أعدم جنود الاحتلال الإسرائيلي شابَين فلسطينيين في جنين والقدس، فيما شنت قواته حملة اقتحامات واسعة طالت 60 مواطنًا في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، تزامنا مع اقتحام كبير لمخيم بلاطة شرق نابلس، وتصعيدٍ متواصلٍ ضد مخيم جنين وعدد من بلدات المحافظة.
وفي التفاصيل، أطلق جنود الاحتلال النار على الشاب عصام ربايعة (43 عامًا) من بلدة ميثلون شمال شرق جنين، ما أدى إلى استشهاده، فيما لا يزال جثمانه محتجزًا. وذكرت مصادر عائلية أن ربايعة قُتل قرب الجدار الفاصل المقام على أراضي قرية فقوعة شمال شرق جنين. ورجّحت مصادر محلية أن الشهيد كان في طريقه إلى العمل داخل أراضي 48، ما يجعله “شهيد لقمة العيش”.
وباستشهاد ربايعة، ارتفع عدد شهداء الضفة الغربية منذ بداية العام إلى 157، بينهم 58 من محافظة جنين.
وفي القدس، استشهد الشاب معتز الحجاجلة (21 عاما) برصاص الاحتلال في قرية الولجة غرب بيت لحم. وأفادت وزارة الصحة بأن الاحتلال احتجز جثمان الشهيد بعد اعتقاله وهو مصاب بجراح خطيرة. وذكرت محافظة القدس أن قوات الاحتلال اعتدت عليه بالضرب المبرح ثم أطلقت النار عليه، فأُصيب في صدره، قبل أن يُسحب جريحًا إلى جهة مجهولة.
وارتفع عدد الشهداء المقدسيين الذين تحتجز سلطات الاحتلال جثامينهم إلى 47، أقدمهم الشهيد جاسر شتات منذ عام 1968، وأحدثهم الحجاجلة. ووصفت المحافظة هذه السياسة بأنها شكل من أشكال العقاب الجماعي الذي يخالف القانون الدولي الإنساني، ويحرم العائلات من وداع أبنائها ودفنهم بما يليق بكرامتهم الإنسانية.
وفي سياق متصل، شيّع المئات من أبناء بلدة العيزرية جثمان الشهيد محمد حسن حسني أبو حماد (41 عامًا)، بعد أن سلّمه الاحتلال إثر احتجازه منذ استشهاده في 25 آذار الماضي قرب البلدة. وأفادت محافظة القدس بأن العائلة ألقت نظرة الوداع الأخيرة عليه، وأُديت عليه صلاة الجنازة في مسجد المرابطين، قبل مواراته الثرى في مقبرة شهداء البلدة.
وكان أبو حماد قد استُشهد بعد إطلاق النار عليه من قبل قوات الاحتلال قرب العيزرية، ما أدى إلى إصابته بجروح حرجة، نُقل على إثرها إلى المستشفى حيث أُعلن عن استشهاده لاحقًا. وأوضحت المحافظة أن الاحتلال احتجز جثمانه، ورفض كشف تفاصيل الجريمة لعائلته التي لا تزال تجهل ما جرى له في لحظاته الأخيرة.
ويُذكر أن الشهيد أبو حماد، وهو أسير محرر، كان يعمل في صناعة الحجر ويعيل سبعة أبناء، وقد اعتقله الاحتلال عدة مرات في السابق.
اقتحامات واعتقالات
تواصل قوات الاحتلال تصعيدها في مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية؛ إذ نفّذت اقتحامًا واسعًا لمخيم بلاطة شرق نابلس. وذكرت مصادر محلية أن آليات عسكرية اقتحمت المخيم، وحاصرت مداخله، ومنعت الدخول والخروج منه، واعتلى قناصو الاحتلال أسطح عدد من المنازل. وأضافت أن الجنود داهموا منازل وعبثوا بمحتوياتها، وأجبروا بعض العائلات على إخلائها وتحويلها إلى ثكنات عسكرية ومراكز احتجاز ميدانية.
وقال عماد زكي، رئيس لجنة الخدمات الشعبية في المخيم، إن الاحتلال أجبر نحو 14 عائلة على إخلاء منازلها لمدة 48 ساعة، وحولها إلى مراكز تحقيق ميداني. وأضاف أن قوات الاحتلال تنتشر في أزقة المخيم، وتداهم المنازل وتحتجز الشبان وتستجوبهم ميدانيًا، وتمنع حركة الدخول والخروج، مشيرًا إلى منع خروج الحالات الإنسانية، بالتزامن مع تنسيقٍ جارٍ مع الارتباط الفلسطيني لنقل مرضى الكلى والسرطان – البالغ عددهم 25 – عبر سيارات الإسعاف لتلقي العلاج.
