تتواصل عمليات القصف والمعارك في محيط مستشفيات غزة الأحد بين حركة حماس وجيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يحاول التوغل في أحياء شمال القطاع، ما يهدّد حياة آلاف العالقين في مرافق صحية واضطر مستشفيات أخرى لإجلاء المرضى الذين صاروا “في الشوارع بدون رعاية طبية”، بحسب مسؤول محلي.
الصحة العالمية: الوضع في مستشفى الشفاء بغزة “خطير جدا”
وصف مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الوضع في مستشفى الشفاء بقطاع غزة بأنه “خطير جدا”.
وقال غيبريسوس في تدوينة عبر منصة إكس، الأحد، إنهم نجحوا في التواصل مجددا مع العاملين في القطاع الصحي بمستشفى الشفاء.
وأضاف: “الوضع في مستشفى الشفاء بغزة خطير جدا، ثمة زيادة كارثية في وفيات المرضى، للأسف المستشفى لم يعد يقدم خدماته كمستشفى”.
وأشار أن “3 أيام مرت على المستشفى دون كهرباء وماء، وضعف في الإنترنت”.
وأكد أن هذا الوضع أثّر بشكل كبير على توفير خدمات الرعاية الأساسية.
وشدد على أنّ “أصوات الأسلحة والقصف المستمر في المنطقة، زادت الأوضاع السيئة سوءا”.
وشدد على أنّ العالم “لا يمكن أن يبقى صامتا تجاه تحويل المستشفيات التي من المفترض أن تكون مناطق آمنة، إلى أماكن موت ودمار ويأس”.
ودعا غيبرييسوس إلى “وقف فوري لإطلاق النار”.
وتتعرّض مناطق أخرى في قطاع غزة لقصف الاحتلال، بعضها في الجنوب حيث وصل عشرات آلاف الفلسطينيين خلال الأيام الماضية، ويصعب عليهم كما على من وصل قبلهم، إيجاد مأوى وغذاء ودواء وماء للشرب أو للاستحمام في ظل الحصار المطبق الذي تفرضه قوات الاحتلال ردّا على الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة حماس ضدها في السابع من تشرين الأول/أكتوبر وأودى بنحو 1200 إسرائيلي.
وفي حصيلة جديدة، أعلنت حكومة حماس الأحد أن 11 ألفا و180 فلسطينيا استشهدوا في القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، ومن بين الشهداء 4609 أطفال و3100 امرأة، فضلا عن إصابة 28 ألفا و200 شخص.
وأعلن وكيل وزارة الصحة التابعة لحركة حماس يوسف أبو الريش أن قوات الاحتلال دمّرت “بالكامل مبنى قسم القلب في مستشفى الشفاء“، حيث لا يزال عشرات الآلاف من النازحين والجرحى والمرضى عالقين.
وقال أبو الريش أن “5 أطفال رضع” و”سبعة مرضى في العناية المكثفة” استشهدوا بسبب انقطاع الكهرباء في المستشفى الأكبر في قطاع غزة الذي يتعرض لقصف إسرائيلي مستمر، مضيفا “نتوقع أن يتضاعف عدد الشهداء حتى الصباح”.
وكان المستشفى أعلن أن 39 طفلا رضيعا لا يزالون فيه وأن ممرضين يلجأون إلى التنفس الاصطناعي اليدوي لإبقائهم على قيد الحياة، فيما أشار طبيب في منظمة “أطباء بلا حدود” إلى أن 17 مريضا موجودون في قسم العناية المركزة.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي نفى في وقت سابق استهداف المستشفى بشكل متعمد، لكنه كرّر اتهام حماس باستخدام المرافق الطبية مقار لها ولقيادييها وبنيتها العسكرية، وهو ما تنفيه الحركة.
ولفت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقابلة مع قناة “سي إن إن” إلى أنه تم إجلاء حوالي مئة مريض من مستشفى الشفاء.
