أصدرت محكمة سيدي أمحمد بالعاصمة الجزائرية حكمًا يقضي بسجن النقابي لونيس سعيدي، الأمين العام لفيدرالية عمال السكك الحديدية التابعة للاتحاد العام للعمال الجزائريين، لمدة سنتين نافذتين، مع تغريمه بمبلغ قدره مليوني دينار جزائري.
وتعود أسباب الملاحقة القضائية إلى إشعار بالإضراب قدّمه سعيدي يوم 25 يونيو/حزيران الماضي، في إطار مهامه التمثيلية، للمطالبة برفع الأجور وفقًا لما تنص عليه الاتفاقية الجماعية، إضافة إلى التنديد بما وصفه بـ”تدخل الإدارة في الشؤون النقابية”. وأكدت الفيدرالية أن هذه المطالب “مشروعة وقانونية”.
وفقًا للنقابة، جاءت الدعوة إلى الإضراب احتجاجًا على عدم تطبيق الزيادات في الأجور المقررة منذ عام 2023، وتدهور ظروف العمل داخل المؤسسة، إلى جانب ما اعتُبر “خروقات قانونية متكررة”، أبرزها التدخل في شؤون النقابة، وعرقلة انتخابات لجنة المشاركة، وغياب الشفافية في التوظيف وتسيير الخدمات الاجتماعية.
في المقابل، أصدرت الإدارة العامة للمؤسسة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية بيانًا يوم 26 يونيو/حزيران، أكدت فيه عدم شرعية الإشعار بالإضراب، بحجة أنه لم يُسبق بمحضر صلح أو إثبات لفشل الوساطة مع مفتشية العمل، كما ينص عليه التشريع الجزائري.
توقيف مثير للجدل وردود فعل غاضبة
اعتقال النقابي سعيدي يوم 5 يوليو/تموز، الذي صادف احتفالات عيد الاستقلال، أثار موجة تنديد في الأوساط النقابية، حيث اعتُبر سابقة تهدد حرية العمل النقابي في البلاد، في ظل اتهامات بتنامي تدخل الإدارة والسلطات في شؤون النقابات.
حزب العمال: “انحراف خطير” وتهديد للديمقراطية
وفي بيان شديد اللهجة، وصف حزب العمال الإدانة بأنها “انحراف خطير”، معتبراً أنها تمثل ترجمة عملية للمخاطر الناجمة عن التعديلات الأخيرة على قوانين الحق النقابي وحق الإضراب. وأوضح البيان أن هذه التعديلات أدت إلى إضعاف النقابات وتجريد العمال من وسائل الدفاع عن حقوقهم، وفتحت المجال أمام تعسف أرباب العمل، داعيًا إلى الإلغاء الفوري لهذه النصوص.
وأكد الحزب أن الصمت على هذه القضية “تواطؤ مع انتكاسة مميتة”، داعيًا النقابيين والعمال إلى الالتفاف حول قضية سعيدي باعتبارها معركة للدفاع عن الحقوق الدستورية والكونية التي كرستها اتفاقيات منظمة العمل الدولية، والتي صادقت عليها الجزائر منذ استقلالها. وأشار البيان إلى أن دعم النقابي المعتقل ليس فقط دفاعًا عن حق الإضراب والعمل النقابي الحر، بل أيضًا عن الديمقراطية وسيادة البلاد وسلامتها.
واستحضر البيان دور العمال في حماية الوطن، مستشهدًا بدعوة الاتحاد العام للعمال الجزائريين إلى التعبئة خلال صيف 1962 لوقف الحرب الأهلية، وكذلك بدورهم في الحفاظ على الوحدة الوطنية ووسائل الإنتاج خلال العشرية السوداء.
وفي ختام بيانه، وجّه حزب العمال نداءً إلى الرئيس عبد المجيد تبون بصفته “القاضي الأول وحامي الدستور”، للتدخل العاجل من أجل وقف ما وصفه بـ”المسار الخطير” الذي يهدد الحقوق النقابية والديمقراطية في البلاد.
تعليقات الزوار
لا تعليقات