أخبار عاجلة

صحيفة إسرائيلية.. “سينتصر السنوار ولو ميتاً وسنخسر إسرائيل ولو نجحنا في ألف تكتيك”

يدور نقاش في الساحة السياسية والإعلامية في مسألة هل “انتهت الحرب”. بالنسبة للسياسيين من المعارضة، يستخدم القول “نعم” لأجل العودة إلى جدول الأعمال قبل 7 أكتوبر، الذي في مركزه خلاف الهويات وانعدام شرعية الحكومة الحالية. بالمقابل، يقف نتنياهو، الذي لا يريد انتهاء الحرب بل “النصر المطلق” – أي ستستمر على مدى أشهر فوق أشهر، في ظل نقاش عقيم عن “اجتياح رفح”، المهم ألا يعود الخطاب إلى المسؤولية وإلى الانتخابات، الأمر الذي يعرض استمرار ولايته للخطر.
السؤال هو: عن أي حرب نتحدث؟ العملية العسكرية في قطاع غزة تطول بلا معنى؛ والحملة العسكرية الناجحة كالتي في مستشفى الشفاء، ليست سوى تجفيف البحر بملعقة في ظل تجاهل الضرر الدولي المتعاظم والمراوحة التي تخلق تجسيداً بأن حماس تعود لتسيطر على الأماكن التي احتللناها قبل أشهر.
لكن الحرب الحقيقية لم تكن في قطاع غزة فقط، ولا حتى في غزة وفي الشمال؛ هي إقليمية، بل وبمعان معينة، عالمية. ورفض نتنياهو العلم بموجب ذلك، وبإسناد جهاز الأمن، نضع إسرائيل في خطر هزيمة استراتيجية في كل الجبهات.
مادياً، يجري تبادل للنار من اليمن والعراق عبر سوريا ولبنان وحتى الضفة وغزة. تشارك فيها جهات تبعث بها إيران، من الحوثيين حتى حماس، ضد إسرائيل (قبل كل شيء) ولكن أيضاً ضد الولايات المتحدة والدول الغربية وحتى مصر التي تعاني أكثر من الجميع من ضرر في النقليات البحرية في قناة السويس.
فكرياً، الولايات المتحدة أطرت القتال كمواجهة إقليمية منذ اليوم الأول، في ظل تدخل غير مسبوق وعرض هدف أكبر بكثير: تأسيس ائتلاف إقليمي بدعمها، يضم دولاً تتطلع إلى الاستقرار هي عرضة لتهديدات “محور المقاومة” الذي تقوده إيران (إسرائيل، السعودية، الإمارات، مصر، الأردن). وهذا سيوقع ضربة قاضية على الحرب الإيرانية بالوكالة في القطاع (حماس)، ويدفع عنصر المحور في لبنان (حزب الله) إلى الوراء، ويهدد مصالح إيران، ويوضح للمحور بوجود وزن مضاد عظيم القوة بإسناد من قوة عظمى عالمية.
هذا هو التأطير الذي يخافه نتنياهو، لأن شرطاً ضرورياً لوجود هذا الائتلاف هو قول إسرائيلي صريح بوجود كيان فلسطيني واحد في نهاية الأمر – السلطة التي اجتازت إصلاحات، وبالتعبير الأمريكي – التي تدير إسرائيل معها مسيرة سياسية. هذا تهديد مباشر على سلامة ائتلافه. من ناحيته، الحرب الصغيرة هي الغاية: الكتائب الأربع في رفح والحاجة لتفكيكها – الأمر سيستغرق زمناً طويلاً، وبعده سيتطلب زمناً آخر لـ “قص العشب”، بالضبط مثلما عدنا إلى الشفاء. وبعد ذلك، مسألة تكتيكية أخرى، تعقبها مسألة أخرى مثلها. هذا الزمن الدائري، الساعة التي تتقدم لكنها لا تسير إلى أي مكان، هو عنصر وجود الحكومة الحالية.
لهذا معنى صعب ليس في الجانب الاستراتيجي فقط، بل أيضاً في موضوعين إسرائيليين أليمين: المخطوفون والنازحون. الشرط الحقيقي لصفقة المخطوفين ليس العبور من الجنوب إلى الشمال في القطاع أو عدد السجناء، بل استعداد إسرائيل لأن يكون في نهاية المسيرة، حين يتحرر المخطوف الأخير، وقف للقتال الحالي في القطاع. حتى ذلك الحين، لا يمكن أن تتحقق عودة 80 ألف نازح من شمالي البلاد، وعلى الرغم من أن حزب الله لا يريد حرباً واسعة، فقد أوضح استمرار النار ما دامت نار حماس في غزة.
توافق كهذا لن يكون نهاية النزاع مع حماس أو مع الفلسطينيين. العكس هو الصحيح: إذا استغللنا الزمن لبلورة البنيان الإقليمي حيال الحرب الإقليمية، فإننا لن نثبت وزناً ضد التهديد الحقيقي فقط، بل ونتلقى شرعية لعمل مستقبلي يمنع نمو حماس. ومن يعتقد أنها نظرة متفائلة أكثر مما ينبغي، يجدر به أن يفكر بالبديل المتحقق كل يوم: الشركاء الآخرون، والولايات المتحدة على رأسهم، سيتوجهون إلى شؤون أخرى. ستبقى إسرائيل مع مشكلة غزة على التداعيات الدولية القاسية فيها، والتي معناها السياسي والاقتصادي هدام، وبالأساس، تقف وحدها أمام محور المقاومة الإيراني. سيكون هذا تحققاً للرؤية الظلامية التي سعى السنوار لإطلاقها في 7 أكتوبر. سُنهزم استراتيجياً في ألف انتصار تكتيكي، هو (حي أم ميت) سينتصر بينما ينهزم في كل معركة.
هذا هو الخيار الحقيقي لإسرائيل الآن: الموافقة على وقف القتال الحالي في غزة، بما في ذلك الانتشار على خطوط دفاع ووقف نار طويل، من أجل الانتصار انتصاراً سياسياً في الحرب الإقليمية والوقوف في وضع أفضل من موقفنا في 6 أكتوبر، لإعادة المخطوفين إلينا ونازحي الشمال إلى بيوتهم، أو المواصلة مثلما تفعل الحكومة والجيش الآن في الحرب الصغيرة والعابثة لتفكيك كتيبة أخرى وصيد إيراني آخر في دمشق وموقع مضاد للطائرات في لبنان حتى “النصر المطلق” – هزيمة في الحرب الكبرى التي هي ليست أقل من خطر وجودي.
عوفر شيلح

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات