أخبار عاجلة

ليلى عسلاوي تعود للواجهة من بوابة رئاسة المحكمة الدستورية

أعلنت رئاسة الجمهورية في الجزائر، عن تعيين ليلى عسلاوي، رئيسةً للمحكمة الدستورية، بموجب مرسوم وقّعه الرئيس عبد المجيد تبون، لتكون بذلك أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ البلاد.

وكانت عسلاوي تشغل هذا المنصب بالنيابة منذ منتصف حزيران/ يونيو الماضي، باعتبارها العضو الأكبر سنا، بعد شغور منصب رئيس المحكمة الدستورية، إثر طلب التنحي الذي تقدم به رئيسها عمر بلحاج، لأسباب شخصية.

وظهرت المحكمة الدستورية في الجزائر بموجب التعديل الدستوري لسنة 2020، لتعويض المجلس الدستوري السابق، في إطار مسعى لإعادة تنظيم السلطة القضائية وتعزيز مراقبة دستورية القوانين. وتضم المحكمة 12 عضوًا يُعيَّنون مناصفة بين رئيس الجمهورية ومجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني، إضافة إلى تعيينات من مجلس الدولة والمحكمة العليا.

وكان كافيا ظهور اسم ليلي عسلاوي ليشعل الحديث من جديد عن هذه القاضية والسياسية ذات المسار الحافل والمثير للجدل في آن واحد، حيث كانت في سنوات التسعينات من بين الشخصيات البارزة في مواجهة التيار الإسلامي من خلال مواقفها وكتاباتها، وهو ما جعل الآراء تنقسم بحدة حول شخصها.

ليلى عسلاوي من مواليد 2 أيلول/ سبتمبر 1945 بالعاصمة الجزائر، ذات مسار تعليمي قانوني بامتياز، أهّلها لشغل منصب قاضية قبل دخولها المعترك السياسي مطلع تسعينات القرن الماضي، وهي مرحلة شهدت توترات حادة بعد إلغاء المسار الانتخابي وتصاعد العنف السياسي.

وفي 18 حزيران/ يونيو 1991، عُينت عسلاوي وزيرة للشباب والرياضة في حكومة سيد أحمد غزالي الأولى، وبقيت في هذا المنصب حتى 22 شباط/ فبراير 1992، أي بعد أشهر من حلّ الجبهة الإسلامية للإنقاذ ودخول البلاد في أزمة أمنية خانقة.

وفي نيسان/ أبريل 1994، التحقت مجددًا بالجهاز التنفيذي، حيث شغلت منصب كاتبة دولة لدى رئيس الحكومة مكلفة بالتضامن الوطني والأسرة ضمن حكومة مقداد سيفي الأولى، غير أنها قدّمت استقالتها بعد أشهر، في أيلول/ سبتمبر من نفس العام، احتجاجًا على محاولات الحوار التي باشرتها السلطة آنذاك مع قيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وهو ما اعتبره البعض حينها موقفًا مبدئيًا، فيما رآه آخرون تعبيرًا صريحًا عن انتمائها للتيار “الاستئصالي” الذي رفض أي حل سياسي للأزمة الوطنية وفضّل المقاربة الأمنية.

وقد تعرّضت عسلاوي لانتقادات واسعة من قوى وشخصيات دعت منذ التسعينات إلى “الحل التوافقي” والابتعاد عن الحل الأمني، معتبرين أن مواقفها ساهمت في تعميق الانقسام الوطني. في المقابل، دافعت هي عن خياراتها باعتبارها انحيازًا “لقيم الجمهورية ومبدأ رفض العنف”، خاصة بعد مقتل زوجها في 17 أكتوبر 1994 على يد مسلحين داخل عيادته، في حادثة شكلت صدمة شخصية وعائلية. وفي السنوات اللاحقة، أسّست عسلاوي جمعية ضحايا الإرهاب وظلّت تنشط في صفوفها، معروفة بمرافعاتها ضد تجاوز المأساة الوطنية.

وبعيدًا عن المناصب، خاضت عسلاوي تجربة الكتابة الأدبية، إذ نشرت في عام 2006 كتابًا بعنوان “مذنبون” “Coupables”، تلاه في 2012 إصدارها لرواية “دون حجاب.. دون ندم” “Sans voiles, sans remords” التي تناولت فيها قضايا الهوية النسوية والدين والمجتمع، وفازت بجائزة جمعية الكتّاب باللغة الفرنسية سنة 2013. وقد أثارت بعض مضامين كتبها جدلا، خاصة من طرف القرّاء المحافظين، بسبب مواقفها الواضحة من المسائل الدينية والاجتماعية.

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، عادت إلى الواجهة عبر تعيينها عضوًا في المحكمة الدستورية الجزائرية، وهو ما اعتُبر آنذاك امتدادًا طبيعيًا لمسارها في القضاء، لكنه أيضًا أثار تحفظات لدى بعض الأطراف المعارضة التي اعتبرت أن المناصب القضائية العليا يجب أن تبقى بعيدة عن رموز المرحلة السابقة.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات