أخبار عاجلة

الاحتلال الإسرائيلي يصادق رسميا على مشروع استيطاني لتقسيم الضفة الغربية

صادقت لجنة فرعية تابعة للإدارة المدنية الإسرائيلية، رسميا وكما كان متوقعا، على المضي قدما في خطط استيطانية وُصفت بأنها من “الأكثر حساسية وخطورة” في الضفة الغربية، وتشمل توسيع المستوطنات في المنطقة المعروفة باسم E1 شرق القدس، وإنشاء مستوطنة جديدة قرب بلدة السموع جنوب الخليل.

وبحسب القرار، فإن الخطة الخاصة بمنطقة E1 في محيط مستوطنة “معاليه أدوميم”، والتي جُمّدت منذ عام 2005 بفعل الضغوط الدولية، وصلت إلى مرحلة التنفيذ بعد عقود من الانتظار. وتشمل الخطة بناء 3,412 وحدة سكنية جديدة على مساحة تُقدّر بـ12 كيلومترا مربعا، إضافة إلى بنية تحتية ومرافق عامة.

وتُعتبر هذه المنطقة حيوية استراتيجيا، إذ إن الاستيطان فيها سيؤدي إلى فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، ما يهدد بإعاقة التواصل الجغرافي بين المدن الفلسطينية ويقوّض إمكانية إقامة دولة فلسطينية متصلة الأراضي.

إلى جانب ذلك، أقرت اللجنة خطة لبناء 342 وحدة سكنية في مستوطنة جديدة باسم “عَشَه” قرب بلدة السموع، بعد أن كان وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش قد دفع باتجاه الاعتراف بها رسميًا في شباط/ فبراير 2023. وتشمل الخطة أيضا مباني عامة وبنية تحتية، وهي الآن في مرحلة الإيداع تمهيدا للتنفيذ.

وفي تصريحات عقب المصادقة، قال سموتريتش: “الدولة الفلسطينية تُمحى – ليس بالشعارات، بل بالأفعال”، داعيا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى استكمال العملية وفرض ما أسماه “السيادة الإسرائيلية الكاملة” على الضفة الغربية. وكان قد صرح، الأسبوع الماضي، أن مخطط E1 يربط فعليا مستوطنة معاليه أدوميم بالقدس، ويقطع التواصل العربي بين رام الله وبيت لحم، ويمثل “المسمار الأخير في نعش فكرة الدولة الفلسطينية”.

من جهتها، اعتبرت حركة “سلام الآن” أن المصادقة على بناء استيطاني في E1 تمت بسرعة قصوى، وهو مخطط “قاتل بشكل خاص لاحتمال سلام، ولمستقبل دولتين للشعبين”، إذ يقسم الضفة الغربية إلى قسمين ويمنع تطوير مشروع “ميترولين” بين رام الله والقدس الشرقية وبيت لحم. وأكدت أن هذا المخطط ينضم إلى آلاف الوحدات الاستيطانية التي صادقت عليها حكومة الاحتلال منذ بداية 2025، حيث دفعت سلطات الاحتلال نحو 24,338 وحدة استيطانية جديدة، بينها مخطط E1.

وتقول منظمات إسرائيلية إن هذه الخطة ستخلق “حزاما استيطانيا” يربط القدس بمستوطنات الضفة، ويطوّق ما يقارب مليون فلسطيني في رام الله والقدس الشرقية وبيت لحم.

يُذكر أن سلطات الاحتلال حاولت تمرير المخطط منذ التسعينيات، لكنه واجه معارضة دولية، بينها أميركية. ومع عودة نتنياهو لرئاسة الحكومة، أُعيد طرحه في عامي 2012 و2020 وصولا إلى المصادقة الأخيرة.

