أخبار عاجلة

غرفة الاتهام ترفض طلب الإفراج عن المؤرخ بلغيث في قضية تصريحاته لقناة إماراتية

أيّدت غرفة الاتهام في الجزائر، قرار حبس المؤرخ محمد الأمين بلغيث على ذمة التحقيق، في القضية المتعلقة بتصريحاته الطاعنة في الأمازيغية على قناة إماراتية، في وقت كان يأمل دفاعه في إطلاق سراحه ومحاكمته فيد الإفراج.

وجاء إعلان خبر تأييد غرفة الاتهام لقرار قاضي التحقيق بحبس بلغيث من قبل هيئة دفاعه التي سبق لها أن رافعت لصالح الإفراج عنه، فهو أستاذ جامعي معروف وله عنوان ويوفر كل الضمانات لجعله يحاكم وهو خارج السجن، مثلما ينص قانون الإجراءات الجزائية.

وذكر عضو هيئة الدفاع توفيق هيشور أن “قرار تأييد إيداع الدكتور بلغيث يثير تساؤلات مشروعة، نظراً لما يمثله من رمزية فكرية ووطنية”. وأضاف في منشور له على فيسبوك “نؤكد دعمنا له من منطلق التمسك بحرية الرأي وضمان العدالة، بعيداً عن أي توتر أو تصعيد. الدفاع عن القامات الفكرية هو دفاع عن قيم الحوار والدولة المتوازنة”.

وسبق قرار غرفة الاتهام مطالبات بالإفراج عن بلغيث تحت قبة البرلمان من قبل عدد من النواب تحدثوا عن وطنيته وكونه ابن شهيد وباحث مؤلف في مجاله، وهي معطيات رأى النواب في أنها تشفع له في تجنيبه مصير السجن.

كما انتقد البعض ومنهم النائب عبد السلام باشاغا مهاجمة بلغيث على التلفزيون العمومي ووصفه بتاجر أيديولوجيا وصاحب نفس مريضة، متسائلا “هل تم تنصيب محاكم إعلامية على شاشات التلفزيون، ومنذ متى يحاكم الجزائري على نشرة الثامنة؟”.

وقال وزير العدل، لطفي بوجمعة، في رده على ذلك، إن هذه المسألة مطروحة على مستوى القضاء، مشيرا إلى أنه لا يمكن الحديث عنها في قنوات أخرى بما قد يندرج، ضمن التأثير على مسار معالجة القضية والقاضي الذي يتواجد بين يديه الملف. وذكر الوزير أن العدالة يحق لها، حين تصنف القضية كخطيرة، أو كقضية يجب إنارة الرأي العام بخصوصها لتفادي تأويلها، إصدار بيان وتسليمه للصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية.

وكان المؤرخ محمد الأمين بلغيث، وفق ما تسرب من التحقيقات، قد صرّح أنه وقع ضحية “تلاعب مونتاج” من طرف قناة سكاي نيوز عربية، التي أجرت معه الحوار. لكنه قال إنه لا يملك أي تسجيل يؤكد صحة تصريحاته لإثبات وقوعه ضحية هذا التلاعب من قبل القناة.

وذكر وفق ما نقله موقع “النهار” المحلي، أنه “تم حذف عدة عبارات من حواره” بخصوص كلامه عن “الأمازيغية”، لغرض ما، مشيراً إلى أن الصحفية “طرحت عليه سؤالاً مفخخاً”، لكنه أجابها “بناءً واستناداً إلى دراسات تاريخية تعود لباحثين قدامى”.

أما بخصوص وصفه لبعض المهاجرين في فرنسا بـ”الحركى”، فذكر بلغيث أنه كان يقصد من كلامه “بعض المغتربين الذين كانوا ضد الوطن ومصلحته في وقت سابق”، ثم أصبحوا “يدّعون الوطنية بعد حصولهم على الإقامة بفرنسا”، نافياً أن يكون قد قصد كل المهاجرين المقيمين هناك.

وعن حيثيات هذا اللقاء الصحفي، قال بلغيث إن أحد الصحافيين اتصل به بتاريخ 5 آذار/مارس وطلب منه المشاركة في حصة تلفزيونية مسجلة على قناة “سكاي نيوز عربية” بعنوان “العلاقات الجزائرية الفرنسية”، فوافق على الدعوة، وتم إرسال سائق تابع للقناة نقله إلى مكتب الاستوديو الكائن ببئر خادم في العاصمة.

وكان القضاء الجزائري بعد الضجة الواسعة التي أثارتها تصريحاته حول “الأمازيغية”، قد تحرك مع مطلع الشهر الجاري باتجاه توقيف المؤرخ محمد الأمين بلغيث الحبس المؤقت، حيث تمت متابعته عن طريق فتح تحقيق قضائي ضده بجناية القيام بفعل يستهدف الوحدة الوطنية بواسطة عمل غرضه الاعتداء على رموز الأمة والجمهورية جنحة المساس بسلامة وحدة الوطن وجنحة نشر خطاب الكراهية والتمييز عن طريق تكنولوجيات الإعلام الاتصال”.

 

وكان تصريح المؤرخ الجزائري محمد الأمين بلغيث، الذي قال فيه إن الأمازيغية “مشروع أيديولوجي فرنسي-صهيوني”، وإن أصل البربر يعود إلى “عرب فينيقيين”، قد أثار موجة واسعة من الاستياء وجدلا حادا في الأوساط السياسية والثقافية في الجزائر. ورأى كثيرون في هذه التصريحات مساسا مباشرا بأحد مقومات الهوية الوطنية الثلاثة، كما نص عليها الدستور الجزائري: الإسلام، والعروبة، والأمازيغية.

وجاءت تصريحات بلغيث خلال مقابلة مع قناة “سكاي نيوز عربية”، حين طُلب منه توضيح آرائه المثيرة للجدل حول الهوية الأمازيغية، وما إذا كانت تلك المواقف تمثل طمسا لهوية شعب بأكمله. وردّ بالقول: “ليست هناك ثقافة. هذا مشروع أيديولوجي صهيوني فرنسي بامتياز. لا وجود لشيء اسمه أمازيغية، هناك بربر، وهم عرب قدماء وفق ما يدين به كبار المؤرخين في الشرق والغرب”.

وأضاف بلغيث أن “قضية الأمازيغية تُعد، بإجماع عقلاء ليبيا والجزائر والمغرب، مشروعا سياسيا هدفه تقويض وحدة المغرب العربي، خدمةً لمشروع فرنسي يسعى إلى فرض مغرب فرنكوفوني”. وختم حديثه بالقول: “نحن نعود في أصولنا إلى الفينيقيين الكنعانيين، وهذا هو السر بيننا وبين خصومنا في الداخل والخارج”.

وفور انتشار المقطع، واجه بلغيث موجة انتقادات حادة من نشطاء وباحثين وصحافيين، وصفوا تصريحاته بأنها استفزازية وتحمل خلفيات سياسية. وطالب عدد منهم بإحالته للتحقيق بتهمة التشكيك في الثوابت الوطنية، في مقارنة مع قضية الكاتب بوعلام صنصال، الذي يقبع حاليا في السجن بسبب تصريحات اعتُبرت مسيئة للوحدة الترابية الجزائرية.

وتحدث البعض بأن بلغيث مارس ”تحريضا عرقيا” على منصة إعلامية خليجية لها سوابق في استهداف السيادة الجزائرية، وهو ما اعتبره سلوكاً يخرج من خانة حرية التعبير إلى خانة الطعن في وحدة الأمة.

وتطورت القضية إلى حد التسبب في توتر جديد في العلاقات مع الإمارات. وهاجم التلفزيون الجزائري الرسمي، بضراوة أبو ظبي على خلفية استضافة قناة تابعة لها للمؤرخ وبث تصريحات اعتبرت أنها “استهداف خطير لثوابت الشعب الجزائري العريقة ومحاولة التشكيك في أصولها وتاريخها العميق”.

وأضاف بيان التلفزيون أن تهجم الإمارات على الجزائر ذات التاريخ المقاوم ليس سوى محاولة يائسة من كيانات هجينة تفتقر إلى الجذور والسيادة الحقيقية”، مبرزا أنها تحولت إلى مصانع للفتنة وبث السموم الإيديولوجية مستغلة تاجر إيديولوجيا في سوق التاريخ”، في إشارة مباشرة للمؤرخ محمد الأمين بلغيث.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات