أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الجمعة، في مؤتمر صحافي في بورتو، عن قلقه “الكبير” من الاحتجاز “التعسفي” في الجزائر للكاتب الجزائري-الفرنسي بوعلام صنصال وحيال “وضعه الصحي”.
وقال ماكرون الذي يقوم بزيارة دولة للبرتغال إنه “يجب تسوية وضع الكاتب بوعلام صنصال وعوامل أخرى قبل استعادة الثقة الكاملة بين فرنسا والجزائر”.
وفي ما اعتبرت “رسائل غير مشفرة” موجهة للسلطات الجزائرية، وفي مقدمها الرئيس عبد المجيد تبون، أشار ماكرون إلى أن الحكومة الفرنسية لها الحق في مراجعة اتفاقيات الهجرة بين البلدين بسبب رفض الجزائر قبول جزائريين جرى ترحيلهم من فرنسا.
وقد ترأس الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أمس الخميس، اجتماعا للمجلس الأعلى للأمن، حضره رئيس أركان الجيش الفريق أول سعيد شنقريحة، ومدير ديوان رئاسة الجمهورية، ووزيرا الداخلية والخارجية، ومديرا المخابرات الداخلية والخارجية، وقادة عسكريون وأمنيون آخرون.
ويأتي هذا الاجتماع في ظل استمرار التصعيد غير المسبوق بين الجزائر وفرنسا، وقد حذرت الجزائر، أمس، الحكومة الفرنسية من المساس باتفاقية الهجرة لسنة 1968، وأكدت رفضها بشكل قاطع “مخاطبتها بالمهل والإنذارات والتهديدات”، وتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل.
جاء ذلك في بيان لوزارة الخارجية، ردا على طلب رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو، الأربعاء، مراجعة الاتفاقيات بين باريس والجزائر وعلى رأسها اتفاقية الهجرة لسنة 1968، محددا مهلة من شهر إلى 6 أسابيع للقيام بذلك.
وجاء بيان الخارجية الرافض لطلب بايرو مراجعة الاتفاقية، عقب إعلان الرئاسة الجزائرية ترؤس الرئيس عبد المجيد تبون المجلس الأعلى للأمن.
وقالت الخارجية: “إن أي مساس باتفاقية 1968، التي تم أصلا إفراغها من كل مضمونها وجوهرها، سينجر عنه قرار مماثل من الجزائر بخصوص الاتفاقيات والبروتوكولات الأخرى من ذات الطبيعة”.
والاتفاقية هي عبارة عن نص قانوني خاص، ينظم تنقل وإقامة الجزائريين في فرنسا، وعرفت عدة تعديلات أهمها تعديل 1986 الذي فرض نظام التأشيرة على الرعايا الجزائريين.
وفي السياق، قالت الجزائر إنها ترفض “رفضا قاطعا مخاطبتها بالمهل والإنذارات والتهديدات”.
وأكدت أنها “ستسهر على تطبيق المعاملة بالمثل بشكل صارم وفوري على جميع القيود التي تفرض على التنقل بين الجزائر وفرنسا”.
وحذرت من أنها “لا تستبعد أي تدابير أخرى قد تقتضي المصالح الوطنية إقرارها”، دون أن توضح طبيعة هذه التدابير.
وأكدت أنها ستظل “حريصة على مكانتها الدولية وستبقى متشبثة باحترام وحدة الترسانة القانونية التي تؤطر حركة الأشخاص بين الجزائر وفرنسا، دون انتقائية أو تحوير عن المقاصد التي حددتها الجزائر وفرنسا بشكل مشترك لهذه الترسانة”.
وحملت “الطرف الفرنسي مسؤولية الإخلال بالالتزامات الوطنية والدولية، من خلال لجوئه المفرط والتعسفي للقرارات الإدارية بغرض ترحيل المواطنين الجزائريين وحرمانهم من استخدام طرق الطعن القانونية التي يضمنها التشريع الفرنسي في حد ذاته”.
ويأتي التصعيد الجديد بين الجزائر وباريس، عقب حادثة طعن بمدينة ميلوز شرق فرنسا قبل 5 أيام، اتهمت السلطات الفرنسية جزائريا صدر بحقه قرار ترحيل منذ مدة، بارتكابها.
والسبت، قتل شخص وأصيب 5 آخرون في هجوم نفذه مسلح بسكين بمدينة مولوز الفرنسية، فيما تم اعتقال المشتبه به في موقع الحادث.
وذكرت وسائل إعلام فرنسية أن المهاجم من مواليد الجزائر عام 1987، وصدر بحقه قرار بالترحيل. لكن السلطات الجزائرية رفضت استلامه لـ10 مرات، كما قالت الحكومة الفرنسية.
والثلاثاء، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جون نويل بارو، في مقابلة تلفزيونية، لأول مرة، أن بلاده أقرت تقييد حركة تنقل ودخول مسؤولين جزائريين يحملون جواز السفر الدبلوماسي إلى الأراضي الفرنسية.
ولجأت باريس إلى استخدام هذه الورقة التي طالب بها اليمين المتطرف، لإرغام الجزائر على قبول ترحيل مواطنيها الذي صدر بحقهم قرار الترحيل.
وعبرت الجزائر، الأربعاء عن دهشتها من القرار وقالت إنه يمثل “إخلالا صريحا” باتفاقية إعفاء حاملي جواز السفر الدبلوماسي من البلدين من التأشيرات.
وقالت إنها “أخذت على عاتقها الالتزام بالهدوء والاتزان وضبط النفس، وعملت على هدف وحيد يتمثل في ممارسة حقوقها والاضطلاع بواجباتها تجاه مواطنيها المقيمين في فرنسا”.
وأوضحت أن أحكام التشريع الفرنسي والاتفاقيات الثنائية والقانونين الأوروبي والدولي تصب جميعها في صف الجزائر، خاصة فيما يتعلق بالحماية القنصلية لرعاياها.
وتتهم الجزائر باريس بإضفاء “التصعيد والتوترات على العلاقات بين البلدين”، وأكدت أنها لم تبادر بأي شكل من أشكال القطيعة، بل “تركت الطرف الفرنسي وحده يتحمل المسؤولية بصفة كاملة”.
واعتبرت أن الرد السريع الذي ستتخذه حال المساس باتفاقية 1968، سيمكن “اليمين المتطرف البغيض والحاقد من كسب رهانه باتخاذ العلاقة الجزائرية الفرنسية رهينة له يوظفها لخدمة أغراض سياسية مقيتة لا تليق بمقامها ولا بمنزلتها”.
تعليقات الزوار
لا تعليقات