ووفق نشرة لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فإن مخطط E1 يهدف إلى عزل القدس عن محيطها الفلسطيني، وقطع التواصل الجغرافي والسكاني بين القدس والتجمعات الفلسطينية، وتقويض إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس. كما يسعى إلى عزل شمال الضفة عن جنوبها، وضم تكتل “معالي أدوميم” إلى القدس، وطرد التجمعات البدوية مجددا، وزيادة عدد اليهود على حساب الفلسطينيين الأصليين عبر تهجير تجمعات مثل كفر عقب وعناتا وشعفاط.

ردود فلسطينية

أدان الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، المصادقة على الخطة، واعتبرها مخالفة للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية، وخاصة القرار (2334)، الذي أكد أن الاستيطان بجميع أشكاله غير شرعي في الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية.

وقال أبو ردينة إن سلطات الاحتلال “تتحدى دول العالم التي أصدرت بيانات إدانة وتحذير”، معتبرا أن المخطط يشكّل تصعيدا خطيرا يؤدي إلى فصل شمال الضفة عن جنوبها بالكامل.

وحمّل حكومة الاحتلال “المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذه السياسات العدوانية الخطيرة”، محذرا من أن استمرارها “سيؤدي إلى انفجار المنطقة برمتها”، وداعيا الإدارة الأمريكية إلى التدخل الفوري لوقف ”العبث الإسرائيلي” ضد الشعب الفلسطيني.

كما أدانت وزارة الخارجية والمغتربين القرار، مؤكدة أنه يهدف إلى عزل القدس عن محيطها الفلسطيني وإغراقها في تجمعات استيطانية ضخمة ترتبط بالعمق الإسرائيلي. وطالبت الوزارة المجتمع الدولي بالإسراع في الاعتراف بدولة فلسطين، محذرة من الاكتفاء ببيانات الإدانة.

إدانة أممية

أدانت الأمم المتحدة، الأربعاء، قرار إسرائيل توسيع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة باعتباره يخالف القانون الدولي وقراراتها.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده ستيفان دوجاريك متحدث الأمين العام للأمم المتحدة، ردًا على سؤال عن قرار إسرائيل توسيع المستوطنات في القدس الشرقية المحتلة وفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها.

وقال دوجاريك: “نعتبر هذا القرار غير قانوني بموجب القانون الدولي ومخالفا لقرارات الأمم المتحدة، وندينه”.

وأكد معارضة الأمم المتحدة كل الأنشطة الاستيطانية في الأرض المحتلة.

ولفت إلى أن المؤيدين والمعارضين يتفقون على أن القرار الإسرائيلي يقوض بشدة إمكانية تطبيق حل الدولتين.

وأضاف: “ندعو الحكومة الإسرائيلية إلى وقف جميع الأنشطة الاستيطانية والامتثال بشكل كامل لالتزاماتها بموجب القانون الدولي”.

مشروع “أبو جورج” الاستيطاني

بالتوازي، واصلت سلطات الاحتلال العمل على شق وتوسعة شارع استيطاني يحمل رقم (437)، المعروف باسم “أبو جورج”، يبدأ من مستوطنة “ميشور أدوميم” شرق القدس مرورا بعناتا وحزما وصولا إلى دوار جبع، حيث يتصل بشارع (60). ويجري تنفيذ المشروع عبر الاستيلاء غير المشروع على مئات الدونمات، إضافة إلى مساحات تُصنَّف “مناطق عازلة”.

وأفادت محافظة القدس بأن الاحتلال سلّم خلال الأشهر الماضية عشرات الإخطارات بالهدم والإخلاء في بلدتي حزما وجبع، ضمن مخطط استيطاني أوسع لعزل البلدات الفلسطينية وربط المستوطنات الإسرائيلية بشبكة طرق خاصة تمنع الفلسطينيين من استخدامها أو تفرض قيودا مشددة على حركتهم.

وأوضحت المحافظة أن هذا الشارع، إلى جانب شبكة الطرق الالتفافية الأخرى، يخدم أهداف الاحتلال في تفتيت المناطق الفلسطينية وتحويلها إلى جيوب معزولة يسهل السيطرة عليها، ما يفاقم معاناة الفلسطينيين ويقوّض مقومات الحياة اليومية.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات