أخبار عاجلة

لطفي بوجمعة يتوعد بعقوبات صارمة ضد من “يسب الصحابة”

ثار تصريح لوزير العدل الجزائري، بشأن العقوبات المقررة بحق من يسيء إلى الصحابة، جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيد يرى فيه حماية للثوابت الدينية، ومعارض يعتبره توجهاً لا يتماشى مع السياق الفكري والديني للجزائر. كما أعاد هذا الجدل إلى الواجهة أسئلة متكررة حول حدود حرية التعبير، وعلاقة القانون بمفاهيم دينية وتاريخية متعددة التأويل.

وجاءت تصريحات الوزير لطفي بوجمعة، ردا على سؤال كتابي تقدم به النائب البرلماني أحمد بلجيلالي، حيث أوضح أن إساءة البعض للصحابة أو للأنبياء أو شعائر الإسلام تُعدّ جريمة يعاقب عليها القانون بموجب المادة 144 مكرر 2 من قانون العقوبات.

وتنص هذه المادة على أن كل من “أساء إلى الرسول، أو أحد الأنبياء، أو استهزأ بالمعلوم من الدين بالضرورة أو بأي شعيرة من شعائر الإسلام سواء عن طريق الكتابة أو الرسم أو التصريح أو أي وسيلة أخرى” يعاقب بالحبس من ثلاث إلى خمس سنوات، وبغرامة قد تصل إلى 100 ألف دينار، أو بإحدى العقوبتين.

وأكد الوزير أن النيابة العامة تباشر إجراءات المتابعة تلقائيًا عند رصد مثل هذه الأفعال، كما يمكنها تحريك الدعوى العمومية بناء على شكوى دون الحاجة لطلب الضحية، ما يعني أن القانون يضع المساس بهذه الرموز في خانة الجرائم العمومية.

واللافت أن هذه المادة موجودة منذ سنوات طويلة في قانون العقوبات الجزائري، وهي لا تورد الصحابة في نصها، إلا أن ردّ الوزير كان بمثابة تفسير أو تأويل للنص أدرج الصحابة ضمن الحالات التي تشملها العقوبة، وهو ما دفع البعض للاعتقاد خطأً بأنه تم سنّ قانون جديد لتجريم سبّ الصحابة، في وقت تساءل البعض الآخر عن مدى إلزامية التفسير الذي أعطاه الوزير للمادة القانونية وصور تطبيقه في ظل وجود نقاشات فكرية لا تنتهي حول الخلافات التي كانت بين الصحابة وانتصار البعض إلى الآن لطرف على الآخر.

وفي هذا السياق، كتب الصحافي محمد علواش: “قانون تجريم سب الصحابة لا علاقة له بالواقع الجزائري..”، في إشارة إلى غياب الظاهرة في يوميات الجزائريين. واعتبر معلق آخر، في نفس المعنى، أن القانون مستورد من سياقات طائفية لا تخص الجزائر، قائلا: “هو استيراد لقانون طائفي يخالف المرجعية الدينية التي يتغنون بها… لم يعرف عن أجدادنا سب الصحابة.” وأبرز متحدث ثان، أن القانون يحمل إشكالات قانونية ومنهجية، متسائلًا: “من هو الصحابي قانونًا؟ وهل يدخلون فعلًا ضمن المعلوم من الدين بالضرورة؟” .

ويشير الرافضون لهذا التفسير للقانون، إلى أن قضية سب الصحابة تتعلق أساسا بسياق شيعي في البلدان التي فيها خليط بين السنة والشيعة، بينما تعتنق الغالبية الساحقة في الجزائرالمذهب المالكي السني، وهو ما يعني إدخال الجزائريين حسبهم في نقاشات لا طائل منها. وإن كان هناك من أشار إلى وجود لظاهرة “التشيع” في البلاد، منذ عقود.

وخلال عرض مسلسل معاوية شهر رمضان الماضي، شهدت منصات التواصل نقاشات بين الجزائريين، حول شخصية هذا القائد الإسلامي، بين من منتقد له ومدافع عنه، دون أن يكون للأمر خلفية مذهبية، فيما رأت بعض التيارات أن معاوية يعد من الصحابة الذين لا يجب الطعن فيهم في كل الأحوال.