حماس تنفي رفضها تزويد الاحتلال الإسرائيلي مستشفى الشفاء بالوقود
نفت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) اليوم الأحد ما تردد عن رفضها 300 لتر من الوقود من سلطات الاحتلال الإسرائيلي كانت مخصصة للاستخدام الطبي في مستشفى الشفاء في غزة.
وأضافت حماس في بيان أن “عرض إسرائيل تزويد مستشفى الشفاء بحوالي 300 لتر من الوقود يمثّل استخفافا بآلام وعذابات المرضى والطواقم الطبية، المحاصَرين بين جنباته، بلا ماء أو غذاء أو كهرباء، فهذه الكمية لا تكفي لتشغيل المولدات فيه لأكثر من نصف ساعة”.
وأكدت في البيان أيضا أنها ليست طرفا في إدارة مستشفى الشفاء وأنه “لا وجود لها ضمن هيكلية اتخاذ القرارات فيه، وأنه يخضع بشكل كامل لسلطة وزارة الصحة الفلسطينية، التي تدير شؤونه الإدارية والفنية”.
وكان مدير مجمّع الشفاء محمد أبو سلمية حذّر من أن “الطواقم الطبية عاجزة عن العمل، وجثث الشهداء بالعشرات لا يمكن التعامل معها أو دفنها”.
وطالب مدير مستشفيات قطاع غزة محمد زقوت “بإنقاذ الأطفال في الحضانات لأن الوقت ينفد لإنقاذ أرواحهم”.
من جهتها، قالت مديرة جمعية العون الطبي للفلسطينيين (ماب) ميلاني وارد “سيارات الإسعاف عاجزة عن الوصول إلى المستشفى، خصوصًا تلك التي لديها المعدات اللازمة لنقل هؤلاء الأطفال، ولا يوجد أي مستشفى لديه القدرة على استقبالهم، لذلك ليس لدينا ما يشير إلى أن عمليات النقل هذه يمكن أن تتم بأمان”.
وأعرب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس عن قلقه الأحد بعد “فقدان الاتصال” مع محاوريه في الشفاء.
وأكد زقوت أن “الإخلاء القسري لمستشفيي النصر والرنتيسي للأطفال أخرج المرضى للشوارع بدون رعاية طبية”، مضيفا “فقدنا الاتصال تمامًا بالكادر الطبي بمستشفيي النصر والرنتيسي للأطفال”.
وفي وقت سابق الأحد،زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي فُتح “ممرّ آمن يمكّن السكان المدنيين من الخروج مشيا أو بواسطة سيارات الإسعاف من مستشفيات الشفاء والرنتيسي وناصر”.
“الصحة” الفلسطينية تستغيث بـ”الصليب الأحمر” لإنقاذ مرضى وجرحى غزة
وجهت وزيرة الصحة الفلسطينية د. مي الكيلة نداء استغاثة عاجل للجنة الدولية للصليب الأحمر من أجل الضغط لإنقاذ مئات المرضى والجرحى المهددين بالموت في أي لحظة جراء قصف إسرائيل للمستشفيات في قطاع غزة.
جاء ذلك خلال اجتماعٍ طارئ عقدته الوزيرة الفلسطينية مع ممثل اللجنة في القدس جان فيليب ومنسق الشؤون الصحية للصليب الأحمر د. جراهام دوغان، اليوم الأحد.
وقالت الكيلة في بيان على منصة فيسبوك إن “مئات المرضى والجرحى مهددون بالموت في أي لحظة جراء قصف المشافي ومحاصرتها وانقطاع التيار الكهربائي ونفاذ الوقود والأدوية والمستلزمات الطبية، وانعدام أدنى مقومات الحياة فيها”.
واستعرضت الوزيرة “الوضع الصحي الكارثي في قطاع غزة، والاعتداءات التي يشهدها النظام الصحي، حيث توقفت 23 مستشفى من أصل 35 عن العمل بشكل كامل، كما تحاصر قوات الاحتلال العديد من المشافي وتمنع الدخول أو الخروج منها للطواقم الطبية والمسعفين والمرضى”.
