قضت محكمة جزائرية بالسجن 10 سنوات لثلاث شخصيات طمحت للترشح لانتخابات 2024 الرئاسية بتهمة دفع اموال مقابل جمع التوقيعات الضرورية لقبول طلباتهم بحسب مصدر قضائي، بينما تعتبر بعض الأصوات أن هذه الأحكام تكرس، مسار السلطة نحو تشديد القبضة، وتضييق الهامش المتاح للحرية، وتسخير مناخ الخوف كأداة لضمان استمرار النظام العسكري في الحكم.
والمدانون هم سيدة الأعمال سعيدة نغزة والوزير الأسبق بلقاسم ساحلي رئيس حزب التحالف الوطني الجمهوري ورجل الاعمال عبد الحكيم حمادي.
ولم يأمر القاضي بإيداع المتهمين الثلاثة السجن، ما يسمح لهم بالبقاء أحرار حتى يتم الفصل الاستئناف الذي سيتقدمون في أجل أقصاه عشرة أيام.
وكانت النيابة العامة طلبت خلال المحاكمة التي استمرت تسعة أيام (بين 5 و14 مايو/أيار) بمعاقبة المتهمين الثلاثة بالسجن النافذ عشر سنوات وغرامة مليون دينار (6600 يورو).
كما أدنت المحكمة نحو سبعين متهما بالسجن بين 5 الى 8 سنوات، أغلبهم أعضاء مجالس محلية قاموا حسب المحكمة بالتوقيع لصالح راغبين في الترشح مقابل تلقي أموال.
وأدين في القضية أبناء سعيدة نغزة بست سنوات لمولود وثمان سنوات لبشير وثمانية أيضا غيابيا لمقران الموجود في حالة فرار خارج البلاد.
ونقل مقران عبر منشور على موقع فيسبوك تصريح شقيقه بشير بعد صدور الحكم بحقه "أخطأت لما وثقت بكم سيدي القاضي أنا فخور بأني ابن سعيدة نغزة وسيأتي اليوم الذي يتحمل كل شخص تبعات أفعاله". وعلق "أنا فخور بك أخي، صوت كرامتك وشجاعتك أعلى من الظلم".
وانتقد العديد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأحكام معتبرين أن المرشحين دفعوا ثمن جرأتهم للترشح ضد تبون.
ويتوجّب على الراغبين في الترشح للانتخابات الرئاسية جمع 600 توقيع على الأقل لمنتخبين في مجالس محلية أو البرلمان في 29 ولاية من أصل 58 ولاية جزائرية، أو ما لا يقل عن 50 ألف توقيع لمواطنين مسجلين على القوائم الانتخابية على أن يكون 1200 منها على الأقل في كل ولاية.
ومن بين 16 راغبا في الترشح، قبلت المحكمة الدستورية ملفات ثلاثة مرشحين هم يوسف أوشيشي عن حزب جبهة القوى الاشتراكية (يسار)، والرئيس الفائز بولاية ثانية عبد المجيد تبون مرشحا مستقلا، وعبد العالي حساني شريف عن حزب حركة مجتمع السلم (إسلامي).
وأعلنت النيابة العامة في بداية أغسطس/آب، أي قبل شهر من موعد الانتخابات توجيه تهم بالفساد من خلال "شراء توقيعات" لثلاثة راغبين في الترشح مع توقيف 68 شخصا.
وكان النائب العام لطفي بوجمعة، وزير العدل حاليا، أعلن في مؤتمر صحافي حينها بدء التحقيق في قضية شراء توقيعات من طرف بعض الراغبين في الترشح للرئاسة.
وأوضح ان "أكثر من 50 شخصا من المنتخبين اعترفوا بتلقيهم مبالغ مالية تتراوح ما بين 20 و30 ألف دينار (بين 150 وأكثر من 200 دولار) مقابل تزكيتهم لهؤلاء الراغبين في الترشح".
ووُجهت لهم تهم "منح ميزة غير مستحقة واستغلال النفوذ وتقديم هبات نقدية أو الوعد بتقديمها قصد الحصول أو محاولة الحصول على أصوات الناخبين وبسوء استغلال الوظيفة وتلقي هبات نقدية أو وعود من أجل منح أصوات انتخابية والنصب".
ويرى مراقبون أن "الجزائر الجديدة" التي تحدث عنها الرئيس عبدالمجيد تبون ليست سوى أحد الشعارات التي يروج لها النظام للتغطية على انحدار البلاد بنسق متسارع نحو الاستبداد والتسلط ومصادرة الحريات.
وكان تبون قد تحدث في رسالة بمناسبة إحياء الذكرى الـ67 لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين والذكرى 52 لتأميم قطاع المحروقات عن "الجزائر الجديدة" التي تتوجه إلى "عهد خال من الفساد والظلم وكل أشكال الانحرافات ومن بيروقراطية ورشوة ومحاباة".
وتعددت في الآونة الأخيرة الانتقادات للفتور الأوروبي في التعامل مع ملف حقوق الإنسان بالجزائر، فيما أرجعه مراقبون إلى أزمة إمدادات الطاقة وتحول الجزائر إلى لاعب رئيسي في مجال تزويد أوروبا بالغاز الطبيعي ما يجعل الاهتمام الدولي بقضايا الحريات في أدنى مستوياته وهو وضع يستثمره النظام الجزائري لزيادة إحكام قبضته على معارضيه.
تعليقات الزوار
لا تعليقات