قرر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي رفع الحد الأدنى للأجور بنحو 50 بالمئة إلى 6 آلاف جنيه (194 دولارا) وذلك اعتبارا من بداية الشهر المقبل، في إجراء يأتي بينما تواجه مصر أزمة مالية طاحنة ازدادت تفاقما مع انهيار قيمة الجنيه، بينما لم يتضح بعد مصدر تمويل هذا الزيادة التي تتناقض مع أزمة مزمنة، فيما يرجح أن القرار يأتي لاحتواء احتقان اجتماعي كامن.
وكان من المتوقع أن تتخذ الحكومة المصرية إجراءات تقشفية قاسية ضمن جهود مواجهة شح الدولار وتراجع في الاستثمارات الأجنبية وديون خارجية أثقلت كاهل الدولة، وهي مشاكل ليست طارئة ولكنها تتفاقم وتثقل على الولاية الرئاسية الجديدة للسيسي.
ويتنامى شعور الغضب في الشارع المصري بين الطبقتين الضعيفة والوسطى التي طالتهما شظايا الأزمة، فيما يمثل الطبقتان غالبية المكون الاجتماعي المؤثر سياسيا.
وقال متحدث باسم الرئاسة المصرية، إن القرار سيسري اعتبارا من مارس/آذار القادم في إطار "حزمة من الإجراءات الاجتماعية العاجلة" بقيمة 180 مليار جنيه (5.8 مليارات دولار).
وتأتي توجيهات السيسي في وقت تشهد فيه مصر انخفاضا في قيمة الجنيه. وقال بعض المحللين إن قيام البنك المركزي برفع سعر الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس الأسبوع الماضي قد يشير إلى تخفيض محتمل لقيمة العملة.
وجرى تداول الجنيه المصري الذي ثبت سعره الرسمي عند 30.85 جنيه للدولار في السوق السوداء في وقت سابق من هذا الشهر عند 71 جنيها للدولار.
وتضمنت الحزمة الاجتماعية رفع حد الإعفاء الضريبي على الدخل السنوي من 45 ألف جنيه إلى 60 ألفا بالإضافة إلى زيادة المعاشات للمستفيدين من برامج تكافل وكرامة وهو برنامج يقدم دعما نقديا شهريا للأسر الأشد فقرا بنسبة 15 بالمئة شهريا.
كما شملت القرارات "زيادة دخول العاملين بالدولة والهيئات الاقتصادية" بدءا من شهر مارس/آذار بحد أدنى يتراوح بين 1000 جنيه (33 دولارا) إلى 1200 جنيه، بالإضافة إلى رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50 بالمئة.
وقال صندوق النقد الدولي يوم الخميس إنه اتفق مع مصر على مكونات السياسة الرئيسية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، في علامة أخرى على أن الاتفاق النهائي لزيادة قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار يقترب من الاكتمال.
وتعاني مصر من أزمة اقتصادية ونقص مزمن في العملة الأجنبية وأجرت محادثات مع الصندوق على مدى الأسبوعين الماضيين لإحياء وتوسيع اتفاقية القرض الموقعة في ديسمبر/كانون الأول 2022.
وزادت معاناة الاقتصاد جراء الحرب في غزة التي أضعفت السياحة وقلصت الشحن عبر قناة السويس، وهي مصدر رئيسي للعملة الأجنبية.
لكن استطلاعا للرأي أجرته رويترز اليوم الأربعاء أظهر أن التضخم في مصر انخفض على الأرجح للشهر الرابع في يناير/كانون الثاني بسبب تأثيرأساس إيجابي، إلا أن التضخم قد يرتفع مرة أخرى إذا مضت الحكومة قدما في خفض متوقع على نطاق واسع لقيمة الجنيه. وتأثير الأساس أو القاعدة هو المقارنة مع الفترة نفسها من العام السابق.
ومن المتوقع أن يتباطأ التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى 32.5 بالمئة في يناير/كانون الثاني من 33.7 بالمئة في ديسمبر/كانون الأول، وفقا لمتوسط توقعات 18 محللا شملهم الاستطلاع. ويشهد التضخم انخفاضا مطردا من أعلى مستوى قياسي بلغ 38.0 بالمئة في سبتمبر/أيلول الماضي.
وكتب ألين سانديب من نعيم للسمسرة في مذكرة "نتوقع أن ينخفض التضخم السنوي (مؤشر أسعار المستهلكين في المدن) أكثر، مدعوما فحسب من تأثير أساس سنوي إيجابي (يبلغ -5.4 بالمئة)، لكن التقديرات تشير إلى احتمال ارتفاع التضخم الشهري".
ورفعت الحكومة في الشهر الحالي أسعار تذاكر قطارات الأنفاق (المترو) بما يصل إلى 20 بالمئة وخدمات الإنترنت بما يصل إلى 33 بالمئة وأسعار الكهرباء بما يصل إلى 26 بالمئة.
وقال محللون إنه من المتوقع أن تشهد مصر عودة التضخم إلى الارتفاع في الأشهر المقبلة، خاصة إذا خفضت الحكومة قيمة الجنيه مثلما هو متوقع على نطاق واسع.
وكتب فاروق سوسة من بنك غولدمان ساكس يقول "توقعات التضخم في مصر غير مؤكدة بشدة وستتوقف إلى حد بعيد على مدى أي خفض لسعر الصرف الرسمي للجنيه في الأسابيع أو الأشهر المقبلة". وثبتت الحكومة العملة عند 30.85 جنيه للدولار منذ مارس/آذار لكن العملة تراجعت إلى نحو 60 جنيها مقابل الدولار في السوق السوداء.
تعليقات الزوار
لا تعليقات