وأكدت الوزيرة أن “المواطنين في القطاع يعيشون ظروفاً صحية مأساوية حيث لا مكان آمن ولا توجد أي شروط للبقاء على قيد الحياة كالماء والغذاء والأمان والرعاية الصحية، وفوقها القصف الإسرائيلي الذي أدى إلى استشهاد أكثر من 11 ألفاً وإصابة ما يريد على 27 ألف مواطن، وفقدان نحو 3 آلاف آخرين”.
وطالبت الكيلة مجدداً كافة المؤسسات والمنظمات الدولية والحقوقية أن “تقف عند مسؤولياتها من أجل وقف العدوان الإسرائيلي والسماح فوراً بإدخال الدعم الصحي والوقود للمشافي والسماح للمرضى بالخروج للعلاج خارج القطاع وكذلك دخول الفرق الطبية المتطوعة للقطاع، وأيضاً الماء والغذاء”.
نتنياهو يشير إلى اتفاق تبادل محتمل
ويتصاعد الدخان من مناطق عدة في قطاع غزة، كما تظهر صور ومقاطع فيديو تسمع فيها أصوات رصاص وانفجارات في اليوم السابع والثلاثين من الحرب.
في الأثناء، تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقابلة مع شبكة “إن بي سي” الأمريكية الأحد عن احتمال التوصل إلى اتفاق للإفراج عن أسرى تحتجزهم حركة حماس.
ويقدّر جيش الاحتلال الإسرائيلي أن أكثر من 240 شخصا اقتيدوا أسرى الى قطاع غزة بعد هجوم حماس، وبين هؤلاء 30 طفلا على الأقل، وفق وسائل إعلام عبرية.
واعتبر نتنياهو أن الأمور تتقدم بفضل الضغوط العسكرية الإسرائيلية، قائلا “لم نكن قريبين على الإطلاق (من التوصل إلى اتفاق)، حتى بدأنا العمليات البرية… في اللحظة التي بدأنا فيها العمليات البرية، بدأت الأمور تتغير”.
وتقول حركتا حماس والجهاد الإسلامي إنهما تمكنتا من تدمير عدد من الآليات العسكرية الإسرائيلية.
من جهته، قال مسؤول فلسطيني في غزة طالبا عدم الكشف عن هويته إن نتنياهو “مسؤول عن تعطيل وإعاقة الوصول لاتفاق مبدئي للإفراج عن عدد من أسرى المقاومة”، مضيفا أن “المقاومة في الميدان لا تتأثر بسير المفاوضات”.
نزوح كثيف
وأعلن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الأحد استشهاد وإصابة “عدد كبير” من الأشخاص جراء قصف طال مقرا له في مدينة غزة كان قد أخلي من الموظفين تمهيدا لاستقبال النازحين.
وأظهرت مقاطع مصورة حفرة في وسط باحة مدرسة تديرها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” في مدينة بيت لاهيا بشمال قطاع غزة.
في الجنوب الذي نزح إليه عشرات آلاف الفلسطينيين بعد إنذارات من جيش الاحتلال الإسرائيلي، أصبح الوضع الإنساني كارثيا.
وتجلس مئات العائلات على جانبي الطريق ويبدو على أفرادها التعب، ويتصبّب العرق من البعض، وينام أطفال على الأرض بينما يتكئ آخرون على أمهاتهم.
وقال يوسف مهنا الذي نزح من جباليا في شمال القطاع إلى خان يونس “زوجتي مريضة، وأصبتُ بجروح مع ابنتي حين قُصف منزلٌ مجاور ودمّر منزلنا، ونحن محاصرون منذ 25 يوماً بدون أكل ولا شرب ولا شيء”.
أما أم يعقوب أبو جراد (42 عاماً) فنزحت من حي الشجاعية شرق مدينة غزة. وقالت بألم “أبنائي مَرِضوا. لا أجد لهم حتى رغيف خبز. من أين أحضر لهم طعاماً، أشحذ منذ الساعة السادسة صباحاً لأجد لهم ربطة خبز”.
