك وبالتالي فلباسه ممنوع".
وأشارت إلى أن "جميع العاملات المخالفات لهذا القرار يتم تحرير ملف تأديبي ضدهن تنجر عنه عقوبات من الدرجة الرابعة طبقًا للنظام الداخلي المطبق على أعوان الجمارك، وخاصة المادة 89 منه".
واعتبرت منظمات نسائية ومدافعة عن حقوق المرأة انها خطوة وان كانت محدودة وخجولة لرفع الضيم عن المرأة الجزائرية في مواقع العمل والتي تشكو من التمييز.
وتظاهرت نساء في العاصمة الجزائرية في وقت سابق، وقد غطين وجوههن جزئيا بقطع من القماش المطرز، وهتفن "عاشت الجزائر جزائرية"، بهدف الترويج للباس التقليدي في هذا البلد في ظل انتشار الحجاب والنقاب الغريبين عن تقاليده.
وقالت حقوقية جزائرية "نريد ان نتخلص من هذه الملابس القاتمة والخانقة التي تأتينا من السعودية، وان نعود الى لباس الحايك التقليدي الذي يعد مصدر اعتزاز للمرأة الجزائرية".
واعتبر مراقبون ان حكومة بوتفليقة تغافلت عن محاربة الفساد الذي ينخر المؤسسات العمومية وفي مقدمتها ادارة الجمارك، واعتبروا ان الشعب الجزائري يعيش كابوس التطرف الفكري والديني ويعاني من ويلات الفقر والتهميش والبطالة الى جانب انتشار اخطبوط الفساد والرشوة في البلاد.
وتجد السلطات الجزائرية صعوبات كبيرة في الحد من البطالة في اوساط الشباب بالرغم من انشاء عدة برامج يفترض ان تدعمهم لبدء حياتهم العملية.
وتشمل البطالة 21,5% من الشباب البالغين اقل من 35 سنة، بحسب اخر الاحصائيات التي نشرها صندوق النقد الدولي، مقابل نسبة بطالة عامة بلغت 10%.
وتواجه الحكومة الجزائرية فشلا ذريعا في مساعيها لمنع التهريب بمختلف اشكاله.
وهاجم مسؤول جزائري رفيع، ظاهرة الرشوة والفساد التي أصبحت منتشرة في بلاده بشكل مخيف.
وقال فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان في الجزائر، إن حكومة بلاده عازمة على محاربة الفساد والرشوة اللذين أصبحا "رياضة وطنية" تتم ممارستها في مختلف مستويات الإدارة بشكل يهدد نمو الاقتصاد الجزائري.
ويقول مراقبون إن تصريحات قسنطيني تبين مدى تفاقم هذه الآفة الاجتماعية في الجزائر.
ومن بين أهم القضايا التي تورط فيها الجمركيون خلال السنوات الماضية تهما تتعلق بتلقي رشاوى وسرقة بضائع تم حجزها من طرف الجمارك.
وتقول مصادر جزائرية إن قانون البلاد يشكو العديد من الثغرات تمنعه من أن يكون فاعلا في مكافحة التهريب والفساد وتجارة المخدرات.
وتشر تقديرات احصائية الى ان الفساد في الجمارك إلتهم ما يكفي لبناء 100 ألف مسكن.
وجاءت ردود افعال التيارات الدينية والمتشددة في الجزائر مهاجمة لقرار منع الحجاب واعتبر العديد من المطلعين على الساحة الجزائرية ان اصدارهم لبيانات الاستنكار تأتي في اطار سعيهم الى اعادة المرأة الى عصر الحريم وجعلها محبوسة لملابس طائفية ولأفكار دينية متحجرة ترفض التمدن والتطور.
وعبّر حزب الصحوة السلفية الذي تعتبره النخبة العلمانية والحقوقية خزانا لنشر الافكار المتطرفة والداعية الى جر البلاد الى الخلف عن استنكاره منع العاملات بقطاع الجمارك في الجزائر من ارتداء الحجاب، وتساءل "كيف لمؤسسة تابعة لنظام دولة تنص دستوريًا على أن الإسلام دين الدولة أن تجبر العاملات في جهازها على خلع الخمار وتجبرهن على التبرج وتهدّدهن بالطرد؟".
وذكرت جهات جزائرية مسؤولة في وقت سابق ان السلفيين المتشددين يسيطرون على 80 بالمائة من المساجد في الجزائر وذلك في غياب سياسة واضحة لوزارة الشؤون الدينية لتنظيم قطاع الأئمة في البلاد.
وقال المستشار الإعلامي لوزير الشؤون الدينية الجزائري أبوعبد الله غلام الله، إن "السلفيين يسعون لنشر "مرجعية سلفية وهابية" وكأنها "شأنا دستوريا" جزائريا.
وأضاف أن المجتمع في بلاده أصبح مهددا بفعل هذه التوجهات السلفية الخطيرة على المجتمع الجزائري بعاملي "الفُرقة والبلبلة".
وعاد الحجاب الى الانتشار بقوة في الجزائر بضغط من الاسلاميين المتشددين خلال موجة العنف التي اجتاحت البلاد في التسعينات.
ودعت حركة مجتمع السلم (المحسوبة على الإخوان المسلمين) الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة إلى التدخل لمنع تطبيق تعليمات تمنع الموظفات في سلك الجمارك من ارتداء الحجاب.
وسجل المجتمع الجزائري منذ التسعينات ظاهرة لم تكن معروفة فيه من قبل، وهي ارتداء النقاب، اي اللباس الاسود الذي يستر كل جسم المرأة وشعرها وكفيها فلا يبدو منها سوى العينين.
تعليقات الزوار
لا تعليقات