وفي هذا السياق، أشاد البعض بتوضيح الوزير معتبرين أنه يعد انتصارًا للثوابت الدينية، وهو ما ورد في تعليق أحدهم: “الحمد لله، نصر عظيم لأهل السنة في الجزائر، خمس سنوات سجن لمن تسوّل له نفسه سب الصحابة… شكرا لوزير العدل، ستُكتب في التاريخ نصيرًا لأهل السنة.” وأضاف: “كونوا شرسين في رفع الدعاوى ضد من يمسّ بحرمة الصحابة، فهؤلاء هم من حملوا إلينا هذا الدين المبارك.”  وكتب آخر، أن هذا القانون جاء ليؤلم من وصفهم بـ”الوثنيين وبعض الروافض”، مضيفًا: “الحداثة بمفهومهم هي العلك الدائم لسيرة الأسلاف… هذا القانون كشف الأقنعة، وأخرج الخنافس من جحورها.”، على حد قوله.

وفي خضم الجدل، نشر الإعلامي عبد العالي مزغيش منشورًا دافع فيه بشدة عن مضمون الرد الوزاري، وهاجم من قال إن القانون مُوجه ضد حرية التعبير. وكتب غاضبًا: “بعض من هاجموني يفهمون بمنطق البقر، اتهموني بأني أنا من شرّع القانون! لقد نقلت فقط مضمون وثيقة رسمية”، قبل أن يضيف بلهجة لاذعة: “مارسوا ساديتكم على الصحابة كما تشاؤون، لكن تذكروا أن هذا القانون وُضع بموافقة نواب الشعب، وهو يعكس إرادة المجتمع.”

وتثار من حين لآخر في المحاكم الجزائرية، قضايا الإساءة للدين الإسلامي، حيث لا يتردد القضاء في النطق بأحكام مشددة، وهو ما يثير حفيظة منظمات غير حكومية، تدعو لإلغاء مواد قانون العقوبات التي تمس حسبهم بالحرية الدينية.

ومن أشهر تلك القضايا، ما حدث مع الناشطة السياسية أميرة بوراوي التي أحيلت للمحاكمة في قضيتين تتعلقان بمنشوراتها حول مسائل دينية. وحوكمت بوراوي بناء على شكوى تقدم بها مجموعة من المحامين في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، بسبب ما اعتبروه إساءة الناشطة للرسول الكريم وصحابته عبر شبكات التواصل. وتتعلق الوقائع تحديدا بمنشورات تناولت الصحابي أبو هريرة الأكثر رواية للأحاديث عن الرسول الكريم بعبارات ساخرة، قامت لاحقا بحذفها من على حسابها. وأدينت الناشطة بالفعل، بسنتين حبسا بتهمة المساس بالمعلوم من الدين والاستهزاء ببعض الأحاديث النبوية.

كما واجه الناشط على مواقع التواصل، سعيد جاب الخير التهم نفسها سنة 2021، بسبب منشوراته التي يراها البعض مسيئة للدين. وقد حكم عليه  بالسجن ثلاث سنوات دون أمر إحالة وبغرامات مالية. ووجهت له التهم بعد أن قام مدرس في جامعة سيدي بلعباس غربي البلاد، برفع شكوى ضده أمام قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية من لسيدي محمد، معتبرا أن كتابات سعيد جاب الخير على فيسبوك تنتهك تعاليم دينية.

وقوبل الحكم على جاب الخير، بإدانة من منظمة العفو الدولية التي ذكرت في بيان لها، أن “معاقبة شخص ما لخوضه في العقائد الدينية هو انتهاك صارخ للحق في حرية التعبير وحرية الدين، حتى ولو اعتبر الآخرون التعليقات مسيئة”. وأبرزت آمنة القلالي نائبة مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة، أن “المحاكم الجزائرية ليست ملزمة بالحكم على المعتقدات الدينية وآراء الأفراد”، مطالبة بـ”إلغاء أي بند في قانون العقوبات الجزائري يجرم الحق في حرية التعبير أو الرأي أو المعتقد على وجه السرعة. “

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

gassama

كل شيء بالمقلوب

كل شيء بالمقلوب سبحان الله. نعاقب بقسوة من سب الصحابة وعادي بل وطبيعي سب الله صباح مساء .