وبحسب بيان عسكري إسرائيلي الأحد، فُتح “ممرّ آمن يمكّن السكان المدنيين من الإخلاء مشيا على الأقدام أو بواسطة سيارات الإسعاف من مستشفيات الشفاء والرنتيسي وناصر”.
وأشار جيش الاحتلال إلى ممر بالتحديد من “مجمع الشفاء الطبي عن طريق شارع الوحدة ومن ثم إلى طريق صلاح الدين والانتقال إلى جنوب وادي غزة”.
وردت شاينا لو من منظمة “أن آر سي- فلسطين” غير الحكومية “كيف يمكن للجرحى أن يمشوا لكيلومترات من أجل بلوغ مكان آمن؟”.
وأضافت أنه في حال وصولهم إلى الجنوب، “كل المستشفيات هناك تشكو من نقص”.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي زعم السبت أن مئتي ألف فلسطيني نزحوا خلال ثلاثة أيام من الشمال إلى الجنوب، عبر “ممرات” تفتح يوميا لبعض الوقت.
وأعيد بعد أيام من الإقفال فتح معبر رفح مع مصر، المنفذ الوحيد للقطاع إلى العالم الخارجي.
وخرج الأحد 800 من حاملي جوازات السفر الأجنبية و20 جريحا فلسطينيا من قطاع غزة في اتجاه مصر، وفق ما أكد مسؤولون على الجانب الفلسطيني من المعبر.
وتمرّ كميات محدودة من المساعدات عبر معبر رفح إلى القطاع البالغة مساحته 360 كيلومترا مربعا، والذي يقطن فيه قرابة 2,4 مليون شخص.
وقامت طائرة عسكرية أردنية بإنزال “مساعدات طبية عاجلة” فوق غزة مخصصة للمستشفى الميداني الأردني، وذلك للمرة الثانية منذ بدء الحرب، وفق ما أعلن الجيش الأردني الأحد. وأكدت سلطات الاحتلال تنسيق العملية معها.
قصف متبادل
وتتزايد المخاوف من اتّساع رقعة الحرب إقليميا.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي الأحد أنّ طائراته الحربيّة قصفت مواقع “بنى تحتيّة إرهابيّة” في سوريا بعد عمليّة إطلاق صواريخ استهدفت الجزء المحتل من هضبة الجولان.
كما تواصل تبادل القصف بين إسرائيل وحزب الله في جنوب لبنان، إذ أكد متحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي إطلاق نيران المدفعية في اتجاه جنوب لبنان الأحد بعد إصابة عشرة مدنيين جراء سقوط صاروخ من لبنان.
أما حزب الله اللبناني فأكد في بيان “استهداف قوة لوجستية تابعة لجيش الاحتلال كانت بِصدد نصب أعمدة إرسال وأجهزة تنصت وتجسس في تجمع مُستحدث قرب ثكنة دوفيف”.
وأعلنت كتائب القسام-لبنان مسؤوليتها عن قصف شمال حيفا وشلومي ونهاريا “بعدة رشقات صاروخية مركزة رداً على مجازر الاحتلال وعدوانه على أهلنا في قطاع غزة”.
في أنقرة، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للضغط على الولايات المتحدة لحملها على وقف الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، مشددا على أنه لن يكون هناك أي اتفاق ما لم تقبل واشنطن بأن القطاع أرض فلسطينية.
في المقابل، أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس الأحد رفضه وقفا “فوريا” لإطلاق النار في قطاع غزة، في وقت تتكرر الدعوات في هذا المعنى في أنحاء العالم مع استمرار القصف الإسرائيلي الكثيف للقطاع.
وندد الاتحاد الأوروبي الأحد باستخدام حركة حماس “المستشفيات والمدنيين دروعا بشرية” في قطاع غزة، مع دعوته إسرائيل إلى “أكبر قدر من ضبط النفس” بهدف حماية المدنيين في الحرب المستمرة.
تعليقات الزوار
لا تعليقات