وأعلن الهلال الأحمر لاحقًا إصابة شاب يبلغ من العمر 30 عامًا برضوض، إثر اعتداء جنود الاحتلال عليه بالضرب. كما فجّرت القوات مخرطة في المخيم، ومنعت مركبات الدفاع المدني والإطفاء من الوصول إلى الموقع.
وفي جنين، واصلت قوات الاحتلال اقتحام بلدة جبع جنوب المدينة لليوم الثاني على التوالي. وقال رئيس بلدية جبع، محمد بداد، إن الاحتلال أجبر 35 عائلة على النزوح القسري، وحوّل منازلهم إلى ثكنات عسكرية. وأوضح أن جنود الاحتلال داهموا منازل وفتشوها وعبثوا بمحتوياتها، وسط تعزيزات عسكرية كبيرة في منطقة ترسلة ومحيط البلدة.
وأضاف أن قوات الاحتلال أقامت سواتر ترابية على طريق جنين – نابلس من جهة جبع، ما أعاق حركة المركبات وتنقل المواطنين.
كما اقتحمت قوات الاحتلال بلدة ميثلون جنوب جنين بعدد من الآليات المصفحة، وانتشر الجنود في الشوارع وعلى أسطح المنازل، وداهَموا منازل، من بينها منزل المواطن حسين يوسف، الذي تم تحويله إلى ثكنة عسكرية بعد إجباره وعائلته على إخلائه.
وفي مخيم جنين، تواصل جرافات الاحتلال هدم المباني السكنية على نطاق واسع، في ظل استمرار العدوان على المدينة والمخيم لليوم الـ149 على التوالي.
عسكرة المنازل وتموضع جديد
منذ بدء الهجوم على إيران، وسّع جيش الاحتلال سياسة “عسكرة” منازل المواطنين في الضفة، حيث استولى على عدد منها وحوّلها إلى ثكنات عسكرية. وأفادت مصادر فلسطينية بأن الاحتلال استصدر أوامر عسكرية بهذا الشأن، في إطار خطة تهدف إلى إعادة تموضع الجنود خارج المعسكرات النظامية، خشية استهدافها، ما يعني تحميل الفلسطينيين ثمنًا باهظًا من أمنهم واستقرارهم.
ويُطبق هذا النهج حاليًا في قرى وبلدات عدّة، منها اللبن الشرقية جنوب نابلس، سلواد وبيرزيت شمال شرق رام الله، مخيم الجلزون، مخيم عسكر، مدينة الخليل، ومناطق قرب الجدار الفاصل بمحافظة جنين، فضلًا عن جيوس وعزون شرقي قلقيلية.
ورأى نشطاء أن الاحتلال يتبع استراتيجية تفريغ عسكري وخلق جغرافيا انتشار جديدة لمعسكراته، مستعينا بالفلسطينيين في أحيائهم كدروع بشرية، بعد إفراغ القواعد النظامية إثر اندلاع الحرب.
إجراءات تضييق وتحكم بالحركة
وفي محافظة سلفيت، نصبت قوات الاحتلال بوابة حديدية جديدة بين بلدتي كفل حارس وقرية حارس، شمال غرب المحافظة. وتُعدّ هذه الطريق المنفذ الأساسي لأهالي المنطقة، خصوصا بعد إغلاق الاحتلال سابقًا لبوابات أخرى عند مداخل كفل حارس وحارس، ما زاد من معاناة المواطنين وقيّد حركتهم.
وفي وقت سابق، نُصبت بوابة حديدية أيضًا عند مدخل بلدة دير بلوط غرب سلفيت، ضمن سياسة تهدف إلى محاصرة المدن والقرى الفلسطينية، من خلال تكثيف الحواجز العسكرية والبوابات التي تُقطّع أوصال المحافظات وتُعطّل حياة السكان اليومية.
حملة اعتقالات هي الأوسع
شنت قوات الاحتلال حملة اعتقالات واسعة طالت 60 مواطنًا من الضفة الغربية، بينهم سيدة وعدد من الأطفال والأسرى المحررين. وأوضحت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير أن الاعتقالات والتحقيقات الميدانية طالت معظم محافظات الضفة، وترافقت مع اقتحام منازل وتحويلها إلى ثكنات ومراكز تحقيق ميداني.
وارتفع عدد حالات الاعتقال في الضفة منذ مطلع الأسبوع الجاري إلى 160 حالة، أُفرج عن عدد منهم لاحقًا.
تعليقات الزوار
لا تعليقات