نظّمت عائلة وأصدقاء الصحافي الفرنسي كريستوف غليز، بمدينة أفينيون الفرنسية، مسيرة احتجاجية للمطالبة بإطلاق سراحه، بعدما حكمت عليه محكمة جزائرية مؤخرا بالسجن سبع سنوات بتهم اعتبرتها الأسرة "باطلة" وذات دوافع سياسية في سياق التوتر الدبلوماسي القائم بين الجزائر وفرنسا.
وحسب صحيفة "لوباريزيان" فإن هذه المسيرة دعا إليها شقيق الصحافي المسجون، ماكسيم غليز، وهو ممثل مسرحي، وقد جرى تنظيمها تحت شعار "الصحافة ليست جريمة"، وتزامنت مع فعاليات مهرجان أفينيون، أحد أبرز الفضاءات الثقافية في فرنسا، الذي اعتبرته العائلة "رمزا لحرية التعبير والفن والتجمعات المدنية".
وقالت والدة الصحافي المعتقل، وفق ما نقلته الصحيفة الفرنسية، في كلمة مؤثرة قبيل انطلاق المسيرة لقد "كنا نعتقد أن المراقبة القضائية كانت الجحيم، لكن الأيام العشرة الأخيرة بعد سجنه كانت الجحيم الحقيقي"، في إشارة إلى الصدمة التي عاشتها العائلة بعد صدور الحكم في حقه.
ووفق "لوبارييزيان" يقضي غليز، البالغ من العمر 36 سنة، حاليا عقوبة السجن في سجن تيزي وزو شمال الجزائر، حيث يقبع في زنزانة لا تتجاوز مساحتها 10 أمتار مربعة، بعد أن كان تحت المراقبة القضائية لأكثر من 13 شهرا، منذ توقيفه يوم 28 ماي 2024.
وحسب المصدر نفسه، فإن غليز أُدين بتهم تتعلق بـ"الدخول بتأشيرة سياحية لممارسة الصحافة"، و"تمجيد الإرهاب"، و"حيازة منشورات دعائية تضر بالمصلحة الوطنية"، بسبب مقابلات أجراها مع قيادي في حركة استقلال القبائل المصنفة كمنظمة "إرهابية" في الجزائر.
ونقلت "لوباريزيان" في هذا السياق، تصريح فرانك أنيسي، مؤسس مجموعة SoPress التي يعمل فيها غليز منذ 13 عاما، حيث قال إن ما قام به الصحافي كان في إطار عمله المهني، مؤكدا أن المقابلات التي أجراها لم تكن إلا حول كرة القدم، وأنه لم يكتب أي مقال يتناول دعم الانفصال أو يُمجد الإرهاب.
وأضاف أنيسي "كريستوف لم يُخف يوما علاقاته المهنية، لكنه لم يدعم أبدا استقلال منطقة القبائل، ولم يُدلِ بأي تصريح سياسي، ولم يكتب سطرا واحدا حول هذا الملف"، معتبرا أن الصحفي "وجد نفسه وسط قرار سياسي لا علاقة له به"، وفق تصريحه للصحيفة الفرنسية المذكور.
وأشار نفس المتحدث إلى أن دخول الصحافي بتأشيرة سياحية لا يُشكل سابقة، موضحا أن دولا كثيرة لا تمنح تأشيرات للصحفيين أو تتأخر في إصدارها، ما يجعلهم يلجؤون للتأشيرة السياحية، وهو ما يُعرضهم في أسوأ الحالات للطرد وليس للسجن المطول.
هذا، ودعت النقابة الوطنية للصحفيين الفرنسيين (SNJ) في بيان لها إلى المشاركة في هذه المسيرة، مؤكدة دعمها الكامل لغليز وعائلته، وطالبت بـ"الإفراج الفوري عنه"، معتبرة قضيته انتهاكا صارخا لحرية الصحافة.
وتأتي هذه القضية في وقت تعرف فيه العلاقات الفرنسية الجزائرية توترا دبلوماسيا حادا، منذ إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعم باريس لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء، وهو ما أثار غضب الجزائر وأدى إلى طرد دبلوماسيين وتجميد التعاون الثنائي.
وتتشابه قضية غليز، حسب مراقبين، مع قضية الكاتب بوعلام صنصال الذي حكمت عليه الجزائر مؤخرا بالسجن خمس سنوات بسبب تصريحات قال فيها إن الجزائر ورثت أراضي مغربية إبان الاستعمار، في وقت يرى فيه الحقوقيون أن السلطات الجزائرية تستخدم القضاء لتصفية حسابات سياسية ودبلوماسية.
تعليقات الزوار
لا تعليقات