نشر موقع ميدل ايست آي مقالا للدكتورة مريم الدوسري اعتبرت فيه أن بعض “أبطال القضية النسوية الغربيين احتفظوا بغضبهم لمحنة النساء الإسرائيليات، متجاهلين المعاناة الكارثية للنساء الفلسطينيات في غزة”.
ورأت الكاتبة أنه ومند بداية الحرب على غزة تغلغلت رواية مثيرة للقلق في وسائل الإعلام الغربية، تصور إسرائيل باعتبارها نموذجا للحضارة يتناقض بشكل صارخ مع تصفه أنه معقل التخلف في الشرق الأوسط إلى حد وصف شعوب تلك المنطقة بمملكة الحيوانات. وأضافت أن مثل هذا التحيز ليس بالأمر الجديد، بل تم تضخيمه من خلال وسائل الإعلام في بريطانيا حيث تواصل الدعاية الإعلامية تشويه المجتمع العربي. ولكن كان من المثير للقلق بشكل غير متوقع أن نسمع مثل هذه التشوهات على ألسنة ناشطات نسويات بريطانيات، وصار المرء يشعر بالخيبة لعدم عثوره على أصوات ناشطات نسويات معروفات في المملكة المتحدة يتعاطفن مع ما تواجهه النساء والأطفال الفلسطينيون.
وترى الكاتبه أنه وعلى الرغم من تحذير محكمة العدل الدولية من أن الهجوم الإسرائيلي على غزة يمكن أن يكون إبادة جماعية، يبدو أن بعض المدافعين عن حقوق المرأة الغربية الأكثر صخباً ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي قد احتفظوا بتضامنهم مع النساء الإسرائيليات وحدهن.
وأوضحت “باعتبارنا نسويات، فإن عقيدتنا المتمثلة في تصديق النساء وإدانة استخدام الاغتصاب في الصراعات كسلاح، هو أمر غير قابل للمساومة حتى في المواقف المعقدة حيث تندر شهادات الضحايا المباشرة وتأتي الأدلة من كيانات مثل الجيش الإسرائيلي. ومع ذلك، فإن غياب التعاطف والغضب المشابهين تجاه محنة النساء والأطفال الفلسطينيين يكشف عن معايير مزدوجة صادمة وفشل أخلاقي عميق.
فهذه ليست المرة الأولى التي يفشل فيها دعاة حقوق النساء الغربيون. وهذا النوع من النسوية التي تسليط الضوء فقط على القضايا المستساغة للأذواق الغربية، غالبًا ما يتجاهل اهتمامات النساء ذوات البشرة السمراء. وهذا النمط المزعج واضح بشكل لا لبس فيه، فيما يشار إليه على نطاق واسع باسم “النسوية الإمبراطورية”.
وتذكر الكاتبة نموذجا عن تلك الانتقائية فتقول “لنتأمل هنا الاحتجاج الذي أطلقته الناشطات النسويات في المملكة المتحدة إزاء القضية المأساوية التي تعرضت لها الإيرانية مهسا أميني مما أدى إلى وفاتها، وهذة قضية أثارت رد فعل عالمي على محنة أميني وأدت إلى حركة احتجاج نسوية كبيرة، وتضامن واسع في المملكة المتحدة، حيث نظمت احتجاجات لقص الشعر في قلب لندن.
وبالمقابل، فإن الوضع المزري الذي تواجهه النساء والأطفال الفلسطينيون في غزة لم يحظ بجهود المناصرة الصاخبة والعاطفية المماثلة. ويبدو الأمر كما لو أن الغضب النسوي يتم إظهاره بشكل انتقائي نحو القضايا التي تتناسب مع السردية الغربية للتحرر، تاركة قضايا أخرى، مثل تلك الموجودة في فلسطين، في الظل.
وترى الكاتبة أنه وبالنسبة لفلسطين، تعيد دورة التاريخ القاتمة نفسها، فتقوم الإمبريالية والاستعمار الغربيان بنشر روايتهما المألوفة، بالادعاء أن المرأة الفلسطينية بحاجة إلى “الإنقاذ” من حماس، المصنفة على أنها جماعة إرهابية في المملكة المتحدة ودول أخرى.
وهذا مشابه للسرديات الغربية المعتمدة في مقاربة الحال في أفغانستان والعراق، والتي تركزت على تحرير “النساء السمراوات من الرجال السمر”، وأنه وفي الوقت نفسه، فإن المحنة الفعلية والمستمرة للنساء الفلسطينيات ليست أكثر من مجرد أمور ثانوية (برأيهم).
وتختم الكاتبة أن صمت أولئك الذين ينبغي أن يكونوا الأعلى صوتاً ضد العنف الذي يتعرض له النساء والأطفال في غزة، إلى جانب تركيزهم على حماس، يتناقض مع المبادئ ذاتها التي تدعي الحركة النسوية التمسك بها، في الوقت الذي تواجه النساء الفلسطينيات مصاعب لا يمكن تصورها من الجوع ونقص المياه النظيفة والنقص الحاد في الضروريات الأساسية حتى أن البعض منهن يأكل العشب للبقاء على قيد الحياة. ومن المثير للدهشة وجود ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي حول النسوية والسلطة الأبوية بشأن خسارة نجمة باربي لترشيح لجائزة الأوسكار، أكثر بكثير من تلك الضجة حول الظروف القاسية للنساء الفلسطينيات اللاتي يلدن دون رعاية في المستشفى أو توفر شروط النظافة الأساسية، وعدم وجود تخدير للعمليات القيصرية الحيوية، ووفيات الأطفال حديثي الولادة التي تفطر القلب، بسبب غياب الرعاية الصحية. ويكشف هذا الصمت الذي يصم الآذان، عن الإفلاس الأخلاقي للحركة النسوية الغربية من خلال تجاهلها لمأساة النساء الفلسطينيات.
تعليقات الزوار
لا